إيران... سنة تحصين النظام

الدار البيضاء اليوم  -

إيران سنة تحصين النظام

بقلم - مصطفى فحص

للمرة الثانية تستقبل إيران العام الجديد على واقع احتجاجات متواصلة تتصاعد وتيرتها بين فترة وأخرى، لكنها تختلف عن مظاهرات العام الماضي سياسياً واقتصادياً نتيجة إعادة فرض العقوبات الأميركية على إيران والتي تسببت في تعطيل حركة الاستيراد والتصدير وزادت من الصعوبات المالية على القطاع المصرفي الإيراني الذي يعاني أصلا من شح في العملة الصعبة، وعجز حكومي في تأمين الحلول لتهدئة الشارع المُصِر على الاستمرار في حركة الاحتجاجات المطلبية، وفشلها في احتواء أزمتي الدواء والرواتب والحد من ارتفاع نسب البطالة والتضخم.

ويشكل إضراب عمال مصانع قصب السكر في الأحواز - والتي تعتبر في مقدمة الصناعة الزراعية الأساسية في إيران إذ تشكل جزءا من الناتج القومي الإيراني - تهديدا للاستقرار في منطقة تعاني من اضطرابات ما بين النظام والمواطنين نتيجة إهمال تاريخي متعمد، فحجم الاحتقان وسط الشارع الإيراني دفع طلاب الجامعة الإسلامية الحرة (آزادي) إلى التظاهر للمطالبة بإقالة رئيس مجلس أمناء الجامعة مستشار المرشد للشؤون الخارجية الوزير علي ولايتي، نتيجة حادث اصطدام حافلة تنقل طلابا داخل حرم الجامعة، ما أدى إلى وفاة 10 أشخاص.

وقد كشفت التحقيقات الأولية أن الإهمال في ترميم الطرقات وعدم تقديم الصيانة اللازمة للحافلات التي من المفترض أن تخرج من الخدمة منذ سنوات نتيجة قِدمها هي الأسباب المباشرة للحادثة، ما فتح أزمة بين الطلاب وإدارة الجامعة استدعت تدخلاً مباشراً من مدعي عام طهران محمد جعفر منتظري الذي دعا المتظاهرين إلى التهدئة ووعدهم بمحاسبة المقصرين.
في هذا الوقت تستمر الاحتجاجات المطلبية على وقع إنذارين للنظام، الأول صدر عن ابنة مهندس النظام الإيراني فائزة هاشمي رفسنجاني والثاني على لسان حفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية حسن الخميني، ففي تصريح لافت لفائزة رفسنجاني قالت فيه «إن النظام يمر بمرحلة انهيار من الداخل»، وأضافت «أن الانهيار حدث من داخل النظام والآن أكثر الناس ينظمون احتجاجات من سائقي الشاحنات إلى المعلمين» وأكدت «أن السبب الوحيد لعدم حدوث السقوط الكلي بعد يعود إلى خوف الناس من عدم وجود بديل إذا ما رحل هؤلاء».
أما السيد حسن الخميني الذي يُعتبر عميد أسرة الخميني، فقد حذر النظام من الاهتمام فقط بالشكليات بدلا من أمهات المشاكل ما ينذر بعواقب غير سعيدة للحكومات، ونقلت وكالة «إيسنا الطلابية» خطابه الذي ألقاه في حسينية إرشاد في طهران قوله: «علينا التعرف على قواعد السلوك البشري وأسباب السقوط والثبات حتى نعمل بها في الحياة العادية، خلاف ذلك لا ضمان لأن نبقى ويذهب الآخرون. إنْ لم تراعِ هذه القاعدة فستخسر الساحة».

في المقابل، أطلق النظام عملية تحصين مواقعه، وأظهر أنه غير مستعد للإصغاء لتحذيرات من تبقى من عقلاء يملكون إرثاً تاريخياً ويؤثرون على الشارع، وقرر اتخاذ خطوات تصعيدية في مقدمتها مواصلة خياره الأمني في التعامل مع الاحتجاجات المطلبية، ورفع ميزانية الحرس الثوري على حساب الميزانية العامة التي تعاني من عجز حاد باعتراف الرئيس روحاني، ويستعد للقيام بمجموعة تغييرات في المناصب القيادية من المرجح أن تذهب لشخصيات راديكالية محسوبة على الحرس الثوري، الذي يريد من خلالها إطباق سيطرته على كافة مفاصل الدولة، حيث يتم تداول اسم مرشح الرئاسة السابق السيد إبراهيم رئيسي لتولي منصب رئيس مجلس القضاء الأعلى بعد أن أصبح رئيسه الحالي الشيخ صادق لاريجاني رئيسا لمجلس مصلحة تشخيص النظام، إضافة إلى عضويته في المجلس الدستوري، حيث سيصبح لاريجاني مطالبا بالتفرغ للعمل في منصبه الجديد الذي من أبرز مهماته تقديم النصائح لمؤسسات الدولة والثورة. الجدير ذكره أن مجلس تشخيص مصلحة النظام بات موقعاً غير مؤثر في صناعة القرار الإيراني، وارتبطت أهميته بوجود الراحل الرئيس رفسنجاني في رئاسته وهو أنشئ أصلا على مقاساته ليبقى له دور في السلطة بعد نهاية ولايته الرئاسية، وفي حال نجح الحرس في تهميش لاريجاني يكون قد أنجز خطوات متقدمة في التهيئة لخلافة المرشد، وفي السيطرة على مفاصل القرار من خلال عملية تمكين ممنهجة لشخصياته المدنية والروحية في مفاصل السلطة، وهذا ما يدفع خبير الشؤون الإيرانية في قناة العربية مسعود الفك إلى القول «إنه في حال تم تعيين رئيسي في رئاسة مجلس القضاء الأعلى يؤكد النظام تمسكه بمبدأ النصر بالرعب»، وهو المبدأ الذي وقفت إيران إلى جانب النظام السوري في تطبيقه ومكنها من «إخماد» ثورة الشعب السوري، نتيجة حجم الرعب الذي مورس ضد السوريين والذي قد يمارس ضد الإيرانيين مستقبلاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران سنة تحصين النظام إيران سنة تحصين النظام



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 09:15 2017 السبت ,23 أيلول / سبتمبر

طائرة أسرع من الصوت أحدث ابتكارات وكالة "ناسا"

GMT 11:56 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 05:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يدافع عن مور في انتخابات آلاباما رغم لاعتراضات

GMT 10:00 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ورشة عمل للمصور العالمي إليا لوكاردي في "إكسبوجر 2017"

GMT 01:32 2017 الأربعاء ,11 كانون الثاني / يناير

إيل فانينغ تطل بفستان مثير باللون الكريمي

GMT 01:53 2016 الخميس ,29 كانون الأول / ديسمبر

عمر عريوات يكشف عن رواج كبير لـ"إيبوكسي" في الجزائر

GMT 09:05 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعليم الصلاة للأطفال مسؤولية الأمهات

GMT 17:35 2015 الأربعاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

زايو "حظيرة" الصراع السياسي لمن يريدون مراكمة الثروات

GMT 03:28 2016 الأربعاء ,28 كانون الأول / ديسمبر

حنان بركاني تحتفل بطرح "خفايا متجلية"

GMT 03:55 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

سيارة الفئة E من "مرسيدس" في معرض ديترويت للسيارات

GMT 20:46 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

"أفتو فاز" توضح مواصفات سيارتها " Lada Vesta"

GMT 14:36 2018 الخميس ,26 تموز / يوليو

صدور ترجمة "علم اجتماع المعرفة" لعلي الوردي
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca