هل بدأ موسم استرجاع "هدايا التطبيع"؟

الدار البيضاء اليوم  -

هل بدأ موسم استرجاع هدايا التطبيع

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

موجة التطبيع بين دول عربية و إسرائيل، والتي بلغت أوجها في الهزيع الأخير لإدارة ترامب، تفقد زخمها وبريقها…ليس لأن إدارة بايدن تعارضها أو تتحفظ عليها، بل لأنها ليست في سلم أولوياتها أولاً، ولا تنظر إليها بوصفها بديلاً عن "السلام الفلسطيني – الإسرائيلي" ثانياً، وليس لديها ما تعرضه من "جوائز ترضية" لحفز أو ابتزاز دول عربية على الذهاب بعيداً في مسار الهرولة، ثالثاً.
لا بل ثمة ما ينبئ بأن هذه الإدارة تبدو بصدد "استرجاع" هدايا ترامب وأُعطياته...ففي الملف الأول والأهم: إيران، لم تعد فكرة "التحالف الاستراتيجي" العربي – الإسرائيلي في مواجهة طهران، فكرة جاذبة لهذه الإدارة، بل على العكس من ذلك، نراها تحشد حلفائها عبر الأطلسي، من أجل إحياء الاتفاق النووي، وتفعيل الديبلوماسية بدلاً عن "الخنق الاقتصادي" في التعامل مع المشكلات القائمة مع طهران...لا رغبة في الحشد والتجييش ولا تلويح بخيار القوة العسكرية، لا اغتيالات ولا وعود بنقل المعركة إلى الداخل الإيراني.
وإذ تحول اليمن، في عهد ترامب، إلى ساحة اختبار لهذا التحالف، الأمر الذي دفع إدارة ترامب، في ربع ساعتها الأخير، لإدراج الحوثيين على لوائحها السوداء، فإن هذه الإدارة بدأت عهدها بالعمل على "تفكيك" العقدة اليمنية: رفعت أسم الحوثيين من قائمة ترامب السوداء، وعينت موفداّ خاصاً لليمن، وأخذت بإجراء اتصالات غير مباشرة (حتى الآن) مع الحوثي، وهي في غمرة مشاورات دولية لدعم مهمة مارتن غريفيت.

في السودان، يبدو السياق مختلفاً بعض الشيء...جنرالات النظام الانتقالي، الذين ظنّوا أن طريقهم الأقصر للبقاء في السلطة، يمر بتل بأبيب بالضرورة، يجدون أنفسهم اليوم، في وضع لا يحسدون عليه، فقد أعلن أنطوني بليكن أن بلاده تدعم "حكومة مدنية" وتشجع على حفز مسار الانتقال الديمقراطي في السودان، وملف حقوق الانسان وانتهاكات "جنجويد" السلطة الانتقالية، لن تمر بلا ثمن...صحيح أن السودان نجا من أطواق لائحة الدول الراعية للإرهاب، بيد أنه ساذج من كان يظن، أن هذا هو هدف "العسكر" الوحيد

جنرالات السودان، كدأبهم دوماً، لن يعدموا وسيلة للتعامل مع الظرف الأمريكي المستجد...إغراق مؤسسات الانتقال بجماعات موالية، تشجيع "الحركة الإسلامية" على مناهضة حكومة حمدوك توطئة لإسقاطها، والغزل المتبادل بين "إسلاميي البشير" والجنرالات، كلها مؤشرات على الرغبة الدفينة في اللعب على تناقضات الداخل، إلى جانب تصعيد الموقف مع الخارج: أثيوبيا، وما الصحوة المتأخرة لـ"الاحتلال الأثيوبي" لأراضي سودانية، والإصرار على "تحريرها" مهما كلف الثمن، سوى محاولة لعسكرة الحياة السياسية في البلاد، وسعياً للإبقاء على سلطتهم وسطوتهم.
أما المغرب، فلم تنطق إدارة بايدن حتى الآن، بكلمة واحدة حول "مغربية الصحراء"، ويبدو أننا لن نتعرف على مواقفها، قبل اجتماع مجلس الأمن المكرس لبحث القضية، لكن ثمة ضغوط كبرى على هذه الإدارة من حلفاء أوروبيين وأفارقة وأعضاء كونغرس (عريضة الـ27) ونواب في البرلمان الأوروبي، للتراجع عن قرار ترامب الاعتراف بسيادة الرباط على الصحراء...إن انتهت "مراجعة" إدارة بايدن للموقف بالعودة إلى قرارات "الشرعية الدولية" والحث عن تنظيم استفتاء حول مستقبل الصحراء، تكون المسألة برمتها قد عادت للمربع الأول.
والخلاصة، أن الدول العربية، تستطيع أن تقرر تطبيع علاقاتها أو عدمه، بمعزل عن سيف الضغوط الأمريكية، وتستطيع أن تدفع علاقاتها بإسرائيل أو أن تعيد النظر بها، دونما خشية من ابتزاز أو انتظار لـ "هدايا"...حكومة إسرائيل ذاتها، تواجه مشكلة مع إدارة بايدن، ولم تعد "الوسيط الموثوق" مع البيت الأبيض، فهل نرى سياسات عربية مغايرة؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل بدأ موسم استرجاع هدايا التطبيع هل بدأ موسم استرجاع هدايا التطبيع



GMT 09:12 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الخضرة والماء والوجه الحسن

GMT 09:08 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

اللبنانيّون وقد طُردوا إلى... الطبيعة!

GMT 09:04 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الضوء الأخضر للإرهاب

GMT 08:57 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

تايوان... «أوكرانيا الصين»!

GMT 08:52 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

أصوات العرب: جوّال الأرض

GMT 17:46 2015 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار سيارة كيا سيراتو 2016 في المغرب

GMT 04:55 2016 السبت ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تجدد الخلاف بين الهنديتين ديبيكا بادكون وكاترينا كيف

GMT 04:52 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

تعرفي على طرق تنظيف الباركيه والعناية به

GMT 05:03 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

أنطونيو بانديراس يُقدِّم عطرًا جديدًا جذّابًا ومنعشًا

GMT 12:12 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

منة حسين فهمي ترفع شعار "الكلاب يدخلون الجنة"

GMT 15:38 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار سيارة اودي تي تي 2016 في المغرب

GMT 13:25 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

قوات الأمن توقف سبعة سلفيين في مدينتي طنجة وفاس

GMT 09:13 2018 الأحد ,10 حزيران / يونيو

"فوكسهول" تطرح سلسلة سيارات FB-Victor رائعة منذ 1961
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca