هل انتهت لعبة «إدارة الصراع»؟

الدار البيضاء اليوم  -

هل انتهت لعبة «إدارة الصراع»

سوسن الشاعر
سوسن الشاعر

التحركات السعودية الإماراتية تسير عكس الاتجاه (التقليدي) الذي سارت عليه لسنوات مضت، إذ انتقلت من مسار الدفاع عن مصالحهما إلى مسار الهجوم من أجل هذه المصالح؛ مسار لا ينتظر موافقة أو رضى أو قبول ما يسمى المجتمع الدولي، وهو ليس إلا مصالح «مجموعة» من الدول لا يهمها الخسائر التي نمنى بها أو التضحيات التي نقدمها، بل مجموعة الدول هذه هي من يجني ثمار ذلك الأمن.

تتحرك الإمارات صوب سوريا الآن، والتواصل مع سوريا خطوة قد يعتبرها البعض راديكالية إن قيست بالعلاقات الثنائية بين نظام بشار الأسد والإمارات التي قام وزير خارجيتها عبد الله بن زايد بزيارته المفاجئة لها، زيارة تصرح أميركا بأنها لا تقبل بها، لكن في حقيقة الأمر أن إدارتها هي من وضعت خطوطاً حمراء لنظامها ثم تغاضت عنها.

الزيارة تمت بتفاهم روسي إماراتي، والولايات المتحدة تعلم بتلك التفاهمات إنما تضع متطلباتها على الطاولة هي الأخرى بتصريح رافض لكنه قابل بشروط.

تقليص الوجود الإيراني في سوريا هدف نسعى له بالدرجة الأولى، وهذا لن يتم إن بقينا نتحرك وفق الضوابط الأميركية فحسب.

في ذات السياق فإن الانتقال من المسار الدفاعي العسكري إلى المسار الهجومي في الجبهة اليمنية من دون النظر إلى الخلف، ومع الأخذ في الاعتبار الدرس الذي تعلمناه من الحديدة.. هذا الانتقال مثال واضح بضرورة عدم الإصغاء إلى أي مطالبة بالتوقف تحت ذريعة النداءات الإنسانية التي تقوم بها أي دولة تحت مظلة (المجتمع الدولي).

أيضاً ما يحدث الآن على جبهة مأرب وجبهة الحديدة ومطار صنعاء هو ما كان يجب أن يحدث منذ زمن.

كذلك قطع العلاقات مع لبنان يصب أيضاً في ذات المسار للتضييق على إيران في لبنان وتركها في مواجهة الشارع اللبناني من دون الاستماع للنداءات الفرنسية أو غيرها.

الانفتاح الكبير مع العراق ومع التيارات المناوئة لإيران تحديداً أخذ مساراً تصاعدياً أبرز نجاحاته هو ضيق الحال بالميليشيات الإيرانية التي حاولت اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لذلك استنفرت إيران وأرسلت إسماعيل قاآني رئيس الحرس الثوري الإيراني ليحذر الكاظمي بأنه مهدد بالاغتيال طالما يسير عكس اتجاه سلفه نوري المالكي ويقيد حراك الميليشيات التابعة لها.

الغريبة أن الولايات المتحدة انتظرت لأيام من خروج شاحنة إيرانية محملة بالطائرات المسيّرة متوجهة للعراق ثم كشفت عنها، وهي تعلم أن تلك المسيّرات ستستخدم لتهديد منابع النفط واغتيالات لمن يقيد النفوذ الإيراني!!

الكشف عنها يؤكد استمرار السياسة الأميركية في محاولة إدارة الصراع لا إنهائه، وهي التي استنزفتنا لسنوات بل وأبقتها في المنطقة بأعداد أقل وبنفوذ أكبر، وهذا ما جعل من تحرك السعودية والإمارات تغيراً وخروجاً عن المسار التقليدي.

أما لو نجحنا في التواصل مع الأذربيجاني وحتى الأفغاني لتنشغل حدود الجبهة الإيرانية الشمالية فسنكون قد بدلنا المسار الذي بقينا فيه لسنوات بل لعقود وسرنا بعكس اتجاه ما يسمى أمن المجتمع الدولي الذي اتخذ دوماً ذريعة التهدئة كفرصة يقدمها للأذرع الإيرانية كي تلتقط الأنفاس.

المناورات التي جرت في البحر الأحمر بين إسرائيل وأميركا والبحرين والإمارات خطوة تبدو راديكالية إن اقتطعت من سياقها لكنها طبيعية جداً في مسار حصار التهديد الإيراني لأمن جميع تلك الدول.

كل ذلك يحدث كتقوية لموقف المملكة العربيةالسعودية أثناء محادثاتها الاستكشافية مع إيران التي تجري على الأراضي العراقية خارج نطاق نفوذ أدوات إدارة الصراع لعقود، لتتخير إيران بين مصالحها معنا أو صراعها ضدنا.

على جانب آخر، يسير التواصل مع تركيا في ذات الاتجاه لتحييدها في سوريا ولتخليها عن جماعة «الإخوان» ولرفع يدها عن ليبيا؛ إذ يبدو الرئيس التركي اليوم محتاجاً لتحسين علاقاته داخليا وخارجيا.

ما عادت المواءمة ولا التماشي مع الخط الدولي وارداً بعد اتضاح حجم التقاطعات التي يطلبها المجتمع الدولي مع مصالح المملكة العربية السعودية والمنطقة العربية برمتها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل انتهت لعبة «إدارة الصراع» هل انتهت لعبة «إدارة الصراع»



GMT 09:12 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الخضرة والماء والوجه الحسن

GMT 09:08 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

اللبنانيّون وقد طُردوا إلى... الطبيعة!

GMT 09:04 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الضوء الأخضر للإرهاب

GMT 08:57 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

تايوان... «أوكرانيا الصين»!

GMT 08:52 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

أصوات العرب: جوّال الأرض

GMT 16:07 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

طفل صغير يتفاعل مع فاجعة الصويرة في المغرب

GMT 01:32 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

غاريدو سعيد بالفوز في أول ديربي له أمام الوداد

GMT 04:50 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

فندق فيلا هونيغ لقضاء شهر عسل مختلف ورائع

GMT 13:23 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

آرسنال يستغنى عن تشيك بعد أخطائه المتكررة

GMT 23:58 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

جمعية سلا في مجموعة قوية ببطولة دبي للسلة

GMT 05:49 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

منتخب "مصر" لكرة اليد يفوز على هولندا في "دورة لاتفيا"

GMT 15:09 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

بيريز يشيد بقرار مبابي برفض ريال مدريد

GMT 05:15 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

داليا كريم على وشك الحصول على لقب "سفيرة العطاء"

GMT 14:52 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء تألق عالميًا قبل مجيء بودريقة

GMT 13:45 2016 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

أربع نصائح للحمل بولد

GMT 00:46 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

الاعلان عن حقيقة شخصية زوجة أب الأميرة ديانا "رين سبنسر"

GMT 11:39 2017 الأحد ,09 تموز / يوليو

رؤيتك للحياة

GMT 14:59 2014 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق 1800 من الحمام الزاجل في سماء احتفالاً باليوم الوطني

GMT 01:16 2015 السبت ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

المصممة شريهان أحمد تؤكّد أنّ "الكروشيه" يحقق الأناقة

GMT 10:45 2017 الثلاثاء ,26 أيلول / سبتمبر

اعتقال الناشطة في "حراك الريف" المغربي نوال بنعيسى
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca