هل روجت «ألف ليلة» للرشيد؟

الدار البيضاء اليوم  -

هل روجت «ألف ليلة» للرشيد

سمير عطاالله
سمير عطاالله

نظر الأدباء والنقاد والمؤرخون إلى «ألف ليلة وليلة» نظرات مختلفة ومتناقضة ولا يزالون. ورأى فيها البعض أثراً مسلياً، والبعض الآخر عملاً إباحياً لا قيمة أدبية له، والبعض الثالث عملاً أدبياً قيماً يعكس أحوال عصره تحت اسم أو أسماء مستعارة، وذلك خوفاً من الانتقام، بعدما قتل عبد الله بن المقفع، الذي قيل إنه نسب «كليلة ودمنة» إلى سواه وادعى ترجمته، بينما هو في الحقيقة من وضعه.

المفكر المصري الكبير أحمد أمين (1886 - 1954) ذهب في قراءة «ألف ليلة وليلة» مذهباً حداثياً لم يذهب إليه أحد. قال إن الحكايات والطرائف والحِكَم والأمثال والتخيلات التي جُمعت كلها تحت عنوان «ألف ليلة وليلة» روجت ترويجاً هائلاً لعصر هارون الرشيد، وميزته عن سواه من الخلفاء، ورسمت له صورة لماعة.

قال أحمد أمين إن الرشيد كثير الحظوظ إذ لم تطل خلافة سلفه الهادي. وازدهر عهده وكبرت تجارته مع الشرق والغرب، ورويت القصص عن مجالسه «والقصص والحكايات التي روتها عنه (ألف ليلة وليلة) من صور رائعة جذابة... فهذه صورته يتعسس في الليل مع جعفر البرمكي ومع خادمه مسرور في شوارع بغداد، وهذه صورة أخرى يمتحن فيها الفتيات، وهذه صورة ينصف فيها المظلوم ويحقق العدالة، وعلى الجملة فقد صورت (ألف ليلة وليلة) الرشيد تصويراً بديعاً لطيفاً، كما صورت لنا أسواق بغداد وكيف تزهر بالسلع... وتصور لنا مجالس الرشيد وما فيها من بذخ وترف إلى غير ذلك مما يعد دعاية واسعة للرشيد». ويعتقد أحمد أمين صاحب «الإسلاميات» الشهيرة أن مؤلفي النصوص التي زيدت على «ألف ليلة»، ونُشرت إبان حكم الرشيد قد تملقوه. كما يعتقد «أن الرشيد عندما علم بترجمة الكتاب أفاض على المترجم من عطائه».

ومن حظوظ الرشيد أن «ألف ليلة وليلة راجت رواجاً عظيماً في الغرب»، بينما كان الشرقيون القدامى يحتقرونها «وقد قال ابن النديم إنها مليئة بالقصص التافهة».

يروي أحمد أمين أن مجالس الخلفاء الراشدين كانت بسيطة في المسجد أو في المنزل. «يقعدون على حصير أو جلد ويلتفون بعباءة أو نحوها. لا حرس ولا حجاب، وإذا بعثوا قائداً مشى الخليفة في وداعه بلا حرس أو طبول». غير أن الرشيد غير كل ذلك وأحيط بمباهج الدولة مما أخذته الدولة العباسية عن الفرس «ولقد كان المظهر مظهر أبهة وفخفخة واستبداد، وتقاليد في الجلوس والحديث والانصراف، مما ورثوه عن الأكاسرة ولا يعرفها الإسلام من قبل». يقول أحمد أمين إنه أحب الرشيد وأعجب به. و«إن التجارة ازدهرت في عهده أيما ازدهار. وكانت أول الأمر في أيدي اليهود والنصارى، ثم انتقلت إلى المسلمين، وكثرت أسواقها واتسعت مناحيها حتى وصلت إلى الصين»... وقد هم الرشيد بحفر قناة السويس قبل فردينان دو ليسبس بألف عام، وامتدت تجارتهم شرقاً إلى إندونيسيا وغرباً إلى مراكش وإسبانيا، ويدل على ازدهار التجارة في عهد الرشيد وخلفائه كثرة الدخل الذي كان يجنى من الأقطار الإسلامية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل روجت «ألف ليلة» للرشيد هل روجت «ألف ليلة» للرشيد



GMT 09:12 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الخضرة والماء والوجه الحسن

GMT 09:08 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

اللبنانيّون وقد طُردوا إلى... الطبيعة!

GMT 09:04 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الضوء الأخضر للإرهاب

GMT 08:57 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

تايوان... «أوكرانيا الصين»!

GMT 08:52 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

أصوات العرب: جوّال الأرض

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 15:00 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

نقاش على "فيسبوك" ينتهي بجريمة قتل في أيت ملول

GMT 11:49 2016 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

هنا شيحة باطلالة مثيرة على "انستغرام"

GMT 08:20 2016 الإثنين ,07 آذار/ مارس

مقتل شخص في حادث سير مروع في القنيطرة

GMT 14:52 2016 الثلاثاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

معطيات "صادمة" عن أوضاع أطفال مغاربة مشرّدين في شوارع مليلية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca