الإمباير ستيت تمر من هنا

الدار البيضاء اليوم  -

الإمباير ستيت تمر من هنا

سمير عطاالله
سمير عطاالله

عرفت أوروبا، تحت تسميات مختلفة، «عصوراً» كثيرة. منها «عصر النهضة»، و«عصر التنوير»، و«عصر المنطق»، كما سماه الفيلسوف البريطاني توماس باين، في ثلاثة مجلدات في القرن الثامن عشر. وتُرجم ذلك أيضاً بـ«عصر العقل» أو «التفكير»... وبعد أن تقرأ كل ما كتب حول الأمر، تكتشف أن المسألة غاية في البساطة: عندما تسمع أو تقرأ شيئاً، حاول أن تفكر قليلاً. فإذا رأيت رجلاً يركض في الشارع وهو يصرخ أن بناية «الإمباير ستيت» تطارده، لا تباشر بالهرب أنت أيضاً. فكر قليلاً: أولاً، إمباير ستيت في نيويورك، ثانياً المباني لا تركض ولا تمشي، ثالثاً الشارع لا يتسع، رابعاً إذا ركضت وقعت وهدمت ما يحيط. خامساً والأهم، من أنت حتى تخالف الدنيا كل بديهياتها؟ اترك أمر الإمباير ستيت لدورية الشرطة.

بعض أجهزة وسائل التواصل تجعل المرء يتساءل، كم عصراً يفصل بيننا وبين «عصر المنطق». تنشر وتنتشر على هذه الوسائل كل يوم مئات التلفيقات المضحكة والمخزية، معظمها من نوع الإمباير ستيت. والمشكلة ليست في من يفبركها، بل في من يقرأها. والمشكلة الأكبر في من يقرأها ويصدقها. وهناك من يقرأ ويصدقها ويخرج إلى الشارع للتفرج على المنطق المثير.
دمرت الإشاعة الكاذبة، أو التافهة، حياة آلاف البشر، لأن الناس تتسلى بها، وتتمتع بتصديقها، بدل أن تفكر لحظة واحدة: هل يعقل أن يكون هذا الرجل ما هو متهم به؟ أليس من الأرجح أن عدوه خسيس ونفس حقير؟ بدل ذلك يتناقل الناس الكذبة والتهمة من دون نقاش ولا رحمة ولا منطق. ومن ناقل إلى منقول، تتضخم القصة بحيث يقسم لك آخر المجانين أنه شاهد طرف الإمباير ستيت. في جهلي وفي نضوجي، لم أكن أصدق ما يقال. ولا طبعاً أنقل ما أسمع، إذا كان فيه ضرر أو تشهير أو شماتة. لم أقابل بالمثل طبعاً، لكنني واثق من أنني أكثر سعادة وطمأنينة مئات المرات من ممتهني النم والغم.

تلعب وسائل التواصل الآن الدور الذيلعبته الإذاعات في «عصر الترانزيستور». الجميع يعرف أن ما يسمع هو مخدر كاذب، والجميع يصر على الإدمان، لا على الحقائق. هذا جزء من أمراض الضعف البشري.

مر بنا «عصر النهضة» قصيراً وخاطفاً ولم نعرف شيئاً من العصور الأخرى. وكلما شعرت أننا سوف ندخل عصر المنطق، ألتقي صديقاً مسرعاً فأسأله إلى أين هو ذاهب في هذه العجلة، فلا يتوقف، بل يكمل طريقه قائلاً: يقولون إن الإمباير ستيت سوف تمر من هنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإمباير ستيت تمر من هنا الإمباير ستيت تمر من هنا



GMT 09:12 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الخضرة والماء والوجه الحسن

GMT 09:08 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

اللبنانيّون وقد طُردوا إلى... الطبيعة!

GMT 09:04 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الضوء الأخضر للإرهاب

GMT 08:57 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

تايوان... «أوكرانيا الصين»!

GMT 08:52 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

أصوات العرب: جوّال الأرض

GMT 23:17 2017 الخميس ,10 آب / أغسطس

المغرب يمنع صيد سمك القرش لمدة 5 سنوات

GMT 13:57 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

انفجار داخل مول المنصور ووقوع اصابات

GMT 09:04 2014 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مُشاهدات من داخل طابور انتخابيّ

GMT 09:37 2016 الأحد ,25 كانون الأول / ديسمبر

مرتضى منصور يزعم زواج عمرو أديب للمرة الثالثة

GMT 17:48 2015 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار سيارة كيا أوبتيما في المغرب

GMT 01:51 2017 الجمعة ,10 شباط / فبراير

باريس هيلتون تبدو أنيقة في فستان ذهبي طويل

GMT 02:12 2014 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الابتسامة سر جمال المرأة وتنظيف البشرة ضروري

GMT 17:50 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

اليونايتد يفوز على ضيفه برايتون ويقبع خامسًا "مؤقتًا"

GMT 13:01 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

أسطورة السنغال ينتقد ترتيب صلاح في قائمة الكرة الذهبية

GMT 01:34 2018 الأربعاء ,04 تموز / يوليو

مسؤولو شالكة 04 يصلون المغرب لمساندة حاريث
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca