72 حفيداً

الدار البيضاء اليوم  -

72 حفيداً

سمير عطاالله
سمير عطاالله

كان برتراند راسل أحد ألمع الفلاسفة في القرن الماضي الذي أعطى الكثيرين من هذا النوع من أهل الفكر. وبعد مرور عقدين من القرن الحالي، لا يزال خلواً من رجال مثل اللورد راسل، و جان بول سارتر، وهنري برغسون، وهايدغر وسرب طويل من هؤلاء العاملين بالعقل المجرد الذين يمتعنا الأستاذ توفيق سيف بإلقاء الضوء على أضوائهم.

وعندما ترد كلمة فلسفة أو فيلسوف، يتبادر إلى الذهن فوراً فكر غامض وتفكير غامض ومعادلات صعبة، وطبقة صغيرة من الناس تعيش بعيدة عن الجماعة في بروج معزولة. وهو انطباع صحيح، حتى بمفهوم أهله. لكن خرج من هؤلاء السادة من بسط العقد وسهل المعادلات وجعل الفلسفة موضوعاً جذاباً لا رهاباً ولا حصرياً.

من أبرز هؤلاء كان اللورد راسل الذي جعل رجلاً في طاقتي – على سبيل المثال – يقرأ الفلسفة كموضوع عام. وقد حبب راسل وسارتر وبرغسون إلى القارئ العادي الاطلاع على نوع من المعرفة كان يعتقدها مغلقة عليه. وفي العالم العربي نشأت القرن الماضي مدرستان، واحدة بسطت الفلسفة لدرجة نسينا أن أصحابها يمكن أن ينطبق عليهم هذا التعريف، مثل أنيس منصور والعقاد وطه حسين وزكي نجيب محمود في مصر، كما اشتهرت مدرسة أخرى مضادة للتبسيط ومصرة على الغموض، أشهر أعلامها الدكتور عبد الرحمن بدوي.

اقتضى لقب الفيلسوف أن يعيش صاحبه في عزلة عن العامة، وأن يتحدث بلغة غير لغتهم، وينضوي في معشر غير معشرهم، وإلا فقد مهابته وهالته. ورفض اللورد راسل هذه الصورة. وقرر أنه لا تناقض بين الفطنة الباحثة في أمور المنطق، وبين الذكاء الضاحك الذي يتمثل في روح الدعابة الإنجليزية. واشتهرت عنه مواقف الفطنة الساخرة، مثل صديقه الآيرلندي الشهير جورج برنارد شو. وقد اشتهر ونستون تشرشل بلمحاته الظريفة بقدر ما اشتهر بخطبه التي جعلت بريطانيا تربح الحرب العالمية الثانية. كتب راسل (وتحدث) بدعابة رفيعة عن عائلته وأجيالها الستة من النبلاء المعمرين:

«ثلاثة أجداد قاربوا الثمانين. وواحد فقط مات بمرض تندر الإصابة به هذه الأيام. لقد قطع رأسه». و«عمرت إحدى جداتي الكبريات حتى الثانية والتسعين، وظلت مصدر رعب لأعقابها جميعاً». أما جدتي لأمي فبعد أن رزقت بتسعة أبناء ماتت عنهم وبواحد مات صغيراً، وبعد كثير من عمليات الإجهاض، تفرغت عندما ترملت، للتعليم العالي. وكانت تروي أنها التقت في إيطاليا ذات يوم كهلاً يبدو عليه العبوس، فسألته عن السبب، فقال إنه حزين لأن حفيدين له فارقا الحياة. فسخرت منه قائلة: «إن لي اثنين وسبعين حفيداً، فلو أنني حزنت لفراق كل واحد منهم، لا بد لي من أن أظل عابسة مدى الحياة».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

72 حفيداً 72 حفيداً



GMT 09:12 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الخضرة والماء والوجه الحسن

GMT 09:08 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

اللبنانيّون وقد طُردوا إلى... الطبيعة!

GMT 09:04 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الضوء الأخضر للإرهاب

GMT 08:57 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

تايوان... «أوكرانيا الصين»!

GMT 08:52 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

أصوات العرب: جوّال الأرض

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 15:00 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

نقاش على "فيسبوك" ينتهي بجريمة قتل في أيت ملول

GMT 11:49 2016 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

هنا شيحة باطلالة مثيرة على "انستغرام"

GMT 08:20 2016 الإثنين ,07 آذار/ مارس

مقتل شخص في حادث سير مروع في القنيطرة

GMT 14:52 2016 الثلاثاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

معطيات "صادمة" عن أوضاع أطفال مغاربة مشرّدين في شوارع مليلية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca