نجاح ساطع ومفرح، ونجاح أعرج مشكوك

الدار البيضاء اليوم  -

نجاح ساطع ومفرح، ونجاح أعرج مشكوك

صادق الشافعي
بقلم : صادق الشافعي

أما النجاح الساطع والمفرح فهو نجاح القائمة المشتركة لأهلنا فلسطينيي مناطق 1948.لقد نجحت القائمة في إيصال عدد غير مسبوق من النواب إلى الكنيست (15). وجاء النجاح تعبيراً عن درجة غير مسبوقة من الحضور ومن وحدة القوى ومن الزخم الجماهيري المؤيد للقائمة المشتركة والملتفّ حولها (بلغت نسبة التصويت 65% تقريباً، ذهب 87% منها تقريباً لصالح القائمة المشتركة) ما يشكّل بحد ذاته بشارة خير وفرح.
يؤكد البشارة والفرح أن هذا النجاح تحقق بالتحدي والغضب من أشكال متعددة من المجابهة لها، ومحاولات شرسة لحصارها والدعوة إلى مقاطعتها وعزلها من أكثر من جهة ومصدر، أبرزهم وأكثرهم شراسة حملة نتنياهو نفسه وحزبه الليكودي اليميني العنصري.

ويؤكده أن مندوباً أو أكثر للقائمة انتزع نجاحه من الحصة الإجمالية التي كانت مقدرة لمعسكر اليمين.أما النجاح الأعرج والمشكوك في جدواه فهو نجاح نتنياهو و»ليكوده» وحلفه الانتخابي، وعدم استطاعته الحصول على أغلبية تصل إلى 61 عضواً كحد أدنى ليكون من حقه تشكيل الحكومة.حتى لو حصل نتنياهو وحلفه على هذه الأغلبية باستمالة قوى صغيرة وثانوية، وهذا صعب... أو عبر النجاح في استمالة أو «شراء» العدد القليل المطلوب من قوائم منافسة، فإن ذلك فيما لو حصل، قد يمكّنه من تشكيل الحكومة، لكنها تبقى حكومة قلقة ولا يمكن أن تكون مستقرة متماسكة وفاعلة، خصوصاً في مجالات التشريع والقرارات الرئيسية التي تمس الرؤى الأيديولوجية والتوجهات السياسية الأساسية.

ولا يمكن أن تكون متماسكة ومستقرة أيضاً، في مواجهة تبعات وضرورات مثول نتنياهو أمام القضاء وهو يواجه ثلاث تهم من العيار الثقيل: تلقى الرشى، الخداع، وخرق الثقة. ويزيد التهم ثقلاً أنها تشكلت ضده وتجري محاكمته عليها وهو في موقع المسؤولية الأول في الدولة.ولكن، ومع كل ما تقدم، فإن النجاح الأعرج والمشكوك يبقى نجاحاً لليمين الصهيوني «الأصل»، وتبقى الأطراف اليمينية الأخرى مجرد نسخ تقليدية. لقد خاض نتنياهو انتخابات الإعادة الثالثة وكأنها معركة حياة أو موت. ونجح في جعلها تتمحور وتدور حول ذاته وكأنها استفتاء يتقرر فيها مستقبله ودوه السياسي: استمرار حياته السياسية ودوره في موقع السلطة، أو انتهاء حياته السياسية والضياع بين قاعات المحاكم وربما غياهب السجون. 

لقد سخّر نتنياهو لتحقيق هذا الفوز كل مؤهلاته وإمكانياته وخبراته وعلاقاته، وكل قدراته الكبيرة جداً على المناورة والتحايل... وصولاً إلى الادعاء حتى لو كانت ادعاءاته غير واقعية، أو تقوم على دغدغة آمال معينة لدى الناخب، مثل دغدغة أحلام الناخبين بتحقيق أمل تطوير العلاقة مع الدول العربية وإنهاء مقاطعتها، وصولاً إلى علاقات طبيعية واتفاق عدم اعتداء متبادل معها. وارتكزت حملته الانتخابية على ركيزتين أساسيتين: الصداقات والوعود.

بالنسبة لركيزة الصداقات، كان في المركز والأساس منها صداقته مع الرئيس الأميركي ترامب والدرجة غير المسبوقة في التفاهم معه، والدعم والإسناد له حتى لو كان في موضوعات ما زالت في حيز الوعد وقيد التحضير. وظل العنوان الآني والطاغي لهذه الصداقة هو «صفقة القرن» وتنفيذها السريع، وقد حرص نتنياهو على تكرار القول: إن هذه الصفقة هي «صفقة العمر» بالنسبة لدولة الاحتلال.أما الوعود فقد توجهت أولاً وأساساً إلى اليمين الأكثر تطرفاً وعنصرية في دولة الاحتلال، وفي مركزه حركة الاستيطان، وجاء بشكل مفرط من الكرم غير المسبوق استجداءً لأصواته الانتخابية. 

كل الوعود تقريباً قامت على حساب الأرض الفلسطينية والحقوق الوطنية الفلسطينية والأمن الفلسطيني والمستقبل الفلسطيني بكل تطلعاته في التحرر من الاحتلال، وفي دولة قابلة للحياة وعاصمة في القدس الشرقية وحق العودة.  وقامت تلك الوعود على الضم والإلحاق بدءاً من الأغوار إلى إقامة مستوطنات جديدة، والاعتراف بالبؤر «غير الشرعية»، والتوسع في المستوطنات القائمة بآلاف الوحدات السكنية التي تفصل القدس وتعزلها تماماً عن محيطها الفلسطيني، إضافة إلى أنها تعزل شمال الضفة عن جنوبها.

كل الوعود المذكورة تحظى بالموافقة المسبقة من الإدارة الأميركية، وتستفيد بدرجة كبيرة من حالة سكون المجتمع الدولي بدوله وهيئاته، وباكتفائه في أحسن الحالات بمواقف عامة تقول بعدم الموافقة أو تعلن الرفض المؤدب دون أي إجراء رادع أو حتى معيق لما تقوم به دولة الاحتلال، ولا حتى تهدد بذلك.وكل وعود نتنياهو وأفراد طاقمه جاءت مشروطة، وجاء زمن تحقيقها مشروطاً (خلال شهرين فقط)، بشرط واضح، ومباشر وصريح لدرجة الوقاحة، وهو التصويت لنتنياهو وليكوده لضمان بقائه رئيساً لوزراء دولة الاحتلال.

أما القاعدة السياسية الحقوقية التي أقام عليها نتنياهو وعوده فعناوينها الأساسية كما ظل يرددها:
- «هذا هو بلدنا، هذا هو وطننا».
- في أي تسوية بخطة أو من دونها، «لن يتم اقتلاع أي مستوطنة، ولن يتم اقتلاع أي مستوطن من منزله».- و»سيواصل الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن السيطرة على الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن، بما في ذلك وادي الأردن».
- التكرار الدائم للعناوين المعروفة مثل التمسك بالقدس عاصمة موحدة وأبدية لدولة الاحتلال، ونفي حق العودة، ووجوب الاعتراف المسبق بيهودية دولة الاحتلال و... و...
رغم كل الاحتفالات المستعجلة جداً، فإن الأمور لا تزال مفتوحة على كل الاحتمالات بالنسبة   لتشكيل حكومة دولة الاحتلال، ومفتوحة أكثر حول قدرة نتنياهو وحلفه الانتخابي على تنفيذ وعوده واسعة السخاء بقدر ما هي بعيدة عن الواقعية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نجاح ساطع ومفرح، ونجاح أعرج مشكوك نجاح ساطع ومفرح، ونجاح أعرج مشكوك



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 18:58 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 00:01 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تتأهل رسميًا إلى نصف نهائي بطولة أفريقيا للريشة الطائرة

GMT 20:57 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

اختيار هشام نصر متحدثًا رسميًا لاتحاد اليد المصري

GMT 19:36 2018 الخميس ,03 أيار / مايو

ارتفاع أسعار تذاكر مباراة وداع فينغر

GMT 07:53 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

تعرف على قواعد اختيار هدية عيد الحب لشريكة الحياة

GMT 02:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

المجلس الأعلى للقضاء يعاقب 15 قاضيا من مختلف المدن المغربية

GMT 06:17 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

جيجي حديد في إطلالة من الجلد في عيد ميلاد حبيبها

GMT 23:48 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

نجل "عبدالرؤوف" يكشف حقيقة حالته الصحية

GMT 06:50 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

الحزب الجمهوري يمدح إيفانكا ترامب ويشيد بمجهوداتها

GMT 12:46 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تنظيم الدورة الثانية للدوري الدولي لكرة الماء في الرباط

GMT 23:36 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

سعر الدرهم المغربي مقابل الدولار الأميركي الأحد

GMT 07:43 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مدينة شَرِيش الإسبانية الساحرة الأفضل لقضاء عطلة الأسبوع

GMT 12:31 2015 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على جثة محروقة وملقاة في ضواحي مدينة فاس

GMT 15:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة بريطانية تعلن اكتشاف حقل جديد للغاز الطبيعي في المغرب

GMT 16:50 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

تأكد غياب لاعب برشلونة عن الكلاسيكو عثمان ديمبلي
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca