الاعتذار خطوة جيدة.. لكن اللعب في القضايا الوطنية جريمة

الدار البيضاء اليوم  -

الاعتذار خطوة جيدة لكن اللعب في القضايا الوطنية جريمة

أسامة الرنتيسي
أسامة الرنتيسي

خطوة إيجابية ما فعلته الحكومة ممثلة بوزير الدولة للشؤون القانونية مبارك أبو يامين الذي قدم بإسم الحكومة اعتذارا رسميا لخليل العزة أحد سكان مخيم البقعة ولأحد وجهاء المخيم الرجل الثمانيني عبدالله فرحان ابو كفاح (والد عضو مجلس نقابة المعلمين كفاح أبو فرحان)، بعد جملة قالها محافظ البلقاء لهما قبل قرابة أسبوعين “يا غريب خليك أديب”.

الوزير أبو يامن استضافهما في مكتبه الاثنين واعتذر لهما باسم الحكومة عن كلام محافظ البلقاء، مؤكدا لهما أن كلام المحافظ لا يمثل إلا نفسه.

على نطاق المشكلة وما تسببت به من تفاعلات في أنفس سكان المخيم قد يكون الاعتذار جرعة علاج إيجابية، أما على صعيد اللعب في القضايا الوطنية فإن الاعتذار يتوجب أن يبنى عليه نهج جديد في معاقبة كل من يتطاول على قضية لها علاقة بالنسيج الوطني الذي ينظم عموم الأردنيين، وعدم السماح لأي كان أن يتجاوز حدوده على مواطنة أي أردني.

ابو كفاح قالها بكل ألم وحسرة، أكثر من سبعين عاما وأنا اتنفس هواء الأردن وأشارك في أفراحه وأتراحه يأتي اليوم الذي يقال لي فيه “يا غريب كن أديب”.

ما جرى ليس سلوكا منزوعا من سلوكات تجري في البلاد منذ سنوات ولا يتم الضرب بيد من حديد على من تختزن في داخله نوازع تُجاه اللعب بالقضايا الوطنية.

في فترات سابقة،  تُجري الجامعةُ الأردنية انتخابات طُلّابية، نحتاجُ أكثرَ مٍن كتيبةِ دركٍ لحراسة بوابات الجامعة، وأكثر منها مِن الأمن الجامعي لحماية صناديق الاقتراع.

طبعًا؛ لأن الانتخابات ليست طلّابية، ولا مرشّحين عن كلّيات يدرسون فيها، بل هي انتخابات عشائرية ومناطقية وجهوية تطحن المواطنة، وتعود بنا إلى الجاهلية الأولى.

تقف البلاد كلّها على رؤوس أصابعها، في حالة طوارئ أمنيٍ ودفاعٍ مدنيٍ ومستشفيات، حتى تنتهي مباراة الفيصلي والوحدات.

تلتفتُ إلى شوارع العاصمة، القريبة إلى المدينة الرياضية خاصةً، قبل موعد المباراة بساعاتٍ، فتشعر أن حربًا ستقع بعد لحظات، حيث تسمع هتافات تُمزّق اللُّحمة الوطنية، فتلعنُ اليومَ الذي أصبحت فيه الرياضة عنوانًا للفُرقة بدل الوحدة والروح الرياضية.

تقرأ حوارًا على جروب الواتساب الخاص بالنواب، يستخدم فيه أحد النواب لغة تخوينية وتمزيقية وتشكيكية هابطة في حق زميل له، فتقرأ الفاتحة ثوابا على حُماة التشريع وصمّام أمان الوحدة الوطنية.

لنتحدث بوضوح وصراحة أكثر؛ عندما تُعالج القضايا الكبرى بأسلوب الطبطبة وبوس اللحى، ويتم التباهي بتجاوز دولة القانون، والحديث عن المحاصصة والجهوية والمناطقية، و”أنا وابن عمي على الغريب..”، وانصر أخاك ظالمًا أو مظلوما…، وأسيادُكم في الجاهلية أسيادُكم في الإسلام، فتتوسع لغة الكراهية والحقد والسموم بين أفراد المجتمع، لتكون النتيجة  مشاجرات ومُسيّل للدموع، في جامعاتنا.

يُناقش مجلس النواب قضية الامتيازات الخاصة بأبناء الأردنيات، فيقفز نوابٌ فورًا الى التجنيس والتخوين والوطن البديل، مثلما انحرف النقاش في مجلس النواب السابق عندما ناقشوا قضية اللاجئين السوريين بصورة مُتعمدّة من قبل بعضهم إلى إثارة قضية اللاجئين الفلسطينيين!.

أهمس في آذان بعض النواب: لا تزجّوا القضية الوطنية الفلسطينية في زواياكم الضيّقة، لأن العدو واحد، وشَهوتُه التوسّعية تتعدى حدود فلسطين إلى الأردن والمنطقة العربية كلها.

لا تلعبوا بالنار، فالأعصاب مشدودة على وتر التطرف، نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية أولًا، وفقدان البوصلة ثانيًا، وغياب الحكمة ثالثًا، فالفوضى لا تحتاج إلّا حجرًا مٍن مجنون، والمجانين كثيرون.

أحد الخبثاء علق بعد مشكلة المحافظ وابو كفاح، راقبوا من الان فلن تمضي فترة زمنية إلا ونرى المحافظ ذاته وزيرا للداخلية.

بعد المشكلة والاتصالات العديدة التي طلبت مني ان أكتب في الموضوع، أنظر في عيني حفيدي الطفل البديع آدم أحمد النعيمات وأقول له “خربانة يا سيدو…”.

الدايم الله…..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاعتذار خطوة جيدة لكن اللعب في القضايا الوطنية جريمة الاعتذار خطوة جيدة لكن اللعب في القضايا الوطنية جريمة



GMT 09:12 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الخضرة والماء والوجه الحسن

GMT 09:08 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

اللبنانيّون وقد طُردوا إلى... الطبيعة!

GMT 09:04 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الضوء الأخضر للإرهاب

GMT 08:57 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

تايوان... «أوكرانيا الصين»!

GMT 08:52 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

أصوات العرب: جوّال الأرض

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 20:31 2018 الأحد ,30 كانون الأول / ديسمبر

كومباني يعلن جاهزية مانشستر سيتي لمواجهة ليفربول

GMT 11:14 2018 الجمعة ,16 شباط / فبراير

تزيني بمجموعة مميزة من المجوهرات في عيد الحب

GMT 16:31 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

برانت دورتى ينضم لفيلم "Fifty Shades Of Grey"

GMT 01:15 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مميّزات جديدة في هاتف "iPhone X" الجديد من أبل

GMT 11:16 2014 الأربعاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة وفيتامينات لعلاج النهايات العصبية للجهاز العصبي

GMT 05:31 2016 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

علماء يتوصَلون لمعرفة مسارات طيور السنونو خلال رحلاتها

GMT 00:27 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مناقشة كتاب "أيام من حياتي" سيرة سعد الدين وهبة

GMT 23:31 2017 الأربعاء ,05 إبريل / نيسان

الريان يخرج حمد الله من "جحيم" الجيش القطري

GMT 05:04 2016 الخميس ,14 كانون الثاني / يناير

ضريح القديس يهوذا وحصنه الشاهق يزيّنان جانسي الهندية

GMT 22:13 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

لمسات مثيرة لرقبة زوجك قبل العلاقة الحميمة

GMT 22:18 2018 الأحد ,30 كانون الأول / ديسمبر

بايرن ميونخ يلتقي فورتونا دوسلدورف 13 كانون الثاني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca