حدوثة مصرية !

الدار البيضاء اليوم  -

حدوثة مصرية

بقلم المختار الغزيوي

“‬مايغركيش العدد…والله أنا أكثر . أنا اللي مش إخوان…وأنا اللي مش عسكر” – من قصيدة للشاعر المصري هشام الجخ
غادرنا مصر – بعد أسبوع من الإقامة فيها – وكلنا امتنان لأهلها على حسن ضيافتهم لنا في هاته الظرفية الخاصة،  وعلى إتاحتهم لنا فرصة الاقتراب أكثر والرؤية رؤى العين والمشاهدة والعيش للواقع المصري الجديد مجسدا على الأرض لا منقولا عبر شاشات التلفزيون، وقنوات الأخبار التي لا تنقل إلا وجها واحدا من الحقيقة
كان ضروريا أن نعود إلى مصر وأن نعيش واقعها الحالي، أن نرى كل التحديات وألا نكتفي بخطاب الإيديولوجية الأخرق الذي حسم الموضوع، وقسم الموجودين في مصر إلى معسكر الخير ومعسكر الشر ونام.
هناك لا معكسر إلا معسكر الشعب المصري الراغب في العيش، في الحياة.
وقد صادفنا في يوم من أيام الزيارة أعياد شم النسيم، ورأينا القاهرة كلها تخرج لكي تشم هواء الاحتفال بالحياة، وسألنا الناس “كيف تجدون الوقت للاحتفال بعد كل مامر بكم؟”، فأتى الجواب من لدن سائق سيارة أجرة واضحا يقول كل شيء “الشعب دا مابيصدق لما يلاقي أي فرصة يفك فيها”.
رأينا رؤى العين انعكاس سنوات الخريف العربي والحراك الكاذب على المحروسة، اقتصادا يعيش أزمة حادة، وأجورا تدنت ولم تعد قادرة عل مسايرة الأسعار، وتأففا من كل شيء بعد سقوط عديد الأوهام، وبعد اتضاح الرؤية أكثر أن الحكاية لم تكن رغبة في التحرر عادية أو حراكا قاده شباب ثائر بل كانت مخططا جهنميا لتقسيم المنطقة قرر أن يضرب الضربة الكبرى في الشقيقة الكبرى مصر بعد أن مست ضرباته الصغرى تونس وسوريا وليبيا واليمن، ولا زالت تبعادت دماره متواصلة إلى الآن
رأينا الأمن حاضرا بقوة ربما تفوق قوته في مراحل سابقة، وسمعنا أصدقاء وزملاء مصريين يقولون لنا “كل مكتسبات الحرية..إنسى. إركن”، قبل أن يواصلوا “لكننا نفهم، لقد اكتشفنا أن إرهابيين حقيقيين كانوا يعيشون معنا، يتلقون المال من الأجنبي ويستعدون ليوم طردنا من بلادنا”.
التقينا مسيحيين نقلوا  لنا ماعاشوه في مرحلة أخرى حين أحسوا أن التيار الإخواني يمهد لهم الطريق إما للمطالبة بدولة ثانية أو الرحيل أسوة بإخوانهم في العقيدة في دول مشرقية ثانية. وتزامن وجودنا في القاهرة مع أزمة نقابة الصحافيين واقتحام الأمن لها من أجل إلقاء القبض على معتصمين مطلوبين للقانون هناك، ووجدنا أنفسنا بين من كانوا يصرخون بضرورة إقالة وزير الداخلية وبين من كانوا يجدون له الأعذار، وفي المنتصف من الضفتين وجدنا أنفسنا أمام من تحدثوا عن ضرورة استحضار العقل في مثل هاته الحالات وإلا فإن الانسياق نحو التجاوزات هو أسهل شيء
ووسط كل المتغيرات وهي كثيرة التي مست مصر وغيرت وجهها فعلا وجدنا الثوابت الأخرى: ذلك النيل المستقر في الأرض يجري فيها معيدا إلى الأذهان أن الكثيرين رحلوا وأنه هو باق.
وجدنا شظف العيش مرسوما على وجه المصري، لكن لا يمنعه من السخرية والضحك وابتداع كل الألعاب بالكلمات في هنيهة طارئة من الزمن. وجدنا المكتبات على حالها العتيق ووجدنا الحسين والسيدة زينب والخليلي وبقية المواقع الأثرية – ربما خالية من العدد الكبير من السواح الذي كانت تتميز به، لكن محافظة على رونقها الأول الأصلي – رغم المظاهر المحيطة – ملحة على أنها ستعود إلى سابق عهدها قادرة على احتضان كل الوافدين إلى مالانهاية
تركنا مصر وقد حملنا من أهلها رجاء حارا: “لا تصدقوا كل مايقال لكم عنا. تعالوا وأنظروا واحكموا بعد ذلك. نعم عشنا تجربة صعبة وامتحانا عسيرا ودفعنا ثمنا غاليا جدا في هاته السنوات الخمس التي مرت، لكننا مصرون على النهوض مجددا ونعول عليكم جميعا لمساعدتنا  على هذا النهوض، لا الفرجة علينا وترديد العبارات الزائفة عن بعد والاكتفاء بذلك مع الاعتقاد أنهم بهذا الفعل تنصرون مصر”.
لعل الأهل هناك لم يطلبوا أمرا صعب المنال. هم طلبوا فقط بعض الدعم الواجب منا جميعا إليهم وتلك البلد وذلك الشعب يستحقان الدعم ومايفوق الدعم بكثير
لا يجب أن تسقط مصر ولن تسقط. هذا أمر أكيد، فقد مر العديدون وبقيت هي على الدوام
عمار يامصر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حدوثة مصرية حدوثة مصرية



GMT 04:18 2017 الجمعة ,04 آب / أغسطس

الملك والشعب…والآخرون !

GMT 04:27 2017 الجمعة ,28 تموز / يوليو

أطلقوا سراح العقل واعتقلوا كل الأغبياء !

GMT 06:11 2017 الخميس ,01 حزيران / يونيو

ولكنه ضحك كالبكا…

GMT 05:21 2017 الإثنين ,01 أيار / مايو

سبحان الذي جعلك وزيرا ياهذا!

GMT 15:53 2014 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد عقد "جان بوفون وجورجيو كليني"في يوفنتوس

GMT 00:05 2018 الأحد ,18 آذار/ مارس

فوائد نبات "القسط الهندي" على صحة الإنسان

GMT 16:05 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

فضل الشعبي يوضح سبب تنحي المبعوث الأممي لليمن

GMT 01:56 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

عطر Dylan Blue يمنح الرجل عطرًا أكثر جاذبية وسحرًا

GMT 11:32 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

فندق النوم في علب الصفيح في الدنمارك "Can Sleep Hotel"

GMT 05:20 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

فيصل السمرة يسلط الضوء على مسيرته الفنية المختلفة

GMT 10:28 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

منزل سيلينا غوميز منتجع صغير يجمع بين الفخامة والرفاهية

GMT 15:49 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

PRADA تطرح تشكيلتها الجديدة للرجل المميّز لربيع وصيف 2018

GMT 11:00 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"السر المعلن"..

GMT 00:58 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

5 علامات تتعرف بها على الطفل المصاب بالتوحد

GMT 11:22 2015 الجمعة ,16 كانون الثاني / يناير

الجيش الروسي يتسلم 20 عربة مدرعة من طراز "تايفون"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca