أطلقوا سراح العقل واعتقلوا كل الأغبياء !

الدار البيضاء اليوم  -

أطلقوا سراح العقل واعتقلوا كل الأغبياء

بقلم : المختار الغزيوي

الباحثون عن جثث جديدة للرثاء الكاذب…

المنقبون بقوة، عن جنائز لكي يشبعوا فيها لطما كاذبا…

الحالمون لنا بما يرونه على شاشات قنواتهم المشرقية المفضلة.

الراغبون في إقناعنا قسرا إن الحل لدينا موزع بينهم وبينهم، وألا اختيار لنا إلا هم..

الكاذبون علينا وبنا، المتاجرون بصور جرحانا من الضفتين لكي يصفوا أوهاهم.

المقتاتون على ظهر آلامنا. النصابون باسم جراحنا، أولئك الذين يحملون الشعارات الكاذبة منذ البدء.

المقتنعون دوما وأبدا أننا جميعا أغبياء سنصدق إلى مالانهاية بيعهم وشراءهم والتجارة.

المتوقعون لنا أن نظل باستمرار غير قادرين إلا على تصديقهم والانسياق وراء أكاذيبهم والترهات..

المبشرون لنا منذ بدء الخليقة بالدمار، الآملون يوما ألا نبقى على استثنائنا وألا نبقي عليه.

أصلا الغاضبون من كلمة الاستثناء هاته، تشعرهم أننا في منأى عنهم، وأننا لن نسقط في شراكهم التي سقطت فيها بلدان أخرى..

المستبشرون خيرا كلما عم بالبلد سوء، القانطون الباكون كلما رأوا نعمة أو خيرا تهبان على هذا الفضاء.

المتاجرون بدم محسن فكري..

المتاجرون بدماء كثيرين آخرين قبله..

الرافعون الأكف إلى السماء طلبا لدماء جديدة، ولجثث جديدة ولمزيد من الهباء لكي يجدوا شيئا ما يبيعون به ويشترون.

هؤلاء فرحوا الخميس الماضي. هؤلاء وجدوا فيما وقع ضالتهم، وقالوا لكل من كان يطلب بعضا من عقل واحترام قانون "لا". أكدوا رغبتهم في رؤيتها تستعر، وبدا من خلال ردود أفعالهم مباشرة بعد أن تم تفريق المسيرة غير القانونية بالعنف، ومباشرة بعد أن اختلط حابل الكلام بنابل الفعل غير المؤدي إلى نتيجة أنهم وصلوا إلى ماكانوا يريدونه بالتحديد.

إطمئنوا…انتصارهم لحظة عبور وهمية وستمر. العودة إلى العقل في هذا المكان حتمية حضارية وتاريخية وجغرافية لا مناص منها، وهي التي ستكون..

لن يسمح هذا البلد لأصوات الجنون الموتورة أن تقوده إلى الهاوية. لن يعطي المغرب أبدا لحمقى ومعتوهين، وأصحاب حسابات فارغة الفرصة لكي يجروه إلى مااستطاع النجاة منه دوما وأبدا: الفتنة بين أهله.

لن يكون ذلك أبدا..

نعم، هناك أخطاء في تدبير ملف الحسيمة. نعم، هناك أخطاء في تدبير عديد الملفات. لكن بالمقابل لا مفر من الاعتراف بها ومشاهدتها والتوقف عندها والقول إنها الحقيقة: هناك أياد أخرى غير الأيادي الظاهرة تلعب.

هناك يد خفية تريد لهذا الملف ألا ينفرج، وهاته اليد التي تبرع في البكاء والنواح، وإطلاق علامات التنفير من الحياة، وإشعار المغاربة أن الحل الوحيد الذي بقي لهم هو أن ينزووا في منازلهم هلعين خائفين هي التي لاتريد للحسيمة أن تجد الحل.

والحل لايوجد في أي مكان آخر من المغرب غير الحسيمة.

الحل يوجد في عودة عادية وبسيطة وبديهية إلى أسس المشترك بيننا جميعا: الإنصات لصوت القانون، الإيمان بأنه سيكون أفضل من بقية الأصوات، أفضل من صوت الغازات المسيلة للدموع، وأفضل من صوت الطنطنة، وأفضل من صوت الحجارة وهي تهوي على سيارات الأمن، وأفضل من صوت النيران وهي تندلع في مقرات سكنى الأمنين أو في سيارات الدركيين، والاقتناع بأن إطالة أمد التوتر ولو باختلاق مسبباته المرة بعد الأخرى لن يفيد أي واحد منا.

لحسن الحظ أن الحمق حين ازداد عن حده، مثل كل الأشياء في الحياة، انقلب إلى ضده. وتلك الدعوات المجنونة الصادرة عن نفس الأصوات الحمقاء، التي طالبت بالتظاهر يوم الثلاثين من يوليوز، وجدت من داخل الأصوات المؤيدة ل"الحراك" من يقمعها ومن يقول لها "باسطا"، ومن يؤكد أن الفيلم بهاته الدعوة المشبوهة الأخيرة قد وصل نهايته فعلا، وانكشف المراد منه وأن المغاربة هم الذين سيتصدون له..

المغاربة كلهم، برجال أمنهم أي أبنائهم الذين يحمون الوطن، بنشطاء حراكهم الذين يريدون فقط تقدم هذا الوطن، والاستجابة لمطالب لم نمل ولم نكل منذ البدء من القول إنها عادلة ومشروعة، لكن لم نمل ولم نكل من القول إن الراكبين عليها والباكين على ضحاياها بدموع التماسيح سيزيغون بها عن الهدف، وهاهم يكادون أو يقتربون مع أن الفطنة الشعبية أذكى منهم بكثير، وهي التي تتصدى الآن للانحرافات المراد إقناعنا أنها حق لا يعلى عليه.

المغاربة كلهم يجب أن يقولوا بالصوت الواحد ردا على من يلعب بهم لعبة الفيسبوك والهاشتاغات وبقية البذاءات إن هذا البلد يحل مشاكله الواقعية على أرض الواقع، وأن الافتراضي مهما بلغت حدة هجمته، سيكون صبيبه أضعف من أن يقنع نبوغ المغربية والمغربي أن الفوضى هي الحل.

لنمد اليد مرة أخرى للحسيمة، عوض أن نترك أصوات البكاء الكاذبة وغربان البيع والشراء تقنعها ألا حل إلا الموت، والغناء سرا لهذا الموت وفرك الأيدي استعداد لجني أرباح هاته التجارة البائرة بآلام الناس وأحلامهم وبمطالبهم العادلة والمشروعة التي تبدو الآن بعيدة للغاية بعد أن امتدت إليها يد المزايدات لكي تغرقها في بحر من الحمق ومن البيع والشراء.

أطلقوا سراح العقل، واعتقلوا هذا الغباء المستشري الذي يهددنا جميعا بالفناء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أطلقوا سراح العقل واعتقلوا كل الأغبياء أطلقوا سراح العقل واعتقلوا كل الأغبياء



GMT 04:54 2017 الجمعة ,11 آب / أغسطس

ماذا بعد إقالة العماري؟

GMT 04:48 2017 الجمعة ,11 آب / أغسطس

سورية كما عرفتها وأحببتها

GMT 04:39 2017 الجمعة ,11 آب / أغسطس

الناصريون وجمال عبدالناصر

GMT 04:33 2017 الجمعة ,04 آب / أغسطس

مشروع جديد لقتل السياسة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 04:38 2016 الأحد ,17 كانون الثاني / يناير

معتقدات متوارثة عن الفتاة السمراء

GMT 18:38 2017 الثلاثاء ,20 حزيران / يونيو

شاروخان يعيش في قصر فاخر في مدينة مانات الهندية

GMT 12:25 2012 الإثنين ,23 تموز / يوليو

إيطاليا، فرانكا سوزاني هي لي

GMT 11:25 2014 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

"عام غياب الأخلاق"

GMT 01:38 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

فالفيردي يحشد قوته الضاربة لمواجهة "سوسيداد"

GMT 21:23 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل مُثيرة جديدة بشأن زواج "شابين" في المغرب

GMT 18:28 2018 الإثنين ,27 آب / أغسطس

جوجل تدعم أذرع تحكم "Xbox" على إصدار Android 9.0 Pie

GMT 13:34 2018 الإثنين ,19 شباط / فبراير

تأجيل النظر في قضية مغتصب الأطفال في فاس

GMT 07:40 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

علماء يبتكرون إبرة تصل إلى الدماغ لتنقيط الأدوية

GMT 17:20 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

"الحوت الأزرق" بريء من انتحار طفل في طنجة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca