عن الحسيمة، عن ريفنا المغربي، وعن بقية الأشياء…

الدار البيضاء اليوم  -

عن الحسيمة، عن ريفنا المغربي، وعن بقية الأشياء…

بقلم : المختار الغزيوي

ملاحظة لا مفر منها تخص مايقع في الحسيمة منذ الموت المحزن لمحسن فكري، والاحتجاجات التي تبعت القصة، هي أن الطبقة السياسية المغربية ومعها الطبقة الإعلامية تتهيبان الحديث بصراحة حول الموضوع.

الناس بصريح العبارة لاتريد إغضاب أحد، وتمسك تفاصيل مايقع في حسيمتنا وريفنا المغربيين بأكبر قدر ممكن من الحساسية لاعتبارات شتى..

قد تفهم الموضوع في فترة أولى بعد موت المرحوم محسن فكري مباشرة، وتقول إنه الاحترام لحزن أسرة الضحية وأصدقائه. لكن فيما بعد يصبح الصمت تواطؤا ضد الوطن، وتشجيعا على أمور عديدة لا ينبغي أن نشجع عليها أحدا.

لنكن واضحين مثل العادة دائما ودونما تخوف من أي كان: الاحتجاج الاجتماعي في المغرب أمر مقبول ومطلوب وهو تعبير عما يريده الناس، ولا أحد يملك أن يمنع مغربية أو مغربيا من أن يوصل صوت مظلمته إذا كان يحس بها إلى كل مكان في الوطن الذي نعيش فيه اليوم.

مضى ذلك الزمن الذي عاشته أجيال قبلنا تخشى أن ترفع فيه العقيرة بالصراخ احتجاجا على ظلم، ولم يعد بيننا ذلك الوقت الذي كان المغربي يشتري الجريدة ويخفيها تحت معطفه أو جلبابه لكي يقرأها في المنزل، ثم يحرقها في نهاية المطاف لئلا يترك وراءه أثر قراءة قد لاتعجب “أصحاب الحال“.

منذ 1999 نعيش في مغرب آخر، بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء، ونعيش حالة مصالحة مع ذواتنا، ونعيش رغبة في التقدم والتخلص من إرث الماضي والإطلالة على مايمنحه لنا المستقبل من آفاق تنمية واعدة.

ولعل الجواب، الذي قدمه عمر هلال لديبلوماسي جزائري أراد في الأمم المتحدة المقارنة بين الحسيمة والقبايل، هو أفضل جواب حين قال هلال “الفرق الحقيقي هو أن الناس في الحسيمة وفي المغرب كله تستطيع أن تحتج دون أن يقتلها العسكر مثلما يقع عندكم في الجزائر“.

لذلك اجتزنا مرحلة الخطر ومنطقة الاهتزازات في الربيع العربي الكاذب بأكبر قدر ممكن من السلامة. لأننا كنا مستعدين لها وكنا جاهزين، ولم ننتظر إعطاء إشارة البدء بجملة التلفزيون “بنعلي هرب“ عبر “الجزيرة“،  ولذلك نستطيع ترقب أي تطورات تقع، ونستطيع التعامل معها بذكاء كبير..

لذلك أيضا نستغرب كيف يمكن لمظاهرات احتجاجية تقول إنها تحتج لمطالب اجتماعية، ألا ترفع علما مغربيا واحدا في المظاهرات وأن تجد طبقتانا الحزبية والإعلامية هذا الأمر عاديا…رغم أنه أبعد شيء عن العادي.

علم المغرب ليس ترفا نضعه في الرف أو نخرجه إلى الشرفات أيام الأعياد والاحتفالات. علم المغرب ستار وستر لنا نرفعه في احتجاجاتنا لكي نقول إننا نحتج من داخل هذا الوطن. لا نخترع له  رايات لا نعرف لها مصدرا، ولا نبتكر له تواريخ من وحي ماوصلنا دون أن نكون قادرين على تدبر الأمر جيدا، ولا نزايد على الراية، على العلم، على “البانديرا“، على “الضرابو“ بل نرفعه ونضعه فوق الرؤوس كل الرؤوس، كبر أم صغر حجمها.

هذه ليست مسألة تافهة أو هينة. هذه القضية هي فصال بيننا وبين من يريدون للحسيمة أن تواصل الاحتجاج إلى مالانهاية: طالما أننا لانرى علما مغربيا واحدا في الاحتجاجات، فإننا سنجد صعوبة كبرى في الاستماع والإنصات إليكم بتصور وطني حقيقي.

عندما نشرت “الأحداث المغربية“ ملفها عن خلفيات الاحتجاج في الحسيمة، وقد كان ملفا ساخنا للغاية تجرأت “الأحداث المغربية“ لوحدها على نشره، أتانا كلام كثير، وتعرض صحافيانا اللذان أوفدناهما إلى عين المكان إلى مطاردة، واستقال مراسلنا خوفا على حياته، وسمعنا كلاما كثيرا من عدد من الصادقين، لكن أيضا من عدد من الكاذبين اللاعبين على كل الحبال.

لم نكترث، فما قلناه يومها كان الصدق، والأيام الآن تؤكد أن هذا الصمت الذي تتلفع فيه طبقتانا الحزبية والإعلامية هو صمت يشبه صمت ماقبل ليلة العشرين من فبراير سنة 2011 حين سارع البعض إلى حسابه البنكي لكي يفرغه، وحين قال البعض “لن أقول شيئا ماعرفتي شنو يوقع“، وحين قال عدد كبير من الجبناء “مانتقولبش، بالتي نشوف شنو غيطرا“.

لم يقع ولن يقع إلا كل خير لهذا البلد، وأهل هذا الإيمان الضعيف لا يمكن للمغرب أن يعول عليهم يوما. سيخذلوننا إن آجلا أم عاجلا…

المغرب يعول على المؤمنين حقا به بالأمس، واليوم وغدا وحتى نهاية كل الأيام…

إنتهى الكلام، رعى الله صاحب العبارة فقد تركها لنا للتاريخ فعلا .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الحسيمة، عن ريفنا المغربي، وعن بقية الأشياء… عن الحسيمة، عن ريفنا المغربي، وعن بقية الأشياء…



GMT 04:18 2017 الجمعة ,04 آب / أغسطس

الملك والشعب…والآخرون !

GMT 04:27 2017 الجمعة ,28 تموز / يوليو

أطلقوا سراح العقل واعتقلوا كل الأغبياء !

GMT 06:11 2017 الخميس ,01 حزيران / يونيو

ولكنه ضحك كالبكا…

GMT 05:21 2017 الإثنين ,01 أيار / مايو

سبحان الذي جعلك وزيرا ياهذا!

GMT 05:02 2017 الجمعة ,28 إبريل / نيسان

رباه..إنهم يلقنون فرنسا الديمقراطية !!!

GMT 13:23 2017 الخميس ,28 أيلول / سبتمبر

شاب يفاجئ بأخته ضمن وفد من المومسات في الناظور

GMT 14:42 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

فتح تحقيق مُعمَّق في افتراس حيوان مُتوحِّش لشخص في زاكورة

GMT 08:02 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

فوائد لا تحصى عند امتصاص حبة قرنفل صباحًا

GMT 05:42 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

سائق لوري يعثر على خاتم ذهبيّ مثير من العصور الوسطى

GMT 08:48 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

دواء جديد يعالج سرطاني الثدي والمعدة

GMT 05:28 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقترحات مبتكرة لشراء هدايا عيد الميلاد عبر الإنترنت

GMT 05:11 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

"مارشيزا" تستعد لتقديم مجموعة خريف 2018 في نيويورك

GMT 13:24 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

اعتقال مغربي في إيطاليا تسبّب في كسر جمجمة طفله

GMT 05:39 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا محسن تحتفل بزوجها في التجمع الخامس الإثنين

GMT 19:57 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

عطاف الروضان تبرز أهمية مواقع التواصل في دعم قضية المرأة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca