ليت تفاصيل عيدنا تعود

الدار البيضاء اليوم  -

ليت تفاصيل عيدنا تعود

بقلم - الاعلامي علي حياصات

أراقب عيون الأطفال عند شرائهم ملابس العيد ..وأراقب لهفتهم لانتقاء الجديد ..
تذكرت كيف كان العيد في زمن طفولتنا ..تذكرت أيام الحصالة أو الحواشة المملوءة بالقروش ذات اللون النحاسي التي فركت بالرمال حتى توهجت لتزداد بريقا ....وقيمة لأننا كان هكذا براءة اعتقادنا ..
تذكرت كيف ننتظر يوم العيد ..كيف نغزو السوق خلف ابي وامي كالمسيرة ..او كالطلاب إلى الصف .في طابور المدرسة الصباحي ....واحدا تلو الاخر ونحن نشعر بالفرح والسعادة ..
 وقد نضرب بعضنا وندفع بعضنا البعض ...او نتناكف من منا الاكثر حظا في شراء العيدية قبل الاخر ....واحدنا دائما يتأخر لانه مابيعجبه العجب ... ولكن دون ان يشعر ابي..
لا انسى طرقات الحارة في السلط قبل ايام العيد ..اصوات الطرق وضربات قوالب المعمول تعزف رائحة التمر والجوز مع القرفة في كل بيت ...تجتمع به الجارات والاطفال والبنات ..
 اتذكر أني كنت اتوسل للوالدة الغالية(ربي يطول عمرها) ان تمنحني فرصة لاضرب قالب المعمول واستخرج منه حلية نأكلها ...لان عمل المعمول متعة مابعدها متعة ...
 حاولت مرة او مرتين لكن زاوية الحبة تكسرة فانحرمت من المساعدة..
 قبل يوم العيد عندما نجوب طرقات الحارة نسمع هدير افران الغاز العربية ..ابو راس 
واصوات الأمهات تنادي ..
فاطمه ..خلود ..يمه ياعلي ..ولكوا ردوا علي ..
وطي على الفرن ...اطحني السكر ..
سمفونية عيد واستعداد ليوم العيد
وصحون المعمول تتناقل بين البيوت ليعرف اكثر نسوان الحارة  معدلة .....
اما ملابسنا ..اتذكر كنا نقف أمام والدتي وهي تمرر بالمكواه ذات الضوء البرتقالي على قميصي وبنطلون اخي ...لتمحو (تصفيطت ) القميص الجديد المربعة كما هي دفاتر الرياضيات في زمننا ..او كشابيك البيون القديمة المربعة ...
بعد ان تكويها نمسكها بكل حذر ونفردها على الكنبة ..ولا اعرف لماذا تحديدا على الكنبة  في غرفة الضيوف ...
لكن كما يوضع البطيخ تحت التخت ..تسدل ملابس العيد على كنبايات غرفة الضيوف ..
 
ونرتب حتى المحارم الورقية لتكون جاهزة ...
 يا الله ..يالله ونحن ننتظر ان يثبت العيد ...
ننتفض من اماكننا عندما نسمع ام كلثوم ..
ياليلة العيد ..انستينا .....
ونثب من مكاننا ..بأن العيد ثبت 
ولكن بهدوء ابي المعهود ....بعكس ايام رمضان .. ( الله يرحمه ) وهو يمتص زفير السيجارة من على جنبات شفتيه ...لسا بعده ماثبت ....ماثبت العيد ....
ونبقى نتابع ابي ونسأله كل لحظة ...ثبت ولا لا ؟؟؟
في ليلة العيد ..لاننام ونتقلب ذات اليمين والشمال ونتحدث بهدوء وكأن الليل سنوات ...يمر علينا ببطء ونحن ننتظر ان نسمع تكبيرات العيد ..
اجمل لحظة عندما ينادينا أبي وأمي ..من على فراش نومنا 
قوموا ..اجا العيد ..يالله.....
ما اروعها من لحظة ....
 نثب من فراشنا لاننا لم ننم بعد ..
ونرتدي ملابسنا في اقل من دقيقة
ولا انسى ابي عندما كان يمسك بأطراف لحيتي وانا أمامه ويسبل لي شعري بعدما يبلله بالماء .. ويتفنن بالتسريحة وبتمرير المشط من مفرقي ..
ووالدتي تهتم بالبنات ..
 بعد الصلاة ..وزيارة القبور ..ننتشر في كل موقع ..نكرة حبات (الملبس) أو حلوى الغريبة ....نعشق فقط من (يعايدنا مصاري) ....ونعد المبلغ كل نصف ساعة وكأننا في ديوان المحاسبة ..
ولكن خلال ساعات من بداية نهار العيد  ..نشعر بالنعاس وننام بملابسنا ولعبتنا ( مسدس الفلين ...أو رشاش الشرار ....)  وفلوسنا .معدودة ومحفوظ قيمتها ....ننام بعمق .وبتعب .
لا اعرف 
هل لان انتظار الفرح يحرمنا النوم 
ام لاننا شعرنا بالفرح فأمنا ..فنمنا ...
يارب انثر علينا الفرح لننام مرتاحي البال ..
وارحم والدي واخي ..فأننا نفتقدهم لان أماكنهم خاوية .
واطل يارب في عمر والدتي ..
ليبقى فينا الفرح ما حيينا....
اللهم امين
كل عام ونحن وذكرياتنا بخير ..لأنه هي التي تبقينا على قيد الفرح والحب

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليت تفاصيل عيدنا تعود ليت تفاصيل عيدنا تعود



GMT 19:07 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

هذا ما أراده سلطان

GMT 13:04 2018 الأربعاء ,18 إبريل / نيسان

الموت كتكتيك أيدولوجيّ

GMT 10:11 2018 الجمعة ,23 آذار/ مارس

فلسفة الموت

GMT 00:01 2018 الخميس ,08 آذار/ مارس

زيارة للبلد متعدد الأعراق ومتنوع الثقافات

GMT 10:07 2018 السبت ,03 آذار/ مارس

تغريدة آذار

GMT 08:50 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

اكتشاف العلاقة بين المخ والمعدة يمهد لعلاج البدانة

GMT 04:26 2016 الأحد ,04 كانون الأول / ديسمبر

المغنية ماريا كاري تتألق في فستان وردي رائع

GMT 00:46 2017 الأربعاء ,06 أيلول / سبتمبر

أمينة خليل تعبر عن سعادتها بنجاح "الخلية" مع أحمد عز

GMT 22:17 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

سيبايوس يؤكد أن تغيير المدرب كان ضروريًا

GMT 04:12 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

إليك تصاميم خزانات ملابس عصرية تناسب المساحات الصغيرة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca