الرئيسية » تحقيقات وأخبار بيئية
الأعشاب البحرية

واشنطن-الدار البيضاء اليوم

تتطلب معالجة أزمة تغير المناخ في الأنظمة البيئية البحرية انتهاج استراتيجيات متنوعة، بدءاً من حماية السواحل وزراعة الأعشاب البحرية، وصولاً إلى استعادة مجموعات الحيتان.
كربون البيئة الساحلية

يقول البروفسور كارلوس دوارتي، الأستاذ المميز في علوم البحار في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، «يُمثل الحفاظ على المحيطات والنظم البيئية الساحلية في العالم استراتيجية لا غبار عليها، تعود بالنفع الهائل على الإنسان والكوكب». وقد تولى دوارتي على مدار ثلاثة عقودٍ أبحاثاً تتناول «الكربون الأزرق» في النظم البيئية.و«الكربون الأزرق» عبارة عن الكربون الذي يُمتص ويُخزن في الأنظمة البيئية الساحلية ذاتياً، ويعمل على خفض انبعاث ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، للحد من تغيرات المناخ والتكيف معها. وهو يتضمن السواحل والشواطئ الرملية وأشجار المنجروف وغابات أعشاب البحر والمستنقعات الملحية والأعشاب البحرية.وتوفر هذه النظم البيئية منافع متعددة، سواء باعتبارها مصارف للكربون، أو عبر خدمات النُظم البيئية الأخرى التي تقدمها. فهي تُمثل بيئاتٍ لمصائد الأسماك والعديد من الكائنات البحرية، فضلاً عن دورها في تنظيم جودة المياه الساحلية، ووظيفتها كدِرع واقٍ من العواصف والفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر. وهي تعتبر مصادر للغذاء، وتوفر فرص عمل، بدءاً من قطاعات النقل وصولاً إلى السياحة.

ويمكن للنظم البيئية البحرية خفض مستويات تغير المناخ من خلال عزل الكربون الموجود في الغلاف الجوي والمحيطات، ثم تخزينه في النظم البيئية البحرية نفسها، مثل الكربون الأزرق. وتبدو بعض الخيارات التي توصل إليها الباحثون أخيراً لعزل الكربون الأزرق واعدة للغاية. فعلى سبيل المثال، تُبين دراسة سابقة أجراها دوارتي وزملاؤه أن بعض أنواع الطحالب الكبيرة القابعة في الأعماق قادرة على تخزين قدرٍ أكبر من الكربون مقارنة بالنباتات الساحلية الأخرى. وقد اكتشف باحثو «كاوست» أن تلك الطحالب الكبيرة، أو الأعشاب البحرية، تلتقط بشكل طبيعي كمية أكبر من الكربون من الغلاف الجوي مما كان يُعتقد سابقاً. كما تلتقط النباتات، مثل الأعشاب البحرية والأشجار، الكربون الموجود في الغلاف الجوي من خلال عزله، ومن ثم تحوله إلى مادة نباتية. وفي أغسطس (آب) 2019، أعلنت مجموعة من الباحثين الدوليين بقيادة البروفسور دوارتي عن أول دليل كمي موثق يحدد موقع الأعشاب البحرية خارج الخط الساحلي. فقد اكتشفوا وجود مجموعة متنوعة من أنواع الطحالب الكبيرة تنجرف لمسافة تصل إلى 5000 كيلومتر خارج المناطق الساحلية. ويغرق نحو 70 في المائة من هذه الطحالب الكبيرة – والكربون الذي تلتقطه – إلى أعماق تصل إلى 1000 متر تحت مستوى سطح البحر. ومن المستبعد في هذه الأعماق أن يعود الكربون المحبوس إلى السطح، ومن ثم إلى الغلاف الجوي.

تخزين الكربون

وفيما يواصل باحثو «كاوست» تحديد مقدار الكربون الذي تحتجزه الأعشاب البحرية التي حددوا هويتها، فإن من الواضح أن اكتشافهم هذا يمهد الطريق لدمج الكربون المحتجز في الأعشاب البحرية في الحسابات العالمية للكربون الأزرق الذي يتراكم في المحيط. فالتقييمات الدقيقة للكربون الأزرق هي الخطوة الأولى حماية واستعادة النظم البيئية الساحلية التي تحبس الكربون. ويذكر في هذا الصدد أن حكومة كاتالونيا منحت في يوليو (تموز) 2019 البروفسور دوارتي جائزة رامون مارجاليف في علم البيئة، عن أبحاثه وأبحاث «كاوست» حول الكربون الأزرق.وفي الوقت الراهن، وضع دوارتي وزملاؤه تقديراتٍ بشأن إمكانات أستراليا والصين لتخزين الكربون العضوي في النظم الساحلية المُغطاة بالنباتات وأشجار المنجروف والمُستنقعات المالحة والأعشاب البحرية. وعكفوا كذلك على تقييم توزيع الأعشاب البحرية البُنية والطحالب الكبيرة في القيعان، وإسهامها المُحتمل على صعيد تخزين الكربون.

وتشتمل دراسة دوارتي الأخيرة أيضاً على أثر «الاستراتيجية الرباعية» في إعادة بناء الحياة البحرية بحلول عام 2050، التي تُوضح، على سبيل المثال، أن استعادة مجموعات حيتان العنبر قد تعزل قرابة 0.8 غيغا طن من الكربون في كل عام. ويُفسر دوارتي الأمر قائلاً: «ما تصنعه الحيتان يتخطى تخزين ثاني أوكسيد الكربون داخل أجسادها، فهي تنقل كذلك العناصر الغذائية، مما يُسرع من وتيرة الإنتاجية في المحيطات ويحافظ على خصوبة تلك الحيوانات. لذا فإنه في الوقت الذي نعمل فيه على استعادة مجموعات الحيتان والحيوانات الأخرى، ستصير المحيطات أكثر إنتاجية وقدرة على عزل الكربون. فتعزيز الغلاف الحيوي يُحسن قدرته على بلوغ التوازن من جديد».ورغم أهميتها، فإن النظم البيئية للكربون الأزرق تتعرض لتهديد من التغيرات المناخية والصيد والتلوث والآفات البحرية والتنمية الحضرية الساحلية. فعلى سبيل المثال، فَقَدَ العالم بالفعل حوالي نصف ما كان في جُعبته من نُظم بيئية كامنة في أشجار المنجروف. ويقول دوارتي: «إذا كان يُنتظر من غابات المنجروف والأعشاب البحرية والمُستنقعات الملحية أن توفر خدماتٍ حيوية للنظم البيئية، فإننا بحاجة إلى حمايتها، واغتنام كُل فُرصة لاستعادة تلك الموائل».

قد يهمك ايضا:

 جوتيريس يؤكد أن تغير المناخ تهديد وجودي ونحن على حافة الهاوية

 اختفاء ثاني أكسيد الكربون من الجو يهدد بنهاية العالم

View on casablancatoday.com

أخبار ذات صلة

إطلاق مشروع لتوسعة ميناء الجبهة لفائدة 300 صياد وآخر…
ارتفاع عدد الضحايا جراء الإعصار "إيان" إلى 62 قتيلاً…
وزارة الفلاحة المغربية تُستعرض حصيلة عمليات المراقبة على الأعلاف…
الرئيس الأسد نحو الاعتماد على الطاقة المتجددة لحل أزمة…
نورد ستريم الروسية تعلن وقف تسرّب الغاز من خط…

اخر الاخبار

"الحرس الثوري الإيراني" يعيد انتشار فصائل موالية غرب العراق
الحكومة المغربية تُعلن أن مساهمة الموظفين في صندوق تدبير…
روسيا تُجدد موقف موسكو من الصحراء المغربية
الأمم المتحدة تؤكد دعمها للعملية السياسية لحل نزاع الصحراء

فن وموسيقى

أشرف عبد الباقي يتحدث عن كواليس "جولة أخيرة" ويؤكد…
وفاة الفنانة خديجة البيضاوية أيقونة فن "العيطة" الشعبي في…
كارول سماحة فَخُورة بأداء شخصية الشحرورة وتستعد لمهرجان الموسيقى…
شيرين عبد الوهاب فخورة بمشوارها الفني خلال الـ 20…

أخبار النجوم

أمير كرارة يحافظ على تواجده للعام العاشر على التوالى
أحمد السقا يلتقي جمهوره في الدورة الـ 41 من…
أنغام تستعد لطرح أغنيتين جديدتين بالتعاون مع إكرم حسني
إصابة شيرين عبدالوهاب بقطع في الرباط الصليبي

رياضة

أشرف حكيمي يوجه رسالة للمغاربة بعد الزلزال المدّمر
الإصابة تٌبعد المغربي أشرف بن شرقي عن اللعب مع…
المغربي حمد الله يقُود إتحاد جدة السعودي للتعادل مع…
كلوب يبرر استبدال محمد صلاح في هزيمة ليفربول

صحة وتغذية

فوائد صحية مذهلة مرتبطة بالقلب والمناعة للأطعمة ذات اللون…
النظام الغذائي الأطلسي يخفف من دهون البطن ويحسن الكوليسترول
بريطانيون يطورُون جهازًا جديدًا للكشف المبكر عن أمراض اللثة
اكتشاف مركب كيميائي يساعد على استعادة الرؤية مجددًا

الأخبار الأكثر قراءة