الرئيسية » عالم الإعلام
الكتب المغربية

الرباط - الدار البيضاء

صدر مؤخراً عن المجلة المغربية للإدارة المحليـة والتنمـية (REMALD) كتـاب “السياسة الخارجية للمملكة المغربية من الاستقلال إلى اليوم، الأسس، التأثيرات والتحولات الجيوسياسية”، لحسن الناصري، الدكتور في العلوم السياسية، شعبة العلاقات الدولية، والذي يَشغل حاليا منصب سفير في جمهورية السنغال وجمهورية غامبيا وجمهورية الرأس الأخضر.ويرصد هذا المُؤلَف القيم، الذي يُعد ثمرة بحث أكاديمي وعمل ميداني، محاور تتعلق بالأسس التاريخية والثقافية والاقتصادية والجيوسياسية للسياسة الخارجية المغربية، من خلال المواقف المعروفة والمشهود بها إقليميا ودوليا. كما يأتي اختيار الموضوع رداً على من يشككون في بنيان دبلوماسيتنا ومرجعياتها وارتكازها على محددات تتكيف بسلاسة مع تقلبات المحيط الجهوي والدولي. وبَديهي أن تنهل هذه السياسة من الثقل التاريخي للدولة – الأمة المغربية في عمقها الحضاري وبعدها الإستراتيجي، وفي انسجام مع مكونات الهوية المغربية.

وفي تقديمه للكتاب، أشار عبد الله بلقزيز، السفير والوزير السابق، إلى أن السياسة الخارجية للدول أضحت تكتسي أهمية خاصة لترابط المصالح والتهديدات والتحديات المشتركة، موضحا أن المغرب الذي يتمتع بتأثير جيوسياسي خاص، نظرا لتموقعه كبوابة لإفريقيا وأوروبا، وفي أقصى العالم العربي، وكذا عند ملتقى البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، يمارس دبلوماسية براغماتية منفتحة على الآخر وتأخذ بعين الاعتبار التحولات المعقدة في محيطه. وهذه السياسة تقوم على مبادئ ثابتة، لكن وفق إستراتيجيات وأساليب عمل ملائمة لكل مرحلة تاريخية.

فإذا كانت مرحلة ما بعد الاستقلال تركزت على استعادة السيادة الوطنية واستكمال الوحدة الترابية في بعض الأقاليم، فإن هذا المسار تواصل بإعلان الملك محمد الخامس، طيب الله ثراه، في محاميد الغزلان في 1958، عن انخراط المغرب في استرجاع أقاليمه الصحراوية المحتلة، وهو ما تم بفضل المسيرة الخضراء التي أبدعها المرحوم الملك الحسن الثاني سنة 1975.وتعززت هذه السياسة في عهد الملك محمد السادس بإعلانه عام 2007 عن مبادرة للتفاوض من أجل الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية. وفي وقت لاحق، تمت صياغة نموذج تنموي مكن من تحقيق نتائج في مجال التنمية تضاهي، بل وتتجاوز أحيانا، ما تحقق في الجهات الأخرى للمملكة.

وهكذا فإن الأمر يتعلق بسياسة شاملة رافقت على الدوام استكمال الوحدة الترابية، واليوم يقطف المغرب ثمار هذا العمل المتراكم، ما يعطيه قدرة على الصمود والتحمل لرفع كل التحديات، ويؤهله للتفاوض والمناورة من موقع قوة.هذه المقاربة هي التي يتناولها هذا المُؤلَف، مستعرضا المسار الدبلوماسي للمملكة من حيث الثابت والمتحول، ومتوقفا على المجهود الموصول للتكيف مع الواقع الجديد، مع اليقظة المطلوبة لأجل استباق التطورات والمتغيرات على مستوى تنظيم العلاقات وتوزيع النفوذ والثروات بين الأمم.

ولا شك أن المهتمين والطلبة والباحثين والنخبة السياسية سيجدون في هذا الكتاب ما يستجيب لانتظاراتهم في هذا المجال الذي طالما ظل حكرا على طبقة محدودة من سامي الموظفين، قبل أن يعم فئات أخرى من المهتمين بالدبلوماسية المغربية وتطوراتها التي تنعكس على باقي السياسات العمومية وعلى حياة المجتمع.من جهته اعتبر الدكتور زكرياء أبو الذهب، الأستاذ بجامعة محمد الخامس في تصدير الكتاب، أن هذا المؤلف وبدون شك يعتبر دراسة نسقية للفعل الدبلوماسي المغربي على المستويين النظري والتطبيقي، مضيفا أن الكتاب المعزز بوثائق وافرة يقع في فصلين منقسمين إلى عدة فروع مترابطة ومتكاملة في ما بينها.

واهتم الفصل الأول بمساءلة الحتمية والمحددات الداخلية والخارجية للسياسة الخارجية المغربية، في حين تناول الفصل الثاني بالدرس والتحليل التحديات الإستراتيجية ومسألة الملاءمة بين الأهداف والوسائل في مناخ دولي متقلب.للإشارة فقد خصص الكاتب فرعا أوليا للتذكير بالإطار النظري والإبستمولوجي للدراسة.كما يتميز هذا الكتاب بأسلوب سلس وارتباط ممنهج للأجزاء المكونة له، يجعل القارئ ينتقل بين فصوله بسلاسة، وذلك في احترام لقواعد التحرير والتبويب.

ومن القضايا التي توقف عندها الكاتب مسألة التداخل والاعتماد المتبادل بين السياستين الداخلية والخارجية، تبعا لنظريات مرسيل ميرل وجيمس روزنو، وعدد من المختصين في البراديغم المعتمد على توحيد الحقلين الداخلي والخارجي.وتبنى المغرب هذه الرؤيا المرتكزة على الجمع بين الحقلين الداخلي والخارجي. وفي هذا الإطار فإن الملك محمد السادس جعل السياسة الخارجية رافعة للسياسة الداخلية، وهذه الأخيرة كدعامة للأولى؛ وهذا ما تبناه النموذج التنموي الجديد لأجل بلوغ الأهداف المسطرة في أفق 2035.

وتقوم المرجعية المغربية في هذا الصدد على الوسطية والاعتدال في بحث عن توازن ليس بالسهل بين مختلف القوى التي تهيكل النظام الدولي.إن مفهوم الدوائر المتحدة المركز هو مؤشر الفعل ورد الفعل والتفاعل في السياسة الخارجية للمغرب، وإذا كانت هناك ثوابت فهي معرضة لثقل عوارض الظرفية. من هذا المنطلق فإن السياسة الخارجية المغربية تجد لها معنى وأهمية ينبغي تطويرها باستمرار حتى يتسنى رفع التحديات المستجدة على الصعيد الدولي، والتجاوب مع متطلبات الدولة-الأمة في الاستقرار والنمو.

ودون التقليل من المكاسب الكبرى التي تحققت، تجدر الإشارة إلى التحديات الكبرى، وعلى رأسها استكمال الوحدة الترابية، من خلال الوصول إلى إغلاق الملف على الصعيد الدبلوماسي الدولي.إن الملك محمد السادس، مهندس السياسة الخارجية لمغرب القرن 21، ما فتئ يعمل من أجل تقوية تموقع المغرب في بيئته الإقليمية والقارية والعالمية، حتى يلعب دوره كاملا كفاعل مؤثر ونشيط، منفتح، مشرق، جامع ومدمج.وأخيرا فإن هذا الكتاب الذي صدر في الحجم الكبير (400 صفحة) تكمن أهميته في فتح نقاش حول السياسة الخارجية المغربية على المستويين النظري والتطبيقي، على ضوء التحولات الراهنة، ومنها الآثار الجيوسياسية التي تجد نفسها على منحدر شديد الانزلاق.

قد يهمك ايضاً

مجلة فرنسية تستغرب عدم تحرك السلطات الألمانية لاعتقال "الإرهابي حاجب"

مجلة مالية تذكر أن مجلس السلم والأمن التابع للإتحاد الإفريقي اختار "السباحة ضد التيار"

View on casablancatoday.com

أخبار ذات صلة

تعاون إعلامي بين الكونسرفتوار الوطني و"المؤسسة اللبنانية للارسال"
إعلان أسماء الفائزين بجوائز الإعلام المرئي بمُنتدى الإعلام العربي…
ترامب يُهدد بمقاضات عدد كبير من وسائل الإعلام الأخرى…
منتدى الصحافيين الشباب يُطالب مجدداً بمراجعة شاملة للقانون المنظم…
التقشّف والتطوير يجبر البي بي سي على وقف بث…

اخر الاخبار

"الحرس الثوري الإيراني" يعيد انتشار فصائل موالية غرب العراق
الحكومة المغربية تُعلن أن مساهمة الموظفين في صندوق تدبير…
روسيا تُجدد موقف موسكو من الصحراء المغربية
الأمم المتحدة تؤكد دعمها للعملية السياسية لحل نزاع الصحراء

فن وموسيقى

أشرف عبد الباقي يتحدث عن كواليس "جولة أخيرة" ويؤكد…
وفاة الفنانة خديجة البيضاوية أيقونة فن "العيطة" الشعبي في…
كارول سماحة فَخُورة بأداء شخصية الشحرورة وتستعد لمهرجان الموسيقى…
شيرين عبد الوهاب فخورة بمشوارها الفني خلال الـ 20…

أخبار النجوم

أمير كرارة يحافظ على تواجده للعام العاشر على التوالى
أحمد السقا يلتقي جمهوره في الدورة الـ 41 من…
أنغام تستعد لطرح أغنيتين جديدتين بالتعاون مع إكرم حسني
إصابة شيرين عبدالوهاب بقطع في الرباط الصليبي

رياضة

أشرف حكيمي يوجه رسالة للمغاربة بعد الزلزال المدّمر
الإصابة تٌبعد المغربي أشرف بن شرقي عن اللعب مع…
المغربي حمد الله يقُود إتحاد جدة السعودي للتعادل مع…
كلوب يبرر استبدال محمد صلاح في هزيمة ليفربول

صحة وتغذية

فوائد صحية مذهلة مرتبطة بالقلب والمناعة للأطعمة ذات اللون…
النظام الغذائي الأطلسي يخفف من دهون البطن ويحسن الكوليسترول
بريطانيون يطورُون جهازًا جديدًا للكشف المبكر عن أمراض اللثة
اكتشاف مركب كيميائي يساعد على استعادة الرؤية مجددًا

الأخبار الأكثر قراءة