الرباط – رضوان مبشور
الرباط – رضوان مبشور تخلد المملكة المغربية الثلاثاء 30 تموز / يوليو الذكرى الرابعة عشرة لتولي العاهل المغربي الملك محمد السادس مقاليد الحكم، بعدما تسلمها بشكل رسمي في 1999، خلفا لوالده الراحل الملك الحسن الثاني التي توفي في 23 تموز/ يوليو من نفس العام، بعدما حكم المغرب لمدة 38 عاما. ومن المرتقب أن يلقي الملك محمد السادس خطابا للشعب المغربي
الثلاثاء من القصر الملكي بالدار بالبيضاء سيقدم من خلاله حصيلة الأربعة عشر سنة من البناء والإصلاح كما جرت العادة، عرفت خلالها المملكة المغربية متغيرات كثيرة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية.
وسيشرف فيما بعد العاهل المغربي على حضور حفل الولاء، لتجديد البيعة ، الذي يحضره الولاة والعمال، وكافة المنتخبون بالأقاليم (المحافظات) المغربية، مع احتمال إرجاءه إلى ما بعد شهر رمضان لكي يمر في أجواء أفضل، حسب بعض المصادر المقربة من المحيط الملكي، في غياب أي بيان رسمي من الديوان الملكي في هذا الخصوص، كما سيترأس العاهل المغربي مساء الثلاثاء حفل استقبال رسمي على شرف أعضاء الحكومة المغربية وكبار رجال الدولة المدنيين والعسكريين، والسفراء الأجانب المعتمدين بالمغرب، والضيوف الخاصين وأصدقاء الملك.
وبقراءة لتاريخ المغرب الحديث، فأغلب المؤرخين والمتتبعين للشأن السياسي المغربي يقرون أن الملك الراحل الحسن الثاني عمل منذ منتصف التسعينات على تمهيد طريق الإصلاح السياسي لنجله محمد السادس، بداية بتأسيسه لتجربة التناوب التوافقي في العام 1998، سنة ونصف فقط قبل رحيله، والتي حملت أحد أكبر معارضي النظام وأشد زعماء اليسار عبد الرحمان اليوسفي لتولي رئاسة الوزارة الأولى مرورا بالإصلاحات الهيكلية للجانب الاقتصادي والاجتماعي ووصولا إلى إصلاح الإدارة العمومية والمؤسسات.
وفي هذا الإطار يرى الخبير المغربي في التواصل السياسي كريم الدويشي في لقاء مع "المغرب اليوم"، أن "تولي محمد السادس للحكم شكل قطيعة مع فترة حكم والده الحسن الثاني على مستوى الممارسة السياسية، سواء من حيث الالتزام بالمواعيد الانتخابية، أو الالتزام حرفيا بمضامين الدستور".
وأشار أن "طيلة مدة حكم محمد السادس للمملكة المغربية تم فتح باب السياسة أمام جميع التيارات السياسية دون استثناء من أقصى اليسار الراديكالي إلى اليمين الإسلامي الذي يتولى اليوم رئاسة الحكومة المغربية"، مضيفا " 90 في المائة من النخبة السياسية في المغرب شاركت اليوم في تسيير شؤون البلاد، سواء كمعارضة أو كحكومة، وهو ما يحسب للملك الذي يعتبر رئيسا للدولة".
وأشار كريم الدويشي إلى أن "حكومة التناوب التي بدأ العمل بها في العام 1998 في عهد الملك الراحل الحسن الثاني كانت صعبة التحقيق، لكنها أصبحت اليوم واقعا ممارسا"، مؤكدا أن "حكومة إدريس جطو التي تولاها التكنوقراط كانت مسألة طبيعة نظرا للمرحلة الانتقالية التي كان يعيشها المغرب، والتي فرضت اللجوء إلى حكومة كفاءات غير سياسية تحت رئاسة الملك"، والتي أنجت المغرب من الكثير من الآفات والمنزلقات، على حد تعبيره.
وأردف الخبير أن "مملكة محمد السادس لم يعد فيها الحكم حكرا على أي فئة عكس باقي الدول العربية الأخرى التي طغى عليها حكم الحزب الواحد"، مؤكدا أن "اليسار الراديكالي حكم المغرب من خلال حكومة عبد الرحمان اليوسفي في الفترة مابين 1998 و 2002، والتكنوقراط حكموا المغرب مابين 2002 و 2007، وأحزاب اليمين والأحزاب الإدارية تولت تسيير شؤون البلاد من خلال حكومة عباس الفاسي في الفترة مابين 2007 و 2012، كما أخد أيضا حزب العدالة والتنمية الإسلامي دوره هو الآخر ومازال يسير الحكومة الحالية مند 3 كانون الثاني / يناير 2012".
وفي ما يتعلق بالمؤسسة الملكية أكد كريم الدويشي أنها "أصبحت أكثر حضورا وقوة وأكثر انسجاما مع المجتمع، وأصبحت محل إجماع أغلب الفرقاء السياسيين والفاعلين في الحقل السياسي".
وأكد المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية إبراهيم كومغار لـ "المغرب اليوم" أن "فترة حكم العاهل المغربي محمد السادس تميزت بإطلاق مجموعة من البرامج والمبادرات الفريدة على المستويين الأفريقي والعربي، بداية بمصالحة الدولة مع التيار الراديكالي عبر مبادرة الإنصاف والمصالحة، التي شكلت استثناءا مغربيا فريدا على المستويين العربي والإفريقي من خلال اعتراف الدولة الرسمي والدستوري بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي عرفها المغرب منذ فجر الاستقلال إلى غاية العام 1999، حيث تم تعويض جميع المتضررين والاعتذار لهم رسميا ودستوريا".
وأضاف ذات المحلل أن "من بين الأمور التي تحسب لمملكة محمد السادس تصالح النظام مع القضية الأمازيغية عبر تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، إضافة لترسيمها دستوريا والاعتراف بها كلغة رسمية للبلاد إلى جانب اللغة العربية، وتدريسها ضمن المقررات الدراسية على غرار باقي اللغات الأخرى وهو ما يشكل أيضا استثناء على مستوى الدول التي تعيش فيها أقليات أمازيغية، بالإضافة إلى الاهتمام بها إعلاميا من خلال إطلاق القناة التلفزيونية (تمازيغت)، التي حاولت أن تحافظ على الموروث الثقافي الأمازيغي وضمان استمراريته بطريقة عقلانية و غير فلكلورية".
وعلى مستوى قضية الصحراء أشار إبراهيم كومغار أن "محمد السادس نهج طيلة حكمه سياسية بغية المصالحة مع سكان الصحراء عن طريق إنشاء المجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية (الكوركاس) الذي مثل مشروع حل سياسي لأزمة كان يعتبر حلها من المستحيلات على مستوى مجلس الأمن الدولي، ثم اقتراحه لحكم ذاتي موسع في أقاليم الصحراء لتجاوز الخلاف مع جبهة (البوليساريو) الذي عمر لأزيد من 38 سنة".
وعلى المستوى الاقتصادي أشار كومغار إلى أن "المغرب حقق في ظرف 14 سنة من حكم محمد السادس حركة اقتصادية لم يعرفها المغرب من قبل، سواء على مستوى البنيات التحتية التي عرفت تحسنا كبيرا، زيادة على التطور الملحوظ في الناتج الداخلي الخام نتيجة النمو الذي عرفه قطاع البناء وهيكلة بنية الصادرات المغربية، إضافة إلى تقوية قطاع الخدمات و تحرير القطاعات الاقتصادية".