آخر تحديث GMT 23:48:18
الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء "تصرخ" من تحت الماء والساكنة تستغيث

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  - الدار البيضاء

صورة تعبيرية
الرباط - الدار البيضاء اليوم

مرة أخرى تتجدد مطالب البيضاويين بضرورة تفعيل مقتضيات الدستور في ما يتعلق بربط المسؤولية بالمحاسبة في حق كل من ثبت تقصيره في القيام بواجباته وتورطه في ما آلت إليه أوضاع مدينتهم من تدهور صارخ، وكأن قدرها المحتوم أن تعيش في دوامة من الأزمات، إذ لا تكاد تخرج من أزمة حتى تدخل في أخرى، وهي التي توصف بالقلب النابض للمغرب وعاصمته الاقتصادية وما إلى ذلك من الأوصاف، التي لا تصمد كثيرا أمام تراكم الأزبال والقاذورات أو عند نزول القطرات المطرية الأولى كلما حل فصل الشتاء وكانت الأجواء ماطرة، كما حدث في بحر الأسبوع الأول من السنة الميلادية الجديدة 2021.

      ذلك أن بضع ساعات من تهاطل أمطار الخير عصر يوم الثلاثاء 5 يناير 2021، كانت جد كافية للكشف عن هشاشة البنية التحتية، من حيث انسداد مجاري الصرف الصحي وعدم قدرتها على استيعاب منسوب المياه المطرية، التي غمرت الأحياء والشوارع، وألحقت أضرارا بليغة بالبيوت السكنية والمحلات التجارية. وتسبب تواصلها في حدوث فيضانات أدت إلى غرق الكثير من السيارات والدراجات والعربات المجرورة وغيرها، عرقلة حركة السير والجولان وتحول بعض المناطق إلى شبه جزر معزولة يصعب الدخول إليها أو الخروج منها، مما فوت على عدد من التلاميذ فرصة الالتحاق بمؤسساتهم التعليمة في القطاعين العام والخاص، وحال دون وصول الكثير من العمال والمستخدمين إلى مقرات عملهم في الأوقات المحددة...

 فبقدر ما استبشر المغاربة عامة والفلاحون في البوادي خاصة خيرا بنزول الأمطار مبكرا، لاسيما أنهم جميعا كانوا بحاجة إلى لحظات من الفرح في ظل ما خلفه تفشي جائحة كورونا من أوجاع وأحزان. بقدر ما تدمر منه سكان المدن وفي مقدمتها مدينة الدار البيضاء، التي اختنقت قنواتها وشرايينها الرئيسية وتضاعفت أزمة حركة السير في معظم طرقها، حيث وجد سائقو السيارات والشاحنات والراجلون أيضا أنفسهم أمام صعوبات كبيرة في التنقل، وزاد من تعقيد الأمور تحول الحفر المنتشرة إلى برك مائية، فضلا عن الاضطراب على مستوى شبكة الطراموي، دون أن يفيد في الحد من آثار الأمطار الغزيرة وتصريف المياه التدخل المتأخر لشركة "ليدك" الفرنسية المكلفة بالتدبير المفوض لتوزيع الكهرباء والماء والصرف الصحي السائل، من خلال تعبئة مواردها البشرية ووسائلها المادية...

 وهو ما أثار موجة من الاستنكار العارم في صفوف السكان البيضاويين، الذين يرفضون بشدة رؤية مدينتهم تغرق أمام أعينهم دون أن تكون لهم من القدرة سوى على التضامن في ما بينهم ومواساة بعضهم البعض، والمطالبة بمحاسبة المتورطين في هذه "الجريمة" الشنعاء، تسندهم في ذلك مجموعة من جمعيات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية، لاسيما أن هناك ميزانيات ضخمة من المال العام تخصص سنويا لصيانة البنيات التحتية، حتى يكون بإمكانها مواجهة قوة السيول والفيضانات المباغتة. كما تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي أشرطة لمشاهد كارثية، تكشف بوضوح عن حجم الخسائر الفادحة على مستوى البنيات التحتية، حيث تضررت شبكة التطهير وغرقت جل القناطر والأنفاق الحديثة في وسط المدينة، وأضحت الأزقة والشوارع مليئة بالبرك المائية العميقة، ولم يسلم حتى المركب الرياضي محمد الخامس الذي استنزفت عمليات الإصلاح المتكرر خلال السنوات الأخيرة أموالا باهظة دون جدوى، وصارت أرضيته في ذلك اليوم "المشؤوم" عبارة عن رقعة للتزحلق في الأوحال، مما ساهم في الإقصاء المبكر لنادي الرجاء البيضاوي (فرع كرة القدم) من دوري أبطال إفريقيا أمام منافسه السنغالي المغمور "تونغيت". ناهيكم عن وقوع بعض حوادث السير جراء انتشار الحفر الكبيرة وفقدان السائقين السيطرة على القيادة...

فحالة الغضب الشديد الذي فجرته التساقطات المطرية المسترسلة لم يصب البيضاويين وحدهم، بل امتد لهيبه ليشمل كل الغيورين من أبناء الوطن بالمدن الأخرى والمقيمين في الخارج، ممن أتيحت لهم فرصة رؤية تلك المشاهد المأساوية التي عرضتها القنوات التلفزيونية الوطنية والأجنبية، أو عبر مقاطع الفيديوهات الرائجة على نطاق واسع في شبكات التواصل الاجتماعي. إذ هناك من يحمل المسؤولية لمجلس المدينة وغياب الشفافية في الصفقات العمومية، وهناك من يقذف بالمسؤولية في اتجاه كل من مدير شركة الدار البيضاء للتهيئة ومدير شركة الدار البيضاء للتنشيط، باعتبارهما شركتين من شركات التنمية المحلية، وهناك كذلك من يوجه الاتهام لشركة "ليديك" ويطالب بفسخ العقد معها لضعف خدماتها وفشلها المتكرر في حماية المدينة. وقد حاول عمدة الدار البيضاء عبد العزيز العماري عند استضافته في أخبار الظهيرة بالقناة الثانية يوم الخميس 7 يناير 2021 تبرئة ذمته والمجالس المنتخبة، إلا أنه بدا باهتا وباءت محاولته في الهروب إلى الأمام بالفشل الذريع.

إن ما تشهده مدينة الدار البيضاء من تناسل للفضائح في العقد الأخير أماط اللثام في عدة مناسبات عن الوجه القبيح لاستشراء الفساد الريع والرشوة والصفقات المشبوهة، وإسناد مهام التدبير للنخب الانتهازية غير النزيهة، في غياب الشفافية والحكامة الجيدة والمراقبة الصارمة وربط المسؤولية بالمحاسبة والإفلات من العقاب، فهل بهكذا تدبير سيء يمكن تهيئة المدينة وتحويلها إلى قطب مالي يضاهي كبريات المدن العالمية؟ ثم كيف لبعض المسؤولين الادعاء بأنهم يطمحون إلى جعلها مدينة ذكية توفر مجموعة من الخدمات التكنولوجية المتطورة، والانتقال بها إلى مدينة التنمية الإدارية والرقمية، فيما هي مازالت عاجزة إلى اليوم عن تحقيق أبسط الخدمات والاحتياجات الضرورية لساكنتها؟

قد يهمك أيضَا :

الفيضانات توقف حركة الطرامواي في منطقة عين السبع

فيضانات مرتقبة في سوس ووزارة التعليم المغربية توصي بإغلاق المدارس

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدار البيضاء تصرخ من تحت الماء والساكنة تستغيث الدار البيضاء تصرخ من تحت الماء والساكنة تستغيث



جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 17:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 21:15 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

فهد الهاجري ينافس في قائمة الكويت في "خليجي 24"

GMT 13:10 2014 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

الرضاعة تُقلل من مُضاعفات الأمراض المُعديّة

GMT 10:04 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 2

GMT 15:18 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الحكم على الفنان السوري سامو زين بالسجن عامين

GMT 09:50 2020 الخميس ,12 آذار/ مارس

في بعض أبعاد سيكولوجية الهلع

GMT 07:36 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تألقّي بإطلالة مُميّزة من وحي المذيعة غالية بوزعكوك

GMT 22:10 2018 الجمعة ,13 تموز / يوليو

رتبي غرفة نوم طفلك في 10 دقائق بهذه الطرق

GMT 00:40 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

حطب التدفئة يُسبب كارثة لأستاذين في أزيلال

GMT 08:19 2014 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ثابت الحسن يكشف ألاعيب السحرة ويحذّر من المشعوذين

GMT 19:56 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

بنعطية أفضل لاعب في يوفنتوس في تشرين الثاني

GMT 08:26 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

لقجع..اِلعب أمامك ثلاث فرص صالحة..للتهديف
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca