المفجوعون بـ «حرب الإخوة الأعداء» في الغوطة

الدار البيضاء اليوم  -

المفجوعون بـ «حرب الإخوة الأعداء» في الغوطة

بقلم : عريب الرنتاوي

من يقرأ التصريحات والمقالات التي تصدر عن بعض “كبار” المعارضة السورية، ذوي الأصول اليسارية والليبرالية والحقوقية حول ما يجري من حروب التصفية بين “الإخوة الأعداء”، يتكشف حجم “الفجيعة” التي أصابت هؤلاء جراء المذابح المتبادلة بين “جيش الإسلام” و”فيلق الرحمن” في غوطة دمشق الشرقية، والتي أودت حتى الآن، بحياة أكثر من 700 مقاتل من الطرفين، فضلاً عن المدنيين الذين يسقطون بالجملة والمفرق.

فهل يمكن لرموز معارضة من وزن ميشيل كيلو وبرهان غليون وغيرهما، أن تكون”حروب الإمارات المتناحرة” قد أخذتهم على حين غرة، ومن دون أن يتوقعوا أو يتحسبوا؟ .... بعض أصدقاء المعارضة بالمناسبة أصابتهم دهشة مماثلة ... ويبدو أن حجم الفجيعة تتناسب مع حجم التوقعات والرهانات التي كان يعلقها هؤلاء على هذه القوى، ليس لأنهم ينتمون إليها أو تنتمي إليهم، بل لأنها قوى الأمر الواقع، الأكثر نفوذاً من بين الميليشيات المسلحة، وطالما أن إسقاط النظام، هو مبتدأ جملة هؤلاء وخبرها، فلا بأس من عقد الرهانات، حتى على السفلة والمجرمين وقطاع الطرق وأمراء السلفية الجهادية بأسمائها ومسمياتها المختلفة.

أحدهم، يوجه سؤالاً لأمراء الحرب مستنكراً: هل تريدون تسليم “الغوطة المحررة” ثانية إلى النظام الأسدي المجرم؟ ... لن نجادل في إجرامية النظام، بيد أن لنا الحق أن نتساءل عن معنى كلمة “محررة” في الجملة الناقصة، سيما وأن المعارض الكبير، يعرف تمام المعرفة، أن الغوطة الشرقية كانت “مختطفة” وليست محررة، وأنها سُيجت بـ “أقفاص” حديدية محشوة بالأبرياء من الأسرى والمختطفين، الذين استخدموا دروعاً بشرية، وهو الذي يذكرنا في مقالته، بدور جيش الإسلام في خطف وقتل العشرات من رموز المعارضة المدنية، عبر سلسلة من حوادث الخطف والتنكيل، لعل أشهرها واقعة رازان زيتونة.

أما كاتب آخر، فيتساءل ببراءة عن السبب الذي يجعل أمراء الحرب يقتتلون فيما بينهم، قبل أن يشرع في اقتراح الإجابة، وهي في معظمها صحيحة للغاية، من الصراع على الموارد وقوت الناس والسلطة والنفوذ، إلى تعدد الولاءات بتعدد مصادر التمويل ... بيد أنه حين يذهب عميقاً في تحليل ظاهرة “الحروب المتنقلة” بين الإخوة الأعداء، يعود فيعبر عن الأسف للخطأ الذي وقعت فيه المعارضة منذ المجلس الوطني، بعدم توحيد هذه الفصائل ووضعها تحت قيادة مشتركة ... هؤلاء لا قضية لهم، وهم لا يتوحدون، فحروبهم في أصلها ومنشئها، حروب على “الماء والكلأ” والسطوة والشهرة ... ولنا أن نتخبل سيناريو توَّحد القتلة في الغوطة، واجتماع قوة جيش الإسلام بفيلق الرحمن ومن هم على شاكلتهم وطرازهم.

إن كان مصير الثورة السورية سيعتمد على قوات ضاربة من هذا النوع، فبئست الثورة وبئس المصير .... وبوجود معارضات من طراز زهران علوش وصحبة، سيشتاق السوريون للأسد ويترحمون على أيامه ... فهل تساءل أصدقاؤنا المفجوعون بأحداث الغوطة، بأنهم حتماً سيكونون من أوائل ضحايا الثورة، لو قدر لفصائل من هذا النوع، أن تطالهم بأيدي مجاهديها؟ ... ألا يعتقدون أنهم مقتولون لا محالة، سواء لخلفياتهم الفكرية اليسارية والحقوقية، أو لانتماءاتهم المذهبية، فلماذا كل هذه “اللطميات” و”الفجائعية”؟ ... أليس من الأجدر أن نتوجه على عادة جداتنا وأجدادنا بالتضرع للعلي القدر، بأن يضرب الظالمين بالظالمين؟

لا أدري كيف أصاب العمى بعض من راهنّا عليهم من المعارضين، وهم قلة على أية حال، حتى أنهم أخذوا ينسجون الأوهام والرهانات على “الجيش” و”الفيلق”، وأحدهم من قبل، انبرى مندداً بواشنطن، لإقدامها على إدراج النصرة في لائحة المنظمات الإرهابية السوداء، وهو “المُكفَّر” بكل مرجعياته، كشيوعي سابق، وكمسيحي ... إنه جورج صبرا إن كنتم تتذكرون... لا أدري كيف يطيق معارضون بهذا الوزن والتاريخ، تسليم قياد أمرهم لقتلة ومجرمين من هذا النوع، وان يقبلوا بهم في “وفد الرياض”، بل وان يجعلوا أحدهم في منزلة “كبير المفاوضين”، أية مسخرة هذه؟

ليس مطلوباً من هؤلاء، خصوصاً من اكتوى بنيران السجون السورية لسنوات وعقود طويلة، أن يعدلوا أو يبدلوا في مواقفهم من النظام، وليس مطلوباً منهم، الائتلاف مع “معارضة حميميم” ... لكننا نتوقع منهم، أن يكون صوتاً مدوياً في وجه عصابات القتل والإجرام، من تدثر منها بلبوس الدين، أو ضبط متلبساً بالجريمة .... وننتظر منهم، أن يكونوا سوطاً يلهب ظهور هؤلاء الذي اختطفوا أحلام الشعب وتطلعات ثورته... ما حاجة للنظام بالأصدقاء إن كان أعداؤه على طراز فصائل الغوطة وشاكلتها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المفجوعون بـ «حرب الإخوة الأعداء» في الغوطة المفجوعون بـ «حرب الإخوة الأعداء» في الغوطة



GMT 07:14 2021 الجمعة ,24 كانون الأول / ديسمبر

"العالم المتحضر" إذ يشتري البضاعة القديمة ذاتها

GMT 06:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

"فتح" و"حماس" ولبنان بينهما

GMT 06:13 2021 الأربعاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 06:13 2021 الأربعاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 06:18 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 20:17 2017 السبت ,25 شباط / فبراير

"اللف والدوران"

GMT 00:03 2018 الإثنين ,19 شباط / فبراير

أفضل الأماكن في ماليزيا لقضاء شهر عسل لا يُنسى

GMT 13:18 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

أفكار مبتكرة لإدخال اللون الأصفر على مطبخك

GMT 14:18 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

ّأسامة فاضل يؤكد أن "صباح الخير" فيلم لكل أفراد الأسرة

GMT 16:38 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

انجراف التربة يؤدي إلى قطع الطريق بين شفشاون والحسيمة

GMT 04:31 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

سقوط طفلة في بالوعة مفتوحة في بني بوعياش

GMT 03:33 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

توقعات الفلكي الأردني عبود قردحجي للأبراج لعام 2018 بالتفصيل

GMT 04:19 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يعلنون عن أدلة تُظهر استقرار سفينة نوح على جبل أرارات

GMT 06:51 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

ميشيل ويليامز تلفت الأنظار إلى إطلالاتها الساحرة

GMT 03:11 2015 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

شابة أميركية تحقق حلمها وتمتهن التصور الفوتوغرافي الجوي

GMT 08:13 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

فوائد سمك السلمون المدخن

GMT 18:03 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

رومان رينز يعتبر عداوته لسينا أفضل ما حدث له
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca