عن القرار الأميركي "المفاجئ" والباعث على الحيرة

الدار البيضاء اليوم  -

عن القرار الأميركي المفاجئ والباعث على الحيرة

عريب الرنتاوي
بقلم - عريب الرنتاوي

تبعث التقارير المتعلقة بسحب واشنطن لوحدات من قواتها المرابطة على أرض الخليج وفي مياهه، فضلاً عن تفكيرها بإنهاء مشاركتها في قوات حفظ السلام المرابطة في سيناء، نقول تبعث هذه التقارير على الحيرة...ذلك أن معظم التحليلات الأمريكية التي تناولت القرار، عزته لمتاعب في "جاهزية" الجيش الأمريكي، وقيود مالية تتعلق بخفض الانفاق على انتشاره العسكري المكلف، مع الإشارة دوماً، إلى "الإطار الاستراتيجي" للقرار المتصل برغبة واشنطن تقليص حضورها في إقليم أخذ يفقد تدريجياً "قيمته الاستراتيجية" من منظورها.

بعض التحليلات ذهب للافتراض بأن إيران، لم تعد ذلك "التهديد الاستراتيجي" لا للولايات المتحدة، ولا لحلفائها في المنطقة، ونضيف إلى ذلك أن إسرائيل، لم تعد منذ كامب ديفيد مروراً بسقوط بغداد وانتهاء بالأزمة السورية، عرضة لأي "تهديد استراتيجي" من جوارها العربي...أما "النفط" الذي شكّل مع "إسرائيل"، خلال العقود السبعة الفائتة، أهم هدفين للاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط، فإن قيمته الاستراتيجية لواشنطن، آخذة في التآكل كذلك.
 
كثرة من التحليلات ربطت القرار الأمريكي المفاجئ، برغبة الإدارة الأمريكية بـ"معاقبة" السعودية، جراء "حرب أسعار النفط" التي اندلعت بينها وبين روسيا، والتي أخرجت الولايات المتحدة من مسرحها بوصفها "الخاسر الأكبر"، حيث تضررت صناعة النفط الصخري بصورة مؤلمة، خلفت مليارات الدولارات من الديون على الشركات، وعشرات ألوف العاطلين الجدد عن العمل...لكن على "وجاهة" هذه الفرضية المستوحاة من تغريدات ترامب وتصريحاته المهددة والمتوعدة، إلا إنها لا تكفي لتفسير القرار، فما علاقة "معاقبة السعودية" بسحب القوات الأمريكية من سيناء على سبيل المثال؟
 
وحدها القراءات الإسرائيلية جاءت مغايرة للوجهة العامة للتحليلات التي تناولت القرار الأمريكي...إسرائيل تتحدث عن "هاجس" القمر الصناعي العسكري الإيراني...إسرائيل تقول أن سحب هذه القوات، يهدف إلى حمايتها إذا ما اندلعت مواجهة عسكرية أمريكية – إيرانية...وحكومتها تعقد اجتماعاً محاطاً بالسرية والكتمان، للبحث في سيناريو توجيه ضربة عسكرية أمريكية (والأغلب إسرائيلية كذلك)، لكل من إيران وسوريا وحزب الله...مثل هذا الاحتمال، من المنظور الإسرائيلي، يستدعي "إعادة انتشار" هذه القوات المبعثرة، ووضعها في سياق "قتالي" مناسب.
 
إسرائيل منذ عدة أعوام تخوض "حرب ظلال" ضد إيران في سوريا والعراق، ولقد تكثفت عملياتها الصاروخية والجوية ضد أهداف للحرس الثوري والمليشيات المقربة منه منذ أن تولى نفتالي بينيت حقيبة الدفاع، وهو أبلغ – وفقاً للمصادر الإسرائيلية ذاتها – بأنه يتعين على الجيش الإسرائيلي استعادة زمام المبادرة والمبادءة، وعدم الاكتفاء بالرد على "الاستفزازات" الإيرانية في سوريا ومنها...إسرائيل قلقة من تطور البرنامج الصاروخي الإيراني، ومن الانتشار العسكري للحرس الثوري و"القوات الرديفة" على امتداد دول "الهلال الإيراني"...إسرائيل تستعجل توجيه ضربة عسكرية أمريكية لإيران وحلفائها وتحرض عليها، طالما أن الأخيرة تعيش في أطواق "الخانقة الاقتصادية" وفي ظلال "جائحة كورونا"...والأهم من كل هذا وذاك، أن إسرائيل تريد أن تجعل من قراءتها للمشهد الاستراتيجي في المنطقة، قراءة أمريكية كذلك، تماماً مثلما نجحت في دفع البيت الأبيض لتبني رؤيتها وروايتها للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي ومعايير الحل النهائية للقضية الفلسطينية، في إطار ما يسمى بـ"صفقة القرن".
 
ترامب في مزاج انتخابي على مبعدة أشهر قلائل من الاستحقاق الرئاسي، و"كورونا "ضربت الاقتصاد الأمريكي ضربة قاسية، ولديه من المتاعب داخلياً وخارجياً، ما يجعله – في ظني – غير راغب، وغير قادر (إن رغب) على الدخول في مقامرة جديدة في الشرق الأوسط، وهو صاحب المواقف الانتقادية لحروب واشنطن العبثية في الإقليم، و"التريليونات الثمانية" التي بددتها إدارتا بوش الابن وأوباما على هذه الحروب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن القرار الأميركي المفاجئ والباعث على الحيرة عن القرار الأميركي المفاجئ والباعث على الحيرة



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 19:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 17:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 05:32 2016 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

علماء يحذرون من انقراض "فرس البحر" لاختفاء طعامها

GMT 07:39 2015 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

استمتع في "جزيرة غرينادا" في منطقة البحر الكاريبي

GMT 01:13 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

اللون الأحمر الناري في ديكور 2018 لمحبي الجرأة والتغيير

GMT 05:28 2014 الإثنين ,13 تشرين الأول / أكتوبر

فندق "حياة كابيتال" يتربع على الأبراج المائلة

GMT 10:41 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فاطمة ناصر تعلن مشاركتها بفيلمين في أيام قرطاج السينمائي

GMT 04:44 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

شركة تطلق حذاءً رياضيًا جديدًا يمكنه تدفئة القدمين

GMT 16:07 2014 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

نبات الكرفس يحمي من الإشعاعات الضارة

GMT 21:04 2017 السبت ,02 أيلول / سبتمبر

أمال ماهر تتحضر لطرح ألبوم غنائي جديد

GMT 20:45 2018 الأحد ,15 إبريل / نيسان

لمين وهاب يشارك في شالنجر تونس الدولية للتنس
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca