بين اجتماعين في فيينا

الدار البيضاء اليوم  -

بين اجتماعين في فيينا

بقلم عريب الرنتاوي

بين اجتماعيين متعاقبين في فيينا حول الأزمة السورية، الأول في منتصف نوفمبر 2015 والثاني في منتصف مايو 2016، مسافة من الزمن تتجاوز الستة أشهر بأيام ... هي الفترة الزمنية ذاتها التي حددتها “خريطة الطريق” المنبثقة عن الاجتماع الأول، لتشكيل الحكومة الموسعة وذات الصدقية، المكلفة بوضع دستور جديد للبلاد وتنظيم استفتاء حوله، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في غضون 18 شهراً.

لم تتشكل الحكومة العتيدة، ولم يصمد “وقف الأعمال العدائية”، ولم يجر تمييز الجماعات المسلحة بين إرهابية تستوجب القتال والمطاردة، و”معتدلة” تستحق المشاركة والتمثيل ومشمولة بوقف الأعمال العدائية ... ولولا تقدم طفيف في “الأعمال الإنسانية” لقلنا إن اجتماع فيينا الحالي، لم يجد ما يفعله، سوى التأكيد على قرارات اجتماع فيينا السابقة، فليس من بينها، قرار واحد جرى العمل لنقله إلى حيز التنفيذ.

المشكلات التي حالت دون تنفيذ قرارات فيينا السابقة، ما زالت قائمة: لا اتفاق على طبيعة المرحلة الانتقالية ومستقبل الأسد أو قل “عقدته” ... لا اتفاق على قوائم الإرهاب ولا توافق على الفرز الجغرافي والإيديولوجي والميداني بين المسلحين ... لا تقدم في جهود وقف النار، ولا اختراق في الملف الإنساني، لا على صعيد إغاثة المناطق المحاصرة والمنكوبة، ولا ما خص قضايا السجناء والمفقودين والأسرى ... أما الملف الأكثر ترويعاً، وأعني به “وقف استهداف المدنيين، أفراداً ومؤسسات وتجمعات”، فقد تعرض للانتهاك في حلب وأكنافها كما لم يحصل من قبل، وبصورة متبادلة، يصعب معها تبرئة أي فريق من دماء السوريين الأبرياء.

خلال الأشهر الستة الفائتة، شهدت ميادين القتال والمجابهة، وكذا المناوشات السياسية والإعلامية، أوسع وأكبر عمليات تفلت من قبضة “التفاهمات الأمريكية – الروسية” ... لم يطرأ أي تغيير يذكر على مواقف الأطراف من “الانتقال السياسي”، بل ازدادت المواقف تشجناً وافتراقاً ... وميدانياً، لم يُبقِ طرف ما في جعبته من أسلحة فتاكة دون أن ينهال بها على خصمه والبيئة المدنية الحاضنة له، وإذ شهدت محاور القتال على الجبهة الجنوبية هدوءً لافتاً، فإن محاور القتال على الجبهة الشمالية، اشتعلت بصورة غير مسبوقة، وتميزت بعمليات الكر والفر، من دون تقدم جذري أو اختراق على أي منها.

في المعلومات الأولية عن نتائج “فيينا 2”، أو الأخير، ليس هناك من جديد يذكر، سوى التأكيد على وقف الأعمال العدائية، والسعي لشمولها مدينة حلب وجوارها، والحاجة لفرز سمين الفصائل المسلحة عن غثّها، وتفعيل المسار الإنساني، وتلويح باستبعاد منتهكي وقف النار، وتشديد على أهمية استئناف مسار جنيف ... لكأننا أمام محاولة أمريكية – روسية، لإعادة تثبيت “سقف” التفاهمات الثنائية، وكبح فلتان الأطراف المحلية والإقليمية، التي تسعى للفكاك من قبضة هذه التفاهمات والتمرد على سقفها.

قبل فيينا، رأينا حراكاً أمريكياً على جبهة الحلفاء لإقناعهم باستخدام نفوذهم على المعارضات المحسوبة عليهم، من أجل الالتزام بالتهدئة والعودة لمسار جنيف ... ومن فيينا أطلق سيرغي لافروف دعوته لحليفه في دمشق، الالتزام بوقف الأعمال العدائية ... يبدو أن موسكو وواشنطن، قد اخذتا على كاهليهما مهمة الضغط على حلفائهما لضبط إيقاعهم السياسي وانفلاتهم الميداني.

هل ستنجح هذه المحاولة، حيث أخفقت سابقتها؟ ... وهل ثمة ما يدعو للتفاؤل بمسار سياسي وميداني مختلف للأزمة السورية، سيما في ضوء بقاء قضايا الخلاف وما يترتب عليها من عقبات وتحديات، على حالها؟ ... هل انتهت مرحلة “إدارة الأزمة” وانفتح أفق البحث عن حلول لها، أم أن الأطراف ما زالت بحاجة لمزيد من الوقت، للإنهاك والنزف المتبادل، في ظل معادلة روسية أمريكية، تحظر النصر أو الهزيمة، على أي فريق؟

أسئلة يصعب البحث عن أجوبة عليها، في ثنايا البيانات والتصريحات المتطايرة من فيينا ... وحدها وقائع الميدان، من سيجيب عليها، ووحدها أروقة الأمم المتحدة في جنيف، هي التي ستؤيد فرضية التقدم أو التراجع في المسار السياسي لمعالجة الأزمة السورية، ومن ينتظر يرى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين اجتماعين في فيينا بين اجتماعين في فيينا



GMT 07:14 2021 الجمعة ,24 كانون الأول / ديسمبر

"العالم المتحضر" إذ يشتري البضاعة القديمة ذاتها

GMT 06:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

"فتح" و"حماس" ولبنان بينهما

GMT 06:13 2021 الأربعاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 06:13 2021 الأربعاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 06:18 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 20:17 2017 السبت ,25 شباط / فبراير

"اللف والدوران"

GMT 00:03 2018 الإثنين ,19 شباط / فبراير

أفضل الأماكن في ماليزيا لقضاء شهر عسل لا يُنسى

GMT 13:18 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

أفكار مبتكرة لإدخال اللون الأصفر على مطبخك

GMT 14:18 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

ّأسامة فاضل يؤكد أن "صباح الخير" فيلم لكل أفراد الأسرة

GMT 16:38 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

انجراف التربة يؤدي إلى قطع الطريق بين شفشاون والحسيمة

GMT 04:31 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

سقوط طفلة في بالوعة مفتوحة في بني بوعياش

GMT 03:33 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

توقعات الفلكي الأردني عبود قردحجي للأبراج لعام 2018 بالتفصيل

GMT 04:19 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يعلنون عن أدلة تُظهر استقرار سفينة نوح على جبل أرارات

GMT 06:51 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

ميشيل ويليامز تلفت الأنظار إلى إطلالاتها الساحرة

GMT 03:11 2015 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

شابة أميركية تحقق حلمها وتمتهن التصور الفوتوغرافي الجوي

GMT 08:13 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

فوائد سمك السلمون المدخن

GMT 18:03 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

رومان رينز يعتبر عداوته لسينا أفضل ما حدث له
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca