اتصال واحد و"تغطيتين" مختلفتين

الدار البيضاء اليوم  -

اتصال واحد وتغطيتين مختلفتين

عريب الرنتاوي
بقلم :عريب الرنتاوي

أمس الأول، نشرت وكالتا «وفا» الفلسطينية و»الأناضول» التركية، خبرين منفصلين عن اتصال هاتفي جرى بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونظيره التركي رجب طيب أردوغان ... في «التغطية» الفلسطينية لخبر الاتصال المذكور، لم يؤتَ على ذكر «آيا صوفيا»، ولا القرار التركي بتحويلها إلى مسجد، كما لم يُشر بيان «وفا» إلى قيام عباس بتهنئة أردوغان والشعب التركي بهذه الخطوة، أو أنه عبّر عن أمله في أن «يجلب هذا التطور التاريخي الخير للعالم الإسلامي». كما جاء في «التغطية التركية للاتصال ذاته.
 
تقرير «وفا» أبرز شكر عباس لأردوغان «على مواقف بلاده الداعمة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، مشيدا بالموقف التركي الرافض لمخططات الضم الاسرائيلية، مشدداً على ضرورة مواصلة تركيا جهودها مع الأطراف الدولية المعنية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية، مستطرداً في تقديم الشروحات لجهود السلطة في مختلف المحافل لإحباط الخطوة الإسرائيلية، واضعاً الرئيس أردوغان في صورة الاتصالات الجارية بين حركتي فتح وحماس لتوحيد الموقف الفلسطيني، الأمر الذي قوبل بالاستحسان والإشادة من قبل الرئيس التركي الذي جدد بدوره تأكيد موقف بلاده الداعم للشعب الفلسطيني، وشجّع جهود المصالحة ... كورونا وعيد الأضحى المبارك، كانت أيضاً في صلب المكالمة الهاتفية، التي لم نعرف من بادر إليها، وإن كنا فهمنا من سياق الخبر، أن الرئيس عباس هو من فعل ذلك.
 
قد لا نعرف بالضبط، حقيقة ما جرى بين الرجلين، لكننا نستبعد أن تكون مديرية الاتصال في الرئاسة التركية، قد اختلقت القصة برمتها، ربما تكون ضخمت عبارات الثناء والترحيب، وربما يكون «أبو مازن» قد نطق بها ... هي ليست المرة الأولى، التي تصدر فيها بيانات رسمية، تعكس تباين أولويات الفريقين المجتمعين أو المتحدثين عبر الهاتف، هذا يحدث باستمرار، وكل فريق يسعى عادةً، في إبراز ما يعنيه وما يهمه من مواقف الطرف الآخر... بعض الأنظمة والحكومات العربية، لا تتردد في اختلاق مواقف ونسبتها للطرف الآخر، طالما أنها صاحبة «اليد العليا»، وسمعنا عن لقاءات على مستوى القمة، استأثر موضوع «تعدد الزوجات» بالنصيب الأكبر منها، ليخرج البيان الختامي صبيحة اليوم التالي، مشبّعاً بعبارات التأييد لنضال الشعب الفلسطيني والالتزام بحقوقه غير القابلة للتصرف، في أرضه وقدسه ومقدساته. 
 
عدم إقدام وكالة «وفا» على نشر الأجزاء الخاصة بالثناء والاشادة على الخطوة التركية بشأن «آيا صوفيا»، يعكس حرجاً فلسطينياً من مغبة تبني هذا القرار أو التساوق معه ... حرج مع المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي وقبرص واليونان، وحرج مع مسيحيي فلسطين، التي لا معنى لها من دون مسيحييها وكنائسها الأقدم والأكثر قداسة في العالم.
 
فلسطين بالذات، تقامر إن هي رحبت بخطوة «آيا صوفيا»، لأنها ببساطة ستكون أجازت مبدأ «شرعنة سياسة الأمر الواقع ووضع اليد»، وهذا خطير في الحالة الفلسطينية حيث تنطلق السياسة الإسرائيلية برمتها، من قاعدة فرض الوقائع على الأرض، توطئة لشرعنتها، وهي القاعدة التي حكمت بدورها نصوص «صفقة القرن» ومنهجياتها... المسألة هنا لا تقتصر على الكنائس والمقدسات المسيحية في القدس وبيت لحم، بل وتطاول المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي في القدس والخليل كذلك.
 
وكان يتعين على الجانب التركي، أن يتفهم حساسية مسألة «آيا صوفيا» فلسطينياً، فلا يختلقها أو يجعل منها محوراً لتغطيته لخبر «الاتصال الهاتفي»، ونفترض أن السلطات في أنقرة، ستتفهم عدم تضمين «التغطية الفلسطينية» لهذا المقطع من المكالمة إن كان حصل، مع أننا لا ننتظر ذلك من الرئيس أردوغان، الذي فعل ما فعل، وعيناه على صناديق الاقتراع في الانتخابات المقبلة. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اتصال واحد وتغطيتين مختلفتين اتصال واحد وتغطيتين مختلفتين



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 20:31 2018 الأحد ,30 كانون الأول / ديسمبر

كومباني يعلن جاهزية مانشستر سيتي لمواجهة ليفربول

GMT 11:14 2018 الجمعة ,16 شباط / فبراير

تزيني بمجموعة مميزة من المجوهرات في عيد الحب

GMT 16:31 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

برانت دورتى ينضم لفيلم "Fifty Shades Of Grey"

GMT 01:15 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مميّزات جديدة في هاتف "iPhone X" الجديد من أبل

GMT 11:16 2014 الأربعاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة وفيتامينات لعلاج النهايات العصبية للجهاز العصبي

GMT 05:31 2016 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

علماء يتوصَلون لمعرفة مسارات طيور السنونو خلال رحلاتها

GMT 00:27 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مناقشة كتاب "أيام من حياتي" سيرة سعد الدين وهبة

GMT 23:31 2017 الأربعاء ,05 إبريل / نيسان

الريان يخرج حمد الله من "جحيم" الجيش القطري

GMT 05:04 2016 الخميس ,14 كانون الثاني / يناير

ضريح القديس يهوذا وحصنه الشاهق يزيّنان جانسي الهندية

GMT 22:13 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

لمسات مثيرة لرقبة زوجك قبل العلاقة الحميمة

GMT 22:18 2018 الأحد ,30 كانون الأول / ديسمبر

بايرن ميونخ يلتقي فورتونا دوسلدورف 13 كانون الثاني

GMT 04:59 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

هيونداي تطرح "نيكسو" تصدر الماء النقي في العادم

GMT 07:21 2018 الجمعة ,27 إبريل / نيسان

"الديكورات الكلاسيكية" تميز منزل تايلور سويفت
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca