غزوة الـ "Capitol Hill"

الدار البيضاء اليوم  -

غزوة الـ capitol hill

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

انهمرت النصائح "الشامتة" من موسكو و طهران و أنقرة على واشنطن: نظامكم الانتخابي بات بالياً، ديمقراطيتكم جاءت بـ"مختل عقلياً" للبيت الأبيض، نرجوكم ضبط النفس والاحتكام لسيادة القانون...مشاهد "غزوة الـ "Capitol Hill، المروّعة وغير المسبوقة في التاريخ الأمريكي، وفرت فرصة للثأر وتسوية الحسابات، مع دولة كبرى، لطالما جعلت من نشر الديمقراطية واحترام حقوق الانسان، أداة من أدوات سياستها الخارجية، وربما في إجراء استباقي، يهدف قطع الطريق على إدارة بايدن، التي ستعاود تفعيل هذه "الأداة" في سياستها الخارجية، ومن على قاعدة: "فاقد الشيء لا يعطيه"، و "لا تنه عن خلق وتأتي بمثله، عارٌ عليك إذا فعلت عظيم".

عجّت الصحف، وبالأخص، وسائل التواصل الاجتماعي، بعبارات الارتياح والشماتة بمشاهد الغزوة، سيما وأن بعض الغزاة، تقمصوا صور البرابرة والفايكينغز وهم يقتحمون مكاتب وباحات مجلسي النواب والشيوخ، مدججين بالكراهية والغوغائية، والأسلحة النارية والبيضاء...ودائماً على خلفية عنصرية، تمجّد الرجل الأبيض، وتعيد الاعتبار لثقافة "الكوكلاكس كلان" العنصرية – الإجرامية.

من حق شعوب هذه المنطقة، أن تغضب وأن تعبر عن غضبها على صورة "شماتة" أو "تشفي"، فهي لا تمتلك وسيلة أخرى للتعبير عمّا يجول في خاطرها، فالسياسات الأمريكية حيالها، وبالأخص في السنوات الأربع الأخيرة، كانت طافحة بالعداء لحقوقها وتطلعاتها، بالأخص على المسار الفلسطيني، وكانت داعمة للدكتاتوريات ومتجاهلة لحقوق الانسان...لكن أن تصدر "الشماتة" عن دول وحكومات غير ديمقراطية، لم تعرف الانتخابات الحرة والنزيهة، وتطارد معارضها و"تعدمهم" خارج القانون، بل ولا تتورع عن شن حرب على جزء من شعبها، لضمان الفوز في الانتخابات العامة...فتلكم "مزحة سمجة"، لا تضحك أحداً، ولا ترسم سوى الابتسامات الساخرة على الوجوه.

ما يتجاهله "الشامتون"، عمداً أو جهلاً، أن الديمقراطية ليست نظاماً مثالياً، ربما تكون أفضل نظام أنتجته البشرية، بيد أنه طافح بالثغرات والنواقص والعيوب، فقد جاءت الديمقراطية بالفاشية والنازية، وجاءت بالشعبويين من اليمين المتطرف (ترامب نموذجاً) ...لكن السؤال: ما الذي جاءت به النظم الأخرى، من أوتوقراطية وثيوقراطية وغيرها، غير الكوارث والمآسي لشعوبها وأوطانها؟

ما يتجاهله "الشامتون"، عمداً أو جهلاً، أن الديمقراطية هي النظام الوحيد، الذي يتوفر من داخله على أدوات تصحيح مساره ومسيرته...لقد قاوم الإعلام الأمريكي جنوح ترامب وجنونه...وقاوم القضاء وسيقاوم، انتهاكات ترامب وفريقه لسيادة القانون، والرجل كما نعرف جميعاً، تنتظره أيام صعبه في أروقة المحاكم، وربما سجونها...لقد قاوم المجتمع المدني سياسات ترامب المشبعة بالعنصرية واحتقار النساء والأقليات...لقد انتصرت الديمقراطية الأمريكية في نهاية المطاف، ودونالد ترامب، سيصبح صفحة سوداء في تاريخها، ألم يُجمع الأمريكيون من الحزبين، على أن السادس من يناير هو يوم أسود في التاريخ الأمريكي، والأهم أنه لن يتكرر ثانية؟

أخطر ما يمكن أن تخلص إليه شعوب المنطقة، وهي "تهجو" و"تشمت" بترامب وإدارته، أن تنزلق إلى مربع "هجاء" الديمقراطية، وتمجيد سلطة الديكتاتور والجنرال ورجل الدين...فهذه خلاصة تنتظرها أنظمة الفساد والاستبداد بفارغ الصبر، وتروج لها مسبقاً، أنظمة وحكومات إقليمية وعالمية، لم تُعرف بسجلها النظيف في مجالات الديمقراطية واحترام الحرية والتعددية وقيم حقوق_الانسان والنساء.

الترامبية بما هي مدرسة في التفكير، ومنظومة مصالح، لم تسقط بسقوط ترامب، وهي نجحت في قرع ناقوس الخطر، وتجديد يقظة الشعوب حيال الخطاب اليميني الشعبوي، وسيكون لنجاح الأمريكيين في تسوية الحساب مع ترامب والترامبية، انعكاسات مباشرة ومتوسطة الأمد، أوروبية وعالمية، فالعالم أفضل بلا ترامب، والعالم سيكون أكثر أمناً واستقراراً وعدالة، بسقوط اليمين الشعبوي – العنصري في جميع معاقله، وفي مقدمتها:إسرائيل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزوة الـ capitol hill غزوة الـ capitol hill



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 15:00 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

نقاش على "فيسبوك" ينتهي بجريمة قتل في أيت ملول

GMT 11:49 2016 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

هنا شيحة باطلالة مثيرة على "انستغرام"

GMT 08:20 2016 الإثنين ,07 آذار/ مارس

مقتل شخص في حادث سير مروع في القنيطرة

GMT 14:52 2016 الثلاثاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

معطيات "صادمة" عن أوضاع أطفال مغاربة مشرّدين في شوارع مليلية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca