حماس «الحائرة» بين الأربعة الكبار

الدار البيضاء اليوم  -

حماس «الحائرة» بين الأربعة الكبار

بقلم : عريب الرنتاوي

بين اللاعبين الأربعة الكبار في المنطقة، تجد حركة المقاومة الإسلامية – حماس، نفسها في وضع لا تحسد عليه على الإطلاق ... السعودية، بلسان الأمير تركي الفيصل، رئيس استخباراتها الأسبق، والعضو الفاعل في الأسرة الحاكمة، يتهم الحركة بالعمل على زعزعة استقرار المنطقة، بدعم وتمويل وتوجيه و”تبعية” لإيران، ويضعها في سلّة واحدة مع تنظيم القاعدة الإرهابي، ما استدعى قيام الحركة بإصدار بيان شديد اللهجة على تصريحات الأمير، أحسب، أنه كفيل بقطع “شعرة معاوية” التي تربط الحركة بالرياض.

إيران في المقابل، وعلى لسان المستشار في حرسها الثوري العميد خسرو عروج، وفي اليوم ذاته، يتهم الحركة بأنها تسعى للالتحاق بركب “المفاوضات” مع إسرائيل، وأنها تنتظر من أنقرة أن تقوم بدور الوسيط بينها وبين تل أبيب، في إشارة لا تخفى دلالتها على أحد، تفضح المستوى المتردي الذي آلت إليه العلاقات بين من كانا ذات يوم، عضوين فاعلين في “محور المقاومة والممانعة”... تصريحات خسرو، استدعت أيضاً رداً قوياً من حماس، أعادت فيه التأكيد على ما أسمته “ثوابتها”، من رفض “خيار التفاوض” إلى الاستمساك بـ “خيار المقاومة”.

مصر، تنشط هذه الأيام على خط “التقريب” بين الفلسطينيين والإسرائيليين ... ورئيس الدبلوماسية المصرية يقوم بزيارة وصفت بـ “النادرة” إلى إسرائيل، وثمة في الأفق ما يشي برغبة القاهرة في جمع نتنياهو وعباس وبينهما عبد الفتاح السيسي، في صورة تذكارية، تدش لاستئناف المفاوضات الثنائية، وربما بالضد من رغبة الفلسطينيين أنفسهم، وليس مستبعداً أن تقوم القاهرة بالضغط على عباس للقبول بـ “إجراءات بناء الثقة” والتقاط الصور التذكارية، وهي التي تدرك بأن ليس لديها ما تضغط به على إسرائيل ... حماس، ليست من ضمن الأولويات المصرية، والقاهرة ليست معنية بموقف الحركة من خطوتها/ مبادرتها هذه، ولقد كان لافتاً أن الوزير سامح شكري، الذي يعتقد أن “حل الدولتين” ما زال في متناول أيدينا، لم يول مسألة المصالحة الفلسطينية الداخلية اهتماماً خاصاً، ربما لأنها ليست في متناول اليدين، وربما لأنها قد توفر “مخرجاً” لحماس من الاستعصاء الذي يحيط بها من كل جانب، وإلا لكانت القاهرة قد استأنفت مساعيها للتقريب بين فتح وحماس، وقدمتها على جهود التقريب بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

موقف القاهرة المناهض لحماس، ليس بخافٍ على أحد، على الرغم من عمليات “جس النبض” التي جرت مؤخراً والزيارات المتكررة التي قامت بها وفود حماس المتعاقبة لمصر ... موقف القاهرة هذا، تقابله مواقف أنقرة، التي جاهرت باحتضان حماس وتبني المبادرات لحل “أزمتها في قطاع غزة” ... لكن “الهرولة” التركية للمصالحة مع إسرائيل، المحكومة بالمصالح والحسابات التركية الخاصة، جعلت الحركة عملياً بلا حليف أو سند سياسي إقليمي قوي ... سيما بعد أن اتجهت تركيا للاستعاضة عن دورها السياسي الداعم لحماس وغزة، بدور إنساني، يراوح ما بين الماء والكهرباء والغذاء والدواء ... وهذا أمر مطلوب ومشكور من الجانب التركي، وتحتاجه حماس لإدامة “إمارتها” في غزة، بيد أنه ليس الدعم الذي تحتاجه حركة سياسية – عسكرية بحجم حماس وكتائب القسام، ولكن ما لا يدرك كله، لا يترك جلّه، كما يقول المثل العربي القديم.

وهكذا تجد حماس نفسها “حائرة” و”ضائعة” بين اللاعبين الإقليميين الأربعة الكبار ... لا هي مع “سيدي الإيراني” بخير، ولا هي مع “ستي السعودية” بخير ... علاقاتها مع الشقيقة المصرية القريبة محاطة بالشك والريبة، وأقرب للعداوة منها إلى “حسن الجوار”، وعلاقاتها مع الشقيقة التركية البعيدة، باتت محكومة بسقف خفيض للغاية ... وخارج هذا “المربع الذهبي” يصعب على الحركة، أن تجد من يمكنه أن يساعدها على الخروج من حالة العزلة التي تعتصرها.

وحدها حماس، تستطيع أن تفكك أطواق العزلة المضروبة حولها، وأن تطيح بأسوار الحصار التي تلف القطاع المنكوب ... وثمة طريق ذو اتجاه واحد لفعل ذلك، إن خلصت النوايا، وتغلب العام على الخاص، والمصالح الوطنية العليا على الحسابات الفصائلية والفئوية الدنيا، هو طريق المصالحة الفعلية، لا الشكلية، طريق استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، طريق الانخراط غير المشروط، وغير الاضطراري، في المشروع الوطني الفلسطيني، بعيداً عن المناورات والمراوغات، بعيداً عن الرهانات الإقليمية وبعيداً عن حسابات “الجماعة الأم” وأولوياتها.

هل ستفعلها الحركة هذه المرة، أم أنها ستظل تماطل وتراوغ في حسم تموضعها الوطني الفلسطيني؟ ... ليس في الأفق أية دلالة مشجعة على إمكانية حدوث استدارة من هذا النوع، والأرجح أن سياسة الحركة ستظل معتمدة على “تقطيع الوقت”، بانتظار أن يجود عليها الإقليم المتغير من حولها، بمفاجآت جديدة، وهو إقليم اشتهر بانعطافاته الخارجة عن الحسبان وغير المنتظرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حماس «الحائرة» بين الأربعة الكبار حماس «الحائرة» بين الأربعة الكبار



GMT 07:14 2021 الجمعة ,24 كانون الأول / ديسمبر

"العالم المتحضر" إذ يشتري البضاعة القديمة ذاتها

GMT 06:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

"فتح" و"حماس" ولبنان بينهما

GMT 06:13 2021 الأربعاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 06:13 2021 الأربعاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 06:18 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 15:10 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

رئيس الرجاء يحاول اقتناص لاعبين أحرار بدون تعاقد

GMT 05:33 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن موقع هبوط يوليوس قيصر لغزو بريطانيا

GMT 09:33 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

عهد التميمي

GMT 10:19 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الروسي يعلن وصول أول كتيبة من سورية إلى موسكو

GMT 11:50 2016 الثلاثاء ,20 أيلول / سبتمبر

مقتل 4 من عناصر "بي كا كا" في قصف تركي شمالي العراق

GMT 06:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

8 معلومات مهمة عن "جسر العمالقة" تزيد الفضول لزيارته

GMT 17:21 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب الأرجنتين يعلن عن تشكيلته لمواجهة البرازيل

GMT 00:21 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

صحيفة بريطانية تكشف أفضل 10 فنادق في مدينة روما

GMT 22:46 2017 الخميس ,28 أيلول / سبتمبر

حسن الفد يعيد شخصية كبور من خلال عرضه " سكيتش"

GMT 16:29 2017 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

2016 عام حافل بالأنشطة والعروض في الدار العراقية للأزياء

GMT 04:38 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مرضٌ خطير يصيب الأبقار ويعزل عشرات القرى في سطات

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,11 آذار/ مارس

وفاة الممثل المسرحي المغربي إدريس الفيلالي
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca