لعبة إيران المزدوجة في العراق

الدار البيضاء اليوم  -

لعبة إيران المزدوجة في العراق

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

لم يبق مسؤول إيراني واحد، من دون أن يؤكد بأن بلاده لا تريد تصعيداً جديداً في المنطقة، لا مع الولايات المتحدة ولا مع غيرها...والأهم، أنها لا تريد أن تجعل من  العراق ساحة لتصفية حساباتها مع الولاياتالمتحدة، بل أن بعضهم ذهب أبعد من ذلك حدّ القول: بأن العلاقة الأمريكية – العراقية، شأن عراقي سيادي، لا شأن لإيران به.

لكن أقوال المسؤولين الإيرانيين، لا تساندها تصرفات قادة الحشد الشعبي المحسوبين على طهران، ولا تصريحاتهم...هؤلاء يتعاملون بلغة التهديد والوعيد مع أركان الدولة العراقية ورئاساتها الثلاث...يتحدثون عن "هدنة" بينهم وبين القوات الأمريكية، ويضربون لها مواعيد زمنية، من دون موافقة الحكومة العراقية، بل وبالضد من إرادتها...بعضهم يطلق الصواريخ على المنطقة الخضراء، وبداعي المقاومة، يتحرش بقوافل الدعم اللوجستي لقوات التحالف، التي تعود ملكية شاحناتها لشركات عراقية، وفي كل مرة، يخترعون اسماً جديداً لفصيل غير معروف، ولم يُسمع به من قبل، ودائماً في إطار سياسية "تجهيل الفاعل"، مع أن الفاعل معروف للقاصي والداني.

وعندما يتجرأ رئيس الحكومة الدكتور مصطفى الكاظمي على رفع "سيف الدولة" في وجوه هؤلاء، تراهم يمتشقون السلاح، وينتشرون في استعراضات استفزازية للقوة، وتتوالى "تغريدات" قادة فصائلهم وأجنحتهم العسكرية، مهددة الرئيس في شخصه، وقبلها كان برهم صالح، رئيس الدولة، هدفاً لتهديدات مماثلة.

وعندما يُصدر القضاء العراقي قرارات بتوقيف بعضِ من مطلقي التهديدات، ضد رؤساء السلطات، تبادر فصائل الحشد بنفي المعلومة، ويندلع طوفان من الاتهامات باستهداف "المقاومة"، وسيل من التحذيرات من مغبة الانزلاق إلى "الفتنة"، لعن الله موقظها ومحركها...ومع ذلك، تجد من بين هؤلاء، من يحدثك عن "الدولة" و"السيادة"، من دون أن تقترن أقوالهم بأية أفعال من أي نوع.
يُصدر المرجع السيستاني مواقفه القاضية بحصرية السلاح في يد الدولة، ويكرر "الحشد الولائي" المواقف ذاتها من بعده...لا أحد يصغي للمرجع السيستاني، ونحن لا ندري على أية حال، لماذا ما زال هناك "حشد ولائي" في الأصل، طالما أن للدولة، وللدولة وحدها، الحق الحصري في حمل السلاح، كما تقول خطب الجمعة المتكررة لوكيل السيستاني.

تبدأ الاتصالات السياسية رفيعة المستوى بين بغداد وطهران، ومن أسفٍ فإن إيران أوكلت "الملف العراقي" للحرس الثوري، وفيلق القدس، وليس لوزارة الخارجية، وهذا بحد ذاته، دلالة على استصغار طهران لمفهوم "الدولة العراقية" واعتمادها في علاقاتها مع العراق، على "فيلق القدس"...لا قيمة لما يقوله محمد جواد ظريف، أو حتى حسن روحاني، طالما أن الكلمة الفصل في نهاية المطاف، هي لإسماعيل قاآني، ومن خلفه لقيادة الحرس الثورة.

إيران لا تريد دولة عراقية، قوية ومستقلة...إيران تفضل التعامل ما حالة "السيولة" القائمة الآن في العراق...إيران تفضل أن يكون هناك "حكومة ظل" تابعة لها، و"جيش موازٍ" يأتمر بأوامرها...إيران لا يريحها أي تحسن في العلاقة بين واشنطن وبغداد، بخلاف مزاعم بعض مسؤوليها...وليست معنية بالانفتاح العراقي على بعض العواصم العربية...هي تريد للعراق أن يظل جرماً دائراً في فلكها، وتريد له أن يظل "صندوق بريد" لتبادل الرسائل الدامية مع خصومها...هي لا تريد الانخراط في حروب مباشرة، ولا تريد لهذه الحروب أن تدور على أرضها، وطالما أن العراقيين، أو بعضهم على الأقل، مستعد لتلبية هذه الرغبة، فلماذا تزعج إيران نفسها، بالتخلي عن "مجالها الحيوي".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لعبة إيران المزدوجة في العراق لعبة إيران المزدوجة في العراق



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 14:27 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تملك أفكاراً قوية وقدرة جيدة على الإقناع

GMT 19:03 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تشعر بالإرهاق وتدرك أن الحلول يجب أن تأتي من داخلك

GMT 04:38 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 17:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 15:41 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الأردني الكردي يتصدر البطولة العربية للغولف
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca