قضيتان للنقاش (1-2)

الدار البيضاء اليوم  -

قضيتان للنقاش 12

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

القضية الأولى: انتقال القيادة الفلسطينية للخارج
 
تتعالى بعض الأصوات مطالبه بافتكاك "القيادة الفلسطينية"، رئاسة ولجنة تنفيذية وربما لجنة مركزية لحركة فتح أو غالبية أعضائها، من أسر الاحتلال وقبضته، والانتقال إلى الخارج...مبرر هذه الدعوة، والحيثيات التي تنطلق منها وتبني عليها، صحيح تماماً، فالقيادة كشعبها، تعيش سجناً كبيراً، وأفترض أن عملها ومداولاتها تحت سمع وبصر سلطات الاحتلال، وأرجح أن ثمة "اختراقات" أمنية كما يعلمنا التاريخ القريب والبعيد...وأجزم أنه من دون موافقة أمنية من الاحتلال، سيتعذر على أي منهم مغادرة منزله إلى مكتبه، دع عنك الانتقال إلى خنادق المقاومة الشعبية والإشراف على إطلاق "انتفاضة ثالثة" ، وغير ذلك مما تحدث به الأمناء العامون، ولخصه بيانهم الختامي.
 
وأضيف: أن القيادات الفلسطينية حين تنخرط في ترجمة مضامين بيانها الختامي (لا أكثر)، فإن من المرجح أن تجد نفسها، وقد توزعتها سجون "نفحة" و"مجدّو" و"عوفر" و"هداريم"...ولا أحسب أنهم جميعاً، أو معظمهم على الأقل، ينوي الوصول إلى هذه النتيجة، أو لديه القدرة والاستعداد، وقد بلغ من الكبر عتياً، وبات جداً لدزينة من الأحفاد، للمقامرة بقضاء ما تبقى له من العمر، خلف القضبان، تذكروا جيداً دروس تجربة مروان البرغوثي واحمد سعدات وأبو علي مصطفى وفؤاد الشوبكي وقافلة طويلة من قيادات حماس والجهاد.
 
لكن ذلك لا يمنع من سؤال أصحاب هذه الدعوة والقائلين بها، عن الوجهة التي سيتعين على القيادة الفلسطينية أن تسلكها، وأين ستستقر، هي و"جهازها البيروقراطي" المرافق؟ ...ومن هي العاصمة العربية أو الإقليمية، المستعدة لاستقبالهم؟ ...وما هي تبعات تمركزهم في عاصمة بعينها، إن وجدت، على استقلالية القرار الفلسطيني وآلية اتخاذه، بل وعلى ميزان القوى الفلسطيني الداخلي؟
 
لقد وجد الأمناء العامون للفصائل صعوبة في إقناع لبنان باستضافتهم للمشاركة في اجتماعهم الأخير، فما بالك حين يتعلق الأمر، باتخاذ هذه العاصمة أو تلك، مقراً للقيادة الفلسطينية؟...إن الزمن الذي كان بمقدور القيادة أن تستقر فيه في هذه العاصمة أو تلك، أو أن تتوزع على عدد من العواصم الشقيقة، قد ولّى...حتى "التجربة التونسية"، تبدو استعادتها متعذرة إن نقل مستحيلة، وهي حدثت في ظرف استثنائي خاص، لا مجال في هذه المقالة للإسهاب في شرح ملابساتها، ولكن تذكروا أن "عزلة" القيادة في تونس، وابتعاده عن "الطوق" المحيط بفلسطين، كان من بين الأسباب الكامنة وراء إدارتها المتهافتة لمفاوضات أوسلو.
 
ليس في ذهن كاتب هذه السطور، عاصمة واحدة، يمكن أن تفتح ذراعيها للقيادة الفلسطينية، وأن تتحول إلى مركز لإدارة عملياتها...دمشق، تقبل بجزء من هذه الفصائل، طالما كانت منخرطة في "محورها" بل وتخوض إلى جانبها، قتالاً ضد "المعارضين" و"الإرهابيين"...أليست هذه الفاتورة التي دفعتها "تاريخياً"، بعض فصائلنا هناك؟...إسطنبول ضاقت ذرعاً بصالح العاروري، وهي تقبل به ضيفاً لا مقيماً...وطهران ستحول الفصائل إلى "حشد شعبي فلسطيني"، ينخرط في حروبها وأولوياتها، إن قبلت بها، أما الدوحة، فثمة حدود وشروط لقدرتها على استيعاب نفر من هذه القيادات، ويفضل عادة أن تكون من خلفية "الإخوانية".
 
أين هي العاصمة التي يمكن أن تستقبل القيادة الفلسطينية...أرجوكم أفيدونا، ونأمل أن تكون إفادتكم، "واقعية" وليست "رغائبية"...العالم العربي اليوم، ليس العالم العربي قبل أربعين أو خمسين عاماً...وبدل المطالبة بـ"نقل القيادة" إلى المجهول، دعونا نفكر بالبحث عن أطر وهياكل، مرنة وخلّاقة، لإعادة تنظيم وقيادة الحركة الوطنية الفلسطينية في المرحلة المقبلة، آخذين بنظر الاعتبار "الطور الاستراتيجي" الجديد، الذي دخلته قضيتنا وحركتنا الوطنيتين.
 
وغداً سنتناول القضية/الدعوة الثانية: إدماج الحركة الوطنية الفلسطينية في "محور المقاومة والممانعة".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قضيتان للنقاش 12 قضيتان للنقاش 12



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 17:17 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

كيفية محاربة الشيب المبكر الذي يصيب الشعر

GMT 00:41 2017 الإثنين ,25 أيلول / سبتمبر

خبراء الديكور يقدمون 6 حلول ذكية للمطابخ الصغيرة

GMT 08:39 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

مزاعم بشأن إخفاء صورة امرأة أخرى تحت لوحة الموناليزا

GMT 08:06 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

نبات "ليلك" الأرغواني اللون الأفضل في الربيع

GMT 20:58 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

كيفية مسح المستندات ضوئياً في تطبيق الملاحظات على "آي فون"

GMT 07:36 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

مجدي حمدان يشرح أهمية مواقع التواصل في التنمية البشرية

GMT 12:56 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

آرسنال فى ضيافة بلاكبول ضمن منافسات الكأس الإنجليزى

GMT 07:49 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

ديكورات رائعة باللون الأخضر الزمردي تليق بمنزلك

GMT 13:30 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

ممفيس ديباي يتلقى ضربتين موجعتين في فرنسا

GMT 22:35 2018 الأربعاء ,08 آب / أغسطس

سيارة مرسيدس E63 AMG تستمد قوتها من محرك V8

GMT 10:34 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

صلاح ينفي أنباء مشادته مع الجهاز الفني للمنتخب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca