ترامب وإيران..."ضربة مقفي"

الدار البيضاء اليوم  -

ترامب وإيرانضربة مقفي

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

لأنه ليس من صنف القادة الذين يمكن التنبؤ بسلوكهم أو التكهن بخطواتهم أو "نقلاتهم" التالية، فإن كثرة من المراقبين و"العرّافين"، تجهد في معرفة ما الذي يمكن أن يفعله الرئيس الأمريكي السابق  دونالد ترامب خلال الأيام السبعين المتبقية له في سدة الرئاسة، داخلياً وفي السياسة الخارجية كذلك.

نحن نعرف أن الرجل قرر الأخذ بخيار المحاكمات والمماحكات للطعن في نتائج الانتخابات وتعقيد طريق بايدن – هاريس إلى البيت الأبيض بدل تمهيدها...الرجل الذي لا يتقبل الخسارة، مدفوعاً بنظرته المرضية المتضخمة لذاته، سيقاتل حتى آخر نفس لعكس مسار الانتخابات والأحداث التي أعقبتها...لكننا لا نعرف الكثير حتى الآن، عمّا يمكن أن يفعله في السياسة الخارجية.
هنا، تتداول الأوساط السياسية والإعلامية سيناريو تفخيخ مهمة بايدن وإدارته في الشرق الأوسط...ففي اليوم التالي للانتخابات، جرى إدراج اسم جبران باسيل، حليف حزب الله، ورئيس لتيار الوطني الحر، الحزب المسيحي الأكبر في البلاد، وصهر الرئيس ميشيل عون و"ولي عهده"، على "قائمة الفساد"، وفي نظر كثيرين، فإن هذه الخطوة ليست سوى "أول غيث" سلسلة من الإجراءات على يعمل إليوت إبرامز، مسؤول الملف الإيراني في إدارة ترامب، على بلورتها مع حلفاء واشنطن في إسرائيل والخليج، وتستهدف إيران على خلفية دعمها للإرهاب وملفها في مجال #حقوق_الانسان، وبالاستناد إلى كونغرس ذي أغلبية جمهورية.

ويرد مراقبون، تأخر كل من نتنياهو وقادة السعودية في إرسال برقيات التهنئة للرئيس المنتخب، برغبتهم في عدم "التشويش" على مهمة إبرامز، الحالية في عدد من دول المنطقة ذات الصلة (بدأت بإسرائيل وقد لا تنتهي تنتهي في السعودية والإمارات) ...مهمة يمكن وصفها بالتعبير العامّي الأردني: "ضربة مقفي"، وهو المثل الذي يقال في وصف موقف متطرف أو سلوك شاذ لشخص ما، حين يكون قد شارف على الخروج من موقع المسؤولية، أو مغادرة الحلقة التي اعتاد التحرك في داخلها.

"ضربة مقفي"، مثل شعبي، سبق للفنان علاء اللقطة، أن اعتمده عنواناً لكاريكاتير رسمه في وصف قرار باراك أوباما، الرئيس الأمريكي الأسبق، الامتناع عن التصويت في مجلس الأمن ضد مشروع قرار يجرم الاستيطان ويدعو لوقفه، الأمر الذي أدى إلى تمرير القرار الدولي رقم 2334 بتاريخ 23 ديسمبر 2016، أي قبل أربعة أسابيع فقط من تسليم البيت الأبيض لساكنه الجديد، دونالد ترامب...والمعروف أن أوباما لم تكن تربطه علاقة حميمة بنتنياهو، وكان يرغب في تكبيل ترامب بقرار دولي في مسألة حساسة كالاستيطان، أي أنه أراد ضرب عصفورين بحجر واحد، وفي ربع الساعة الأخير لولايتين امتدتا لثمانية أعوام بأيامها ولياليها.

"ضربة المقفي" اليوم، تذهب في اتجاه معاكس...الانتقام من القيادة الإيرانية التي لم تمكنه من التقاط "الصور التذكارية" التي كان سيستثمرها في حملاته الانتخابية، والادعاء بأنه جاء بما لم تستطعه إدارة أوباما – بايدن الضعيفة، ولكنها في الوقت عينه، محاولة لزرع ألغام على طريق عودة واشنطن للاتفاق النووي مع إيران، واستحداث انفراجة في العلاقة الإيرانية – الأمريكية...وهنا ليس مستبعداً على الإطلاق، أن تتخطى "ضربة المقفي" تشديد العقوبات الاقتصادية وتوسيعها، إلى تنفيذ عمليات استخبارية (سيبرانية) ضد أهداف إيرانية، داخل إيران، أو تنفيذ عمليات اغتيال ضد شخصيات إيرانية أو حليفة لطهران في العراق وسوريا.

بالطبع، فإن أي خطوة باتجاه تشديد "أقصى الضغوط" على إيران، لا بد أن تجد تشجيعاً وترحيباً من قبل طرفين اثنين في المنطقة: إسرائيل وكل من السعودية والإمارات، وهذا ما يفسر على أية حال، حالة الصمت التي خيمت على عواصم هذه الدول بعد الإعلان عن فوز بايدن، وهذا ما يعمل إبرامز على إتمامه في جولته التي تتم في هذا "الوقت المستقطع".

في المقابل، لا يبدو أن الأطراف المتضررة من فوز بايدن، في وارد "الجلوس على مقاعد المتفرجين" بانتظار "مقدمه الميمون"...من المنتظر أن تسعى روسيا في تعزيز حضورها في شمالي سوريا الشرقي والغربي (مؤتمر اللاجئين السوريين في دمشق)، وتعظيم مكاسبها في ليبيا، كما أن إيران ستحاول فرض وقائع جديدة، في شمال سوريا، وبالأخص في العراق، ولقد رأينا عودة نبرة التهديد والوعيد على تصريحات بعض من حلفاء طهران في العراق ضد الوجود العسكري الأمريكي في بلاد ما بين الرافدين.

مرحلة الانتقال بين إدارتي ترامب وبايدن ليست مقلقة للأمريكيين الذين يتخوفون من اندلاع أعمال فوضى واضطرابات وتظاهرات مسلحة لأنصار الأول، بل هي مرحلة مقلقة كذلك، بالنسبة لمنطقتنا كذلك، فثمة حلقة ضيقة من رموز اليمين الإيديولوجي المتطرف التي تحيط بالرئيس ترامب، تبدو شديدة الحرص على تفريغ ما في جعبتها من رصاصات، قبل أن تسلم أسلحتها للإدارة الجديدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب وإيرانضربة مقفي ترامب وإيرانضربة مقفي



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 15:10 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

رئيس الرجاء يحاول اقتناص لاعبين أحرار بدون تعاقد

GMT 05:33 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن موقع هبوط يوليوس قيصر لغزو بريطانيا

GMT 09:33 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

عهد التميمي

GMT 10:19 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الروسي يعلن وصول أول كتيبة من سورية إلى موسكو

GMT 11:50 2016 الثلاثاء ,20 أيلول / سبتمبر

مقتل 4 من عناصر "بي كا كا" في قصف تركي شمالي العراق

GMT 06:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

8 معلومات مهمة عن "جسر العمالقة" تزيد الفضول لزيارته

GMT 17:21 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب الأرجنتين يعلن عن تشكيلته لمواجهة البرازيل

GMT 00:21 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

صحيفة بريطانية تكشف أفضل 10 فنادق في مدينة روما

GMT 22:46 2017 الخميس ,28 أيلول / سبتمبر

حسن الفد يعيد شخصية كبور من خلال عرضه " سكيتش"

GMT 16:29 2017 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

2016 عام حافل بالأنشطة والعروض في الدار العراقية للأزياء

GMT 04:38 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مرضٌ خطير يصيب الأبقار ويعزل عشرات القرى في سطات

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,11 آذار/ مارس

وفاة الممثل المسرحي المغربي إدريس الفيلالي

GMT 00:11 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تحف فنية من الزخارف الإسلامية على ورق الموز في الأردن
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca