عن التحذير من حرب "أهلية ثانية" أمريكياً و"ثالثة" عالمياً

الدار البيضاء اليوم  -

عن التحذير من حرب أهلية ثانية أمريكياً وثالثة عالمياً

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

لفتني تحذيران، صدرا في وقت متقارب نسبياً...الأول؛ من مغبة اندلاع "حرب أهلية ثانية" في الولايات المتحدة (الأولى 1861-1865)، إذا ما خسر دونالد ترامب الانتخابات...والثاني؛ تحذير من سيناريو اندلاع حرب عالمية ثالثة، محورها الصين والولايات المتحدة، إذا ما تفاقمت الحرب التجارية بين العملاقين الاقتصاديين، واكتسبت حربهما الباردة، المحتدمة حالياً، مزيداً من الحرارة والسخونة.

ولولا أن هذه التحذيرات، صدرت عن شخصيات وازنة في عالم الفكر والسياسة وصنع القرار العالمي، لقلنا أن من أطلقها ليس سوى "أحمق" أو "عرّاف" من أولئك الذين لا يتوقفون عن إطلاق نبوءاتهم "الغيبية" والغبية" المبشرة بقرب "زوال إسرائيل" وانهيار الحضارة الكافرة...عشرات السياسيين والكتاب والدبلوماسيين الأمريكيين السابقين (من بينهم على سبيل المثال لا الحصر: جو بايدن، روبرت ردفورد، وتوماس فريدمان)، كانوا ممن أطلق التحذير الأول، فيما التحذير الثاني، سيصدر عن الوزير الأبرز للخارجية الأمريكية طوال أزيد من ستين عاماً: هنري كيسنجر.

من كان يظن أن العنصرية والشعوبية و"الأساطير الإنجيلية" ونظريات "التفوق العرقي" ستجد لها كل هذه الحاضنة الشعبية في الولايات المتحدة؟...من كان يظن أن صناديق الاقتراع والنظام الانتخابي الأمريكي، سيأتيان برجلٍ مثل ترامب إلى البيت الأبيض؟...من كان يتخيل أنه سيكون بمقدور زعيم الدولة الأعظم، أن يطلق من المواقف والتصريحات والأحكام، ما يكفي لتحويله إلى المحكمة، من دون خشية من حسيب أو رقيب؟...من كان يعتقد أن ميليشيات مسلحة، ستخرج للشوارع متعهدة بأخذ القانون على عاتقها، تلبية لنداء رئيسها: “standby”؟...من خطر بباله أن تتشكل عصابات هدفها خطف وتصفية حاكمة إحدى الولايات، لأنها فرضت قيوداً صارمة لاحتواء جائحة كورونا، في تطوير وقح لتجربة "كوكلوكس كلان"؟...أما الأهم من كل ما سبق، من كان يظن أن مسألة الانتقال السلس والسلمي للسلطة ستصبح قضية القضايا في الولايات المتحدة، الديمقراطية الأكبر في العالم، وأن الاتهامات باحتمال ممارسة التزوير بين الحزبين، باتت تطغى على حملاتهما الانتخابية؟...الحقيقة أن المراقب يحتاج لقدر هائل من الخيال، كي يستشرف ما سيحصل، في بلد استمرأ الجلوس على مقعد "المُعلم" لتلقين العالم أبجديات الحرية والمساواة والمواطنة وقيم الديمقراطية والتعددية وتداول السلطة.

إلى أن جاءنا هنري كيسنجر، الكهل الذي ما زال نابضاً بالقدرة على التفكير والاستشراف وبناء السيناريوهات ورسم خرائط الطرق للمستقبل...كيسنجر، يرى أن الوضع الدولي يشبه ما كان عليه عشية الحرب العالمية الأولى، غير مستبعد اندلاع حرب أمريكية – صينية (عالمية ثالثة)...استغربت ما ذهب إليه الرجل، ولماذا الحرب الأولى وليس الثانية؟

صاحب كتاب "النظام العالمي 2014"، يقارن بين مشهدين: قبل مئة عام، ظنّ الفاعلون الدوليون الكبار، أن الحرب مستحيلة، لكنهم واصلوا بناء ترسانتهم الحتمية، إلى أن صارت الحرب ممكنة، في ظل تنافس محتدم على التكنولوجيا...الطفرة العلمية الراهنة في مجال "الذكاء الصناعي" تغذي القناعة عن الطرفين المتنازعين: الصين والولايات المتحدة، بإمكانية اعتماد "اللعبة الصفرية"، فيما تتطور التكنولوجيا اليوم بسرعة أكبر من الفلسفة، وليس كما كان عليه زمن الثورة الصناعية الأولى، التي أطّرها واحتوى تداعياتها، مفكرون وفلاسفة كبار.

بعد الحرب العالمية الأولى جرت إعادة تقاسم للعالم بين القوى المنتصرة، وظهر نظام عالمي متعدد الأقطاب: الاستعمار القديم (فرنسا وبريطانيا) والولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي الصاعدين، قبل أن تفضي الحرب العالمية الثانية، إلى "ثنائية قطبية"...عالم اليوم كما يرى كيسنجر، لم يعد يحتمل "القطب الواحد" القادر على احتكار التكنولوجيا والاقتدار العسكري والاقتصادي، عالم اليوم، بحاجة لرسم قواعد المسموح والممنوع في العلاقات الدولية، بحاجة إلى نظام عالمي جديد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن التحذير من حرب أهلية ثانية أمريكياً وثالثة عالمياً عن التحذير من حرب أهلية ثانية أمريكياً وثالثة عالمياً



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 15:10 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

رئيس الرجاء يحاول اقتناص لاعبين أحرار بدون تعاقد

GMT 05:33 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن موقع هبوط يوليوس قيصر لغزو بريطانيا

GMT 09:33 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

عهد التميمي

GMT 10:19 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الروسي يعلن وصول أول كتيبة من سورية إلى موسكو

GMT 11:50 2016 الثلاثاء ,20 أيلول / سبتمبر

مقتل 4 من عناصر "بي كا كا" في قصف تركي شمالي العراق

GMT 06:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

8 معلومات مهمة عن "جسر العمالقة" تزيد الفضول لزيارته

GMT 17:21 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب الأرجنتين يعلن عن تشكيلته لمواجهة البرازيل

GMT 00:21 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

صحيفة بريطانية تكشف أفضل 10 فنادق في مدينة روما

GMT 22:46 2017 الخميس ,28 أيلول / سبتمبر

حسن الفد يعيد شخصية كبور من خلال عرضه " سكيتش"

GMT 16:29 2017 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

2016 عام حافل بالأنشطة والعروض في الدار العراقية للأزياء

GMT 04:38 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مرضٌ خطير يصيب الأبقار ويعزل عشرات القرى في سطات

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,11 آذار/ مارس

وفاة الممثل المسرحي المغربي إدريس الفيلالي

GMT 00:11 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تحف فنية من الزخارف الإسلامية على ورق الموز في الأردن
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca