ما الذي يبقي الطلب على المعارضة السـوريـة فـي أدنـى مستـويـاتــه؟

الدار البيضاء اليوم  -

ما الذي يبقي الطلب على المعارضة السـوريـة فـي أدنـى مستـويـاتــه

بقلم : عريب الرنتاوي

حال منصات المعارضة السورية الأربع ... كثرة كاثرة من الأسماء والوجوه والشخصيات والكيانات، مع ندرة في التأثير والنفوذ والتمثيل، فيما الاستثناء الإسلامي، وأقصد “الإخوان المسلمون” وبعض التيارات الإسلامية، التي تحظى بهامش تناقصت مساحته في الأعوام الثلاثة الفائتة، وهو مرشح لمزيد من الانكماش مع اشتداد الحملة الكونية على هذا الفريق، وفي ضوء تداعيات الأزمة الخليجية والحصار المضروب على قطر وانحسار الدور التركي في الإقليم.

حال المعارضات السياسية لا يختلف عن حال المعارضات المسلحة، إذ باستثناء “قسد” والحركة الكردية، فإن القوة الضاربة في أوساط هؤلاء، تتوزع ما بين داعش والنصرة، ومن تبعهما بغير إحسان من تيارات السلفية الجهادية المستترة والمكشوفة ... بخلاف ذلك، لسنا في واقع الحال أمام مشروع وطني مسلح، بل أمام حركات محلية وأمراء حرب وامتدادات للقوى الإقليمية المجاورة والبعيدة ... هكذا انتهى الحال بالمعارضات السورية، سياسية كانت أم مسلحة.

يجد المراقب للمشهد السوري المعارض، صعوبة في التفريق بين مواقف “منصة حميم” ومواقف النظام، أما منصة موسكو، فهي ظاهرة صوتية من بقايا وفلول العهد الاشتراكي، قطعت نصف طريق الأزمة السورية متحالفة مع النظام، قبل أن تفترق تكتيكياً معه في وقت لاحق، وهي مستعدة لاستئناف هذا التحالف من النقطة التي توقف عندها، وربما من نقطة أدنى بكثير.

منصة القاهرة، تضم شخصيات متحدرة من هيئة التنسيق ومنشقة عليها، بيد أن أداءها يتميز بقدر وافر من الموسمية و”المزاجية”، وهي وإن احتفظت بمسافة أكبر عن النظام، وقررت الابتعاد عن المحور/المحاور الخليجية التركية، إلا أنها استندت إلى حليف إقليمي يشكو تآكلاً في دوره الإقليمي، ويراوح ما بين الانفتاح على النظام في دمشق واسترضاء حلفاء وازنين، لهم مواقف شديدة العداء معه... باستثناء حفنة من رموز هذه المنصة، يصعب أن تجد أحداً في صفوفها ذا إرث نضالي أو امتداد شعبي.

أما “الممثل الشرعي الوحيد” للمعارضات السورية، الائتلاف الوطني لقوى المعارضة ومنصة الرياض وهيئتها التفاوضية، فأمراضها من النوع المزمن والمستعصي على الشفاء، وهي موزعة المرجعيات والولاءات، وطالما أن هذه المرجعيات باتت تحترب فيما بينها على نحو غير مسبوق أبداً، فإن من المنطقي أن تتحول هذه المنصة إلى ساحة لتصفية الحسابات العربية والإقليمية ... وهذه المنصة التي يتعاقب المسؤولون على رئاستها بتسارع عجيب، بتنا معه لا نعرف من يديرها حالياً، وبات جميع أعضائها تقريباً “رؤساء سابقون”، أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك، بأنها أعجز من أن تجلس نداً على مائدة المفاوضات مقابل النظام وحلفائه.

المعارضات جميعها، وعلى اختلاف منصاتها، باتت تشكو انفضاض “المجتمع الدولي” و”أصدقاء سوريا”، هل تذكرون هذا الاسم، من حول المعارضات ومشاريعها ... لواشنطن حليف واحد في سوريا، هو وحدات الحماية وقوات سوريا الديمقراطية، وهؤلاء ليسوا ممثلين في أي من هذه المنصات ...وفرنسا تستدير بزاوية 180 درجة، منذ أن غادر فرانسوا هولاند وجاء إيمانويل ماكرون إلى الإليزيه .... أما روسيا، التي طالما تعرضت للهجاء والشيطنة من قبل فرسان الائتلاف، فهي اليوم، اللاعب الرئيس في سوريا، وبإقرار امريكي لافت، عبرت عنه تصريحات ترامب ووزير خارجيته تيلرسون الأخيرة.

لكن مع ذلك، ومن باب “لزوم ما لا يلزم”، يُجري المبعوث الدولي ستيفان ديمستورا مشاورات مكثفة مع هذه المنصات، لجمعها في وفد واحد، وأحسب أن حاصل جمع مجموعة من الأصفار ليس أكثر من صفر ... مهمة توحيد المعارضات السورية، باتت مهمة من لا مهمة له، وهذا هو حال الأممي الأنيق، الذي يطل علينا بين جولة وأخرى من جولات جنيف، مردداً العبارات ذاتها وموزعاً الابتسامات ذاتها.

وأطرف ما سمعت في ملف توحيد المعارضات، ذاك الشرط الذي عرضه ممثل الائتلاف، حين ربط بين الأخذ بفكرة الوفد الموحد وانصياع النظام لشروط الانتقال السياسي وأحكامه ... يبدو أن الائتلاف ما زال يعيش في العامين 2013 و2014، ولم تصله أنباء التدخل الروسي في سوريا بعد، ولم يتابع بما يكفي مجريات الوضع في حلب وحمص والبادية والاتفاق الثلاثي في جنوب غرب سوريا.

ما يُبقي منصات المعارضة على قيد الحياة، حاجة جميع الأطراف لوجودها لإدارة العملية السياسية وإدامة المفاوضات إلى حين إنضاج شروط “الصفقة الكبرى” بين لاعبين إقليميين ودوليين، لا يعرف كثيرون منهم أسماء قادة المعارضة السورية والناطقين باسم منصاتها ... لو لم تكن هناك معارضات ومنصات، لتوجب خلقها، لغاية الاستمرار في إشاعة الوهم بوجود عملية سياسية بين السوريين أنفسهم ... ولأنه، وربما،وهذا هو الأهم، من غير المنطقي بعد سنوات سبع عجاف، أن يفاوض النظام نفسه حول عناصر الحل وأركانه.

حتى روسيا صديقة النظام وحليفته، بحاجة لمعارضة سورية لإشاعة الوهم بأن ترتيبات ما بعد الأزمة، أخذت بنظر الاعتبار مصالح مختلف الأطراف، وأن سوريا الجديدة ليست نسخة بالكربون عن سوريا القديمة ... في ظني أن هذا هو السبب، الذي يبقي الطلب على المعارضة موجوداً وإن بأدنى الحدود، ومن مصلحة المعارضة والشعب السوري أن تقال هذه الحقائق بالفم الملآن، فاللعبة انتهت والشعب السوري الذي قلنا إنه يستحق نظاماً أفضل من هذا، يستحق بدوره معارضة غير هذه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما الذي يبقي الطلب على المعارضة السـوريـة فـي أدنـى مستـويـاتــه ما الذي يبقي الطلب على المعارضة السـوريـة فـي أدنـى مستـويـاتــه



GMT 08:07 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أخبار مهمة أمام القارئ

GMT 08:04 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الإمارات والأردن.. توافق لأمن المنطقة

GMT 08:01 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسوأ عقاب أوروبى لأردوغان

GMT 07:59 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لهذا تقود أمريكا العالم!

GMT 07:57 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كسر الحلقة المقفلة في اليمن

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 17:40 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 18:01 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 02:47 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

العلماء يوضّحون سر المحرك الذي يعمل على قمر إنسيلادوس

GMT 18:28 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

سارة جيسكا باركر تفاجئ الجميع في "الغولدن غلوب"

GMT 08:40 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

أجمل الأفكار لمكياج أنيق ومميز من حنان العبدالله

GMT 04:34 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

13.4% من مواطني 10 بلدان عربية يعيشون فقرًا مدقعًا

GMT 22:44 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يواجه سبورتنغ وسموحة في بطولة كأس الاتحاد لكرة اليد

GMT 18:16 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر صحافي لنجوم فيلم "طلق صناعي" للكشف عن تفاصيله

GMT 07:36 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

طرح نظارة الواقع الافتراضي Vive Focus الشهر المقبل

GMT 23:08 2016 الأربعاء ,28 أيلول / سبتمبر

وسائل منزلية لعلاج الخدوش والجروح

GMT 21:28 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة سهلة وسريعة لصنع السحلب الساخن في البيت

GMT 19:41 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"سامسونغ" تطلق متصفحها على جميع أجهزة "أندرويد"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca