إلى دولة الرئيس… الاعتراف بـ «عدم الجدية»، لا يكفي

الدار البيضاء اليوم  -

إلى دولة الرئيس… الاعتراف بـ «عدم الجدية»، لا يكفي

بقلم : عريب الرنتاوي

ورثت الحكومة الحالية عن سابقتها، استراتيجية وطنية لمحاربة التطرف، تم وضعها في العام 2014، وأنيط تنفيذها بوزارة الداخلية … الاستراتيجية لم تحظ بنقاش وطني كبير، وغالبية الأردنيين لا تعرف عنها شيئاً، وأثار مضمونها الذي نشر مؤخراً، على شكل “تسريب”، جدلاً حول قدرتها على مجابهة هذه “الآفة” وحشد مختلف القوى لاستئصالها.

في لقاء “الدستور” مع رئيس الحكومة الدكتور هاني الملقي، قال إن حكومته نقلت هذا الملف إلى وزارة الثقافة، على اعتبار أن محاربة التطرف ليست شأنا أمنياً محضاً، إلا عندما ينتقل “المتطرف” من القول إلى الفعل، من فضاء الفكرة إلى انتهاك القانون … أما كافة المراحل السابقة لذلك، فهي من اختصاص وزارات أخرى كالتربية والتعليم والأوقاف والثقافة وغيرها من المؤسسات والدوائر الحكومية.

لكن الرئيس استطرد، وفي معرض الرد على سؤال عن درجة رضاه عن الأداء الحكومي بهذا الصدد قائلاً: “بكل صراحة وجدنا في أول تقرير جاءنا أن مستوى الجدية غير عالٍ، فمراجعتي لعامي 2014 إلى 2016 وجدنا أنه لم يكن هناك جدية في أخذ الموضوع كما في مواضيع كثيرة” … هو اعتراف وإن كان ينم عن نزاهة وشفافية، إلا أنه يثير قدراً كبيراً من القلق، في بلد يقاتل ثلاثة آلاف من أبنائه في صفوف داعش والنصرة في سوريا والعراق، ويعتقد ما يقرب من 300 ألف من مواطنيه، أن التنظيمين الإرهابيين، يمثلانهم ويعبران عن توجهاتهم … فيما تقع نسبة كبيرة من مواطنيه ومواطناته، تحت تأثير أكثر “الطبعات الإسلامية راديكالية”.

والحقيقة أننا ومن موقع المتابعة اللصيقة للأداء الحكومي في هذا الملف، لم نكن متفائلين بجدية الأداء وجدوى النتائج المترتبة على الاستراتيجية الحكومية … وبخلاف ما اعتبره الرئيس خطوة للأمام أو في خطوة في الاتجاه الصحيح، فقد نظرنا لنقل الملف من “الداخلية” لـ “الثقافة”، أمراً ينم عن “قلة اهتمام” بهذا الشأن، فقد كان من الأجدى أن تتشكل لجنة مختصة رفيعة المستوى، تتبع مباشرة رئيس الوزراء، وتحظى بصلاحيات و”غطاء” كافيين، للقيام بما يلزم، تنسق العمل الحكومي في هذا المجال، وتسعى في بناء تحالفات واسعة وعريضة من مؤسسات المجتمع المدني ومختلف القوى والأحزاب والمنظمات السياسية والاجتماعية لمعالجة هذه الظاهرة واستئصالها، ويُرصد لها ما يكفي من الموارد لإنجاز عملها، فلا أحسب أن لدينا تهديداً أكثر جدية، من تفشي هذه الظاهرة، وتملكها لعقول وقلوب مئات ألوف الأردنيين، وفي هذه اللحظة الإقليمية المضطربة بامتياز.

وأجدها مناسبة، لمخاطبة دولة الرئيس مباشرة، بالقول إن الأوان لم يفت لتدارك مع يمكن تداركه، بدءاً بإدارة حوار مع المختصين والمجتمع المدني وذوي الخبرة والدراية، من أجل إعادة النظر في الاستراتيجية ذاتها أولاً، وإعادة تشكيل “الجهة الحكومية المختصة” ثانياً، وربطها بمكتب رئيس الوزراء، أو به شخصياً ثالثاً، والشروع من دون إبطاء في بناء التحالفات الكفيلة بجعل مهمة محاربة التطرف، ليست محصورة بالحكومة، بل مهمتنا جميعاً رابعاً.

ولنا في حكاية المناهج وتعديلاتها، والموقف التبريري – الدفاعي الذي صدر عن كبار المسؤولين في الدولة، في مواجهة حملات الابتزاز والتشهير التي قوبلت بها خطوة وزارة التربية المتواضعة في أصلها، ما يوفر الدليل الدامغ، على أننا لا نسير في الاتجاه الصحيح، وأن التردد والمراوحة (خطوة للأمام … خطوة للوراء) ما زالت المعادلة الناظمة لعملنا … وما ينطبق على “التربية والتعليم”، انطبق بالدرجة ذاتها، على “الأوقاف” “و”الثقافة” وغيرها من دوائر عمل الحكومة ووزاراتها.

إننا – يا دولة الرئيس – بحاجة ماسة، لاعتماد مرجعية واضحة في تحديد ما الذي نقصده عندما نتحدث عن التطرف، وهل نقصد الشيء ذاته، عندما نتناول هذه القضية، ومن دون ذلك، سيصعب علينا وضع الاستراتيجيات والسياسات الكفيلة بالقضاء على هذه الظاهرة، واختيار الأشخاص والأدوات والوسائل الكفيلة بتحقيق هذا الغرض.

نحن بحاجة لجولات وجولات من الحوار الوطني حول هذه العناوين، ونأمل أن تتم هذه المرة، بقيادة الحكومة، وألا تترك المهمة لمجلس النواب الجديد، جرياً على العادة غير المستحبة التي درجت عليها الحكومة السابقة في آخر عامين من عهدها، عندما تخلت عن دورها في قيادة الحوار الوطني حول جملة تشريعات الإصلاح السياسي، وأوكلتها للبرلمان، الذي جاب البلاد طولاً وعرضاً، قبل أن يعود لإقرار التشريعات كما وردت من الحكومة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلى دولة الرئيس… الاعتراف بـ «عدم الجدية»، لا يكفي إلى دولة الرئيس… الاعتراف بـ «عدم الجدية»، لا يكفي



GMT 07:14 2021 الجمعة ,24 كانون الأول / ديسمبر

"العالم المتحضر" إذ يشتري البضاعة القديمة ذاتها

GMT 06:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

"فتح" و"حماس" ولبنان بينهما

GMT 06:13 2021 الأربعاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 06:13 2021 الأربعاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 06:18 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 15:10 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

رئيس الرجاء يحاول اقتناص لاعبين أحرار بدون تعاقد

GMT 05:33 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن موقع هبوط يوليوس قيصر لغزو بريطانيا

GMT 09:33 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

عهد التميمي

GMT 10:19 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الروسي يعلن وصول أول كتيبة من سورية إلى موسكو

GMT 11:50 2016 الثلاثاء ,20 أيلول / سبتمبر

مقتل 4 من عناصر "بي كا كا" في قصف تركي شمالي العراق

GMT 06:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

8 معلومات مهمة عن "جسر العمالقة" تزيد الفضول لزيارته

GMT 17:21 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب الأرجنتين يعلن عن تشكيلته لمواجهة البرازيل

GMT 00:21 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

صحيفة بريطانية تكشف أفضل 10 فنادق في مدينة روما

GMT 22:46 2017 الخميس ,28 أيلول / سبتمبر

حسن الفد يعيد شخصية كبور من خلال عرضه " سكيتش"

GMT 16:29 2017 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

2016 عام حافل بالأنشطة والعروض في الدار العراقية للأزياء

GMT 04:38 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مرضٌ خطير يصيب الأبقار ويعزل عشرات القرى في سطات

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,11 آذار/ مارس

وفاة الممثل المسرحي المغربي إدريس الفيلالي
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca