الرواية لم تكتمل فصولاً بعد

الدار البيضاء اليوم  -

الرواية لم تكتمل فصولاً بعد

بقلم - عريب الرنتاوي

لم يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي غضاضة في احتضان قاتل الشاب والطبيب الأردنيين، حتى قبل أن تجف دماؤهما عن يدي القاتل القذرتين ... تسريب صور العناق والاحتضان و”التربيت على الظهر”، كان عملاً استفزازياً ووقحاً بامتياز.

ما كان بمقدور الأردن أن يستمر في منع القاتل من السفر، فالأردن ليس دولة مارقة، والقانون والمعاهدات الدولية صريحة في مثل هذه الحالات ... لكن القوانين والأعراف ذاتها، تملي على الدولة المارقة غرب النهر، إحالة القاتل إلى القضاء، ليلقى جزاءه العادل، وهو الذي نعتته الصحافة الإسرائيلية بالأرعن و”غير المسؤول”، بدل أن يُحتضن بوصفه “بطلاً قومياً”، وفي مكتب رئيس الحكومة.
ندرك أن نتنياهو كان بحاجة لتسريب هذه الصور، لأنه سبق وأن اتخذ قرارات برفع البوابات الالكترونية التي سيّج بها المسجد القدسي الشريف ... لكأن الرجل يبحث عن “تعويض” يبقيه زعيماً قوياً في أعين محازبيه وجمهوره، وهو الذي يدرك تمام الإدراك أنه سيتلقى سهام النقد والإدانة من دوائر اليمين المتطرف، حين يفصح عن قراراته الجديدة إزاء الحرم، وسيُتهم بالضعف أو التردد، لذا فقد اختار الانحياز لصورة راعي القتلة والمجرمين بدلاً من صورة الزعيم المتردد الذي يرضخ للضغوط.
لا ندري إن كانت هناك جوانب لا نعرفها من المفاوضات المكثفة التي دارت خلال الأيام الماضية، ونرجح أن الصورة الكاملة لم تتضح بعد ... الحكومة تنفي وجود “صفقة” أو حتى مفاوضات ... مع أن داني ياتوم، رئيس الموساد السابق، الذي رعى صفقة خالد مشعل – أحمد ياسين، هو ذاته الذي اقترح على نتنياهو صفقة “الحارس القاتل مقابل بوابات الأقصى الالكترونية”، وبما يرفع الحرج عن طرفي المعادلة، الأردن يكون قد سجل مكسباً في القدس، ونتنياهو قد تحصّل على سلم للهبوط عن شجرة الأقصى، والعلاقات الأردنية – الإسرائيلية تكون قد تخطت واحدة من أزماتها المفاجئة، هكذا برر ياتوم مقترحه.
نحن لا نعرف عن طبيعة الإجراءات البديلة التي ستقدم عليها سلطات الاحتلال في المسجد ومحيطه ... ولا ندري إن كان الأمر قد بحث مع المسؤولين الأردنيين ... ما هي هذه الكاميرات المتطورة التي سيجري زرعها؟... أية أبواب ستفتح وأية أبواب ستبقى مغلقة... المؤكد أننا لن نعود إلى الوضع الذي كان عليه قبل اندلاع أزمة المسجد، بدلالة التريث الذي أبدته المراجع الدينية في المدينة والوقت الذي طالبت به لدراسة المشهد من مختلف جوانبه قبل تقرير الاستمرار في المواجهة أو العودة للحياة الطبيعية في المدينة ومسجدها.
وربما هذا ما دفع الحكومة الأردنية للإسراع في نفي الصفقة أو حتى التفاوض بشأنها، يبدو أن عمّان بدورها غير مطمئنة تماماً حيال الإجراءات البديلة في المسجد، فإزالة البوابات الإلكترونية أمرٌ جيد، لكنه وحده لا يكفي للركون إلى “سلامة النوايا” الإسرائيلية، ولا يعبر عن جنوح حكومة اليمين واليمين المتطرف للتهدئة والتسوية وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه.
ولو كان لدى الحكومة الأردنية كامل اليقين والاطمئنان لما أقدمت على نفي الصفقة أو التفاوض بشأنها، ذلك أن عودة الأمور في المسجد وأكنافه مقابل السماح لطاقم السفارة بمغادرة الأراضي الأردنية، هي صفقة جيدة عموماً، خصوصاً أنه لن يكون بمقدور السلطات الأردنية منع سفر هؤلاء طوال الوقت، او حتى لوقت طويل ... وطالما أن جرى استجواب القاتل من قبل رجال أمن أردنيين، فإن من المنطقي التفكير بتدفيع إسرائيل الثمن، والثمن المطلوب لصالح الأقصى هو ثمن مناسب في كل الأحوال.
لكن لا أحد – بمن في ذلك الحكومة الأردنية – لديه يقين على ما يبدو حيال النوايا والإجراءات الإسرائيلية القادمة والبديلة ... لذا فالحذر واجب، والأردن لا يريد أن يكرر تجربة الكاميرات في الأقصى والتي أفضت إلى نشؤ سوء تفاهم مع الجانب الفلسطيني، وأحدث توتراً في العلاقات الثنائية بين عمان ورام الله ... وربما هذا ما يفسر شح المعلومات عن تفاصيل المحادثات التي أجراها نداف أرغمان رئيس الشباك في عمان، وسيتعين علينا الانتظار لعدة أيام – ربما – حتى نقرأ في الصحف العبرية المزيد عن هذه التفاصيل، فالرواية لم تكتمل فصولاً بعد.
يبقى أن حق الأردن وواجب حكومته، ملاحقة القاتل قضائياً، والطلب إلى حكومته تحويله للقضاء بتهمة القتل، وإن تعذر ذلك، فلا بأس من محاكمته أردنياً، وملاحقته في الدول التي تسمح أنظمتها القضائية بمحاكمته ... ويجب أن تكون الكيفية التي ستتعامل بها الحكومة الإسرائيلية مع مجرم من هذا النوع، هي معيار من المعايير الحاكمة للعلاقات الإسرائيلية - الأردنية، فإسرائيل تستخف بدماء الأردنيين، وحكاية القاضي رائد زعيتر ما زالت طازجة في الذاكرة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرواية لم تكتمل فصولاً بعد الرواية لم تكتمل فصولاً بعد



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 10:09 2018 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

ضعيف يكشف عن لائحة مجلس المكناسي لكرة السلة

GMT 17:28 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ساحرة من التنانير الكلوش لمظهر أنثوي مثير

GMT 14:39 2017 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يقترض من البنك الدولي 200 مليون دولار أميركي

GMT 04:12 2017 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

ديانا كرازون تظهر بإطلالة مبهرة في حفلة خاصة في قطر

GMT 00:44 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

فريق الأهلي يُحقق فوزًا رائعًا على نظيره الأوليمبي

GMT 12:57 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

"الاستهتار" يدفع حكم لقاء سبورتنغ والطيران لإلغاء المباراة

GMT 06:13 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل "بالمختار" من إدارة المرصد المغربي للتنمية البشرية

GMT 19:27 2016 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

الدرهم المغربي ينخفض أمام الدولار الأميركي بنحو 0.0001

GMT 19:16 2016 الجمعة ,15 إبريل / نيسان

ما مدى دقة اختبار الحمل المنزلي؟
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca