فصـل جديـد مـــن التـأزيــم

الدار البيضاء اليوم  -

فصـل جديـد مـــن التـأزيــم

عريب الرنتاوي

دخلت المنطقة مع مطلع العام الجديد، حلقة جديدة، أكثر توتراً وخطورة، في مسلسل الانقسام والاصطراع المذهبيين ... القصة بدأت بتنفيذ حكم الإعدام بحق رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر، وتعقّدت بإقدام متظاهرين في طهران وقم على حرق السفارة والقنصلية السعوديتين في إيران، في نموذج فجّ. 
المتتبع لصوت عائلة النمر، كما عبّر عنه شقيقه في تغريداته المتعاقبة، يلحظ قدراً متميزاً ومفاجئاً من “الاعتدال” و”التوازن”، فالرجل منذ اليوم وهو يدعو لالتزام “السلمية” في التعبير عن المواقف والمشاعر، وعندما بدأت أنباء حرق القنصلية والسفارة في إيران بالتواتر، خرج مندداً ومستهجناً للتدخل الإيراني في المسألة، وهو المكلوم بأخيه، فيما نجله محكوم أيضاً بالإعدام، وينتظر تنفيذ الحكم في سجنه. 
ثمة نقاش واسع، يدور همساً أو يُستشف من تحت غبار حرب الاتهامات المتبادلة والمواقف المتشنجة التي تطبع العلاقات السعودية – الإيرانية، حول أسباب ودوافع تنفيذ حكم الإعدام، أو ردة الفعل الإيرانية عليه .... 
في الجانب الإيراني، ليس ثمة من يتقبل الرواية الرسمية التي تتحدث عن “ثورة غضب” شعبية وغير رسمية، فالحكومة مسؤولة في كلتا الحالتين عمّا حصل من خرق للقانون الدولي ومعاهدة فيينا، وسواء أكانت هي من دبر عملية الاقتحام والحرق، أم هي من عجز عن منع هذه العملية، فهي تتحمل المسؤولية كاملة وفي كلتا الحالتين عن الفعلة المسيئة، وربما هذا ما فسر تصريحات الرئيس حسن روحاني التي خطّأ فيها الاعتداء على السفارة والقنصلية. 
في الحالة السعودية، ثمة من يعتقد بأن المملكة كانت بحاجة لـ “شدّ العصب السني” سيما وأن “مفاعيل” التحالف الإسلامي الذي أعلن عنه مؤخراً، لم تتظهّر بعد .... وفي الحالة الإيرانية، ثمة من يتحدث عن دوافع أخرى عديدة، غير إعدام النمر، تقف وراء ما حصل، منها إحساس إيران بالتوتر على خلفية التطورات الأخيرة في الحرب على اليمن، ومنها ما يتصل بقضية الحجاج في تدافع منى المأساوي، والذي شكل الإيرانيون غالبية ضحاياه ... ومنها أيضاَ ما يتصل برفض الرياض محاولات طهران المتكررة، للشروع في حوار وتسويات حول بعض ملفات الإقليم. 
خلاصة القول، أن العلاقات بين المملكة السعودية والجمهورية الإسلامية، دخلت في طور جديد من التوتر والقطيعة، وأحسب أن تداعيات الأزمة الراهنة، لم تكتمل بعد، وثمة فصول جديدة من الأزمة والتأزيم، ستظهر تباعاً سواء على المستوى الثنائي، أو ربما تتظهّر في “حروب الوكالة” المندلعة من اليمن إلى لبنان، مروراً بالعراق وسوريا. 
ولا شك أن هذا الفصل الجديد من التوتر، سوف تكون له التداعيات السلبية على الجهود الرامية للتوصل إلى حلول سياسية لأزمتي اليمن وسوريا، وسيشهد مسارا فيينا وجنيف، المعقدين والعاثرين أصلاً، المزيد من العثرات والتعقيدات ... كما سوف نشهد تصعيداً في المواجهات الميدانية، وربما في حروب التصفيات والاغتيالات لأنصار الطرفين في هذه الدول. 
والمؤسف حقاً، أنه باستثناء التصريح الروسي المعبر عن الاستعداد للوساطة والتوسط بين البلدين لحل خلافاتها، لا نرى أية مبادرات جدية، من داخل الإقليم، تستهدف احتواء التأزم، والحيلولة دون انزلاق المنطقة برمتها، إلى فصل جديد من الانقسام والاصطراع المذهبيين. 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فصـل جديـد مـــن التـأزيــم فصـل جديـد مـــن التـأزيــم



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 15:10 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

رئيس الرجاء يحاول اقتناص لاعبين أحرار بدون تعاقد

GMT 05:33 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن موقع هبوط يوليوس قيصر لغزو بريطانيا

GMT 09:33 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

عهد التميمي

GMT 10:19 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الروسي يعلن وصول أول كتيبة من سورية إلى موسكو

GMT 11:50 2016 الثلاثاء ,20 أيلول / سبتمبر

مقتل 4 من عناصر "بي كا كا" في قصف تركي شمالي العراق

GMT 06:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

8 معلومات مهمة عن "جسر العمالقة" تزيد الفضول لزيارته

GMT 17:21 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب الأرجنتين يعلن عن تشكيلته لمواجهة البرازيل

GMT 00:21 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

صحيفة بريطانية تكشف أفضل 10 فنادق في مدينة روما

GMT 22:46 2017 الخميس ,28 أيلول / سبتمبر

حسن الفد يعيد شخصية كبور من خلال عرضه " سكيتش"

GMT 16:29 2017 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

2016 عام حافل بالأنشطة والعروض في الدار العراقية للأزياء

GMT 04:38 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مرضٌ خطير يصيب الأبقار ويعزل عشرات القرى في سطات

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,11 آذار/ مارس

وفاة الممثل المسرحي المغربي إدريس الفيلالي
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca