مسابقات التظاهر.. إلى أين؟

الدار البيضاء اليوم  -

مسابقات التظاهر إلى أين

عبد الرحمن الراشد

عندما كتبت مقالي، لم أنتظر حتى أرى أي الحشدين أكبر، في ميادين القاهرة؛ «الإخوان» أم خصومهم، لأنه، في نظري، لا يمكن قياس حقوق المواطن أو واجب الدولة من خلال حساب عدد الذين في الشارع، فالتظاهر وسيلة للتعبير لا للتفويض. والتباري في حشد الناس لن يطول، لأن الأزمة أخطر من أن تُحسم بمسابقة المظاهرات، بل ستتعداها إلى ما وراء ذلك، خاصة أن تصرفات جماعة الإخوان المسلمين، وتصريحاتها، تبين أنها تدار من قيادة تنحو للتطرف. المعتدلون من «الإخوان» انشقوا، أو صمتوا، وبعد أن تسببت القيادة القطبية المتشددة في داخل الجماعة في إضاعة فرصة الحكم، تقوم بالتصعيد والتهديد، متناسية أنها حكمت مصر لعام، أخافت تصرفاتها بقية القوى السياسية، مؤكدة أنها لا تؤمن بالديمقراطية التي أوصلتها للحكم، وترفض المشاركة السياسية. الخلاف في مصر سياسي يمكن التعبير عنه سلميا، وبعد ظهور العنف لم يعد قائد الجيش الفريق عبد الفتاح السيسي، لمواجهته في حاجة إلى تفويضه من الشارع، لأن أول واجبات الدولة تأمين الأمن، قبل الخبز. ومواجهة العنف، سواء كانت دوافعه سياسية أو جنائية. العنف السياسي واحد، تفجير سيارة في المنصورة، مثل اغتيال الجنود في سيناء، مثل إطلاق الرصاص من قبل بعض المتظاهرين في القاهرة. ومن المؤكد، إن استمر وازداد القتل والتفجير، أننا سنرى حالة غضب شعبية تعطي الجيش المزيد من الصلاحيات، وربما تؤخر العملية السياسية الموعودة بعد عشرة أشهر. وقبل أن يختصر «الإخوان» تفكيرهم، في استعراض المزيد من المظاهرات في الأيام اللاحقة، ربما عليهم أن يوسعوا رؤيتهم وحماية مكتسباتهم بعدم السماح لاسمهم بأن يرتبط بالعنف والتحريض، لأنهم الخاسرون في هذه الحالة، مهما كانت مظلمتهم السياسية. نخاف على مصر، ليس من «الإخوان» أو الصراع السياسي، بل من القوى المسلحة. فمنذ الثورة المصرية، دخلت البلاد، وخرجت من السجون، جماعات مسلحة متطرفة تزداد نشاطا وقوة. هذه الجماعات الجهادية ارتكبت جرائم القتل في سيناء، قبل وخلال وبعد رئاسة الرئيس محمد مرسي. خطرها أكبر من مساحة مصر؛ تهدد منطقة الشرق الأوسط، حزام من الجماعات المترابطة ينشط حاليا في ليبيا، والجزائر، وتونس، وتنظيمات مثل دولة العراق والشام الإسلامية في سوريا. الجيش والحكومة المصرية الجديدة حتى لو لم تقنع كل الشعب المصري من خلال الحشد الجماهيري الكبير، وحتى لو استمر «الإخوان» في التحدي، فإن الآتي سيجعل المصريين أكثر قلقا على الأمن، وأقل اهتماما بالخلاف السياسي. ولأن الإخوان المسلمين يعيشون لحظة الغضب، وينوون إفشال أي مشروع سياسي لا يعيد لهم الحكم، فإنهم لا يقرأون جيدا الخطأ الذي يرتكبونه. صحيح أنهم خسروا ثلاث سنوات متبقية من الرئاسة، لكنهم حصلوا على تأكيدات من الأحزاب والقوى السياسية والجيش، بالمشاركة. إضافة إلى أن جولة جديدة من الانتخابات ستضمن لهم البقاء في العملية السياسية، ولأنه لا يوجد حزب واحد سياسي يملك شعبية تؤمن له الفوز الكامل، فهذا يعني أن فرصة «الإخوان» كبيرة للعودة بالتحالف مع قوى فائزة، وربما يحققون نسبة، إن لم تكن غالبة، فستكون مرجّحة في مجلس الشعب. وفي أسوأ حالاتهم سيكونون جزءا من الدراما السياسية التي تتغير فيها التحالفات. علينا أن لا ننسى أن «الإخوان» كانوا الفريق المفضل للجيش قبل عامين. الحل يكمن في الانتخابات المقبلة، التي تمثل أمل «الإخوان» في البقاء بالساحة، والأمل في منع البلاد من الانزلاق في دوامة العنف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسابقات التظاهر إلى أين مسابقات التظاهر إلى أين



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 05:14 2015 الجمعة ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تجار الحياة البريّة يشاركون في أكبر معرض للزواحف في العالم

GMT 18:12 2017 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

أفضل تشكيلة مثالية للاعبي "مارسيليا وموناكو"

GMT 05:51 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

عائلة باريسية تستعيد لوحة "الراعية تجلب الغنم" المسروقة

GMT 08:42 2017 الأحد ,01 كانون الثاني / يناير

شركة "Accent" تطرح هواتف ذكية ابتداء من 1500 درهم

GMT 03:28 2015 الأربعاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

9 لوحات مأخوذة من الطبيعة لتجميل ديكور منزلك في عيد الميلاد

GMT 16:42 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

كريسبو يعلن أن الحظ خان "ميسي" مع الأرجنتين
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca