الإسلاميون حماة الديموقراطية

الدار البيضاء اليوم  -

الإسلاميون حماة الديموقراطية

عبد العالي حامي الدين
ما يحصل في مصر هو انقلاب عسكري حقيقي لا غبار عليه، انقلاب تم بإرادة إقليمية ودولية، وجرى تنفيذه بأدوات داخلية..الجيش قام بتعطيل الدستور وأغلق القنوات الفضائية المخالفة له في الرأي، وشرع في اعتقال القيادات السياسية المؤيدة للشرعية، ووضع الرئيس المنتخب رهن الإقامة الجبرية في وزارة الدفاع، وزج برئيس الحكومة في السجن، وجاء برئيس جديد بناء على قرار عسكري، واتخذ قرارا بتشميع المقرات الرئيسية لحزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين.. يوما بعد يوم تكشف تطورات الأحداث في مصر الكنانة أننا أمام انقلاب عسكري حقيقي، بحيث لم يعد الجيش يطيق حجم الاحتجاجات المليونية المطالبة بعودة الرئيس وشرع في إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين.. فلأول مرة يتم استهداف مدنيين عزل بإطلاق الرصاص على ظهورهم وهم يؤدون صلاة الفجر في الشارع العام.. ليس هناك توصيف آخر لما حصل في مصر سوى وصف: "الانقلاب العسكري على الديموقراطية" والرجوع بالبلاد إلى الوراء... الجديد هذه المرة هو أن هذا الانقلاب جاء مدعوما من طرف قوى مدنية محسوبة على الصف الديموقراطي والليبرالي، أعماها العداء الإيديولوجي لفكر الإخوان وسقطت في فخ الجيش الراعي الأول لمصالح القوى الكبرى في المنطقة.. إنها "الديموقراطية العسكرية"، وهو مفهوم جديد بدأ يتبلور في الساحة الإعلامية والسياسية المصرية ويعبر عن نفسه بوضوح في كتابات العديد من المثقفين والسياسيين المؤيدين لإسقاط الرئيس مرسي والرافضين لتسمية هذه الخطوة بالانقلاب العسكري.. القوى الأساسية في مصر ومن ورائها ملايين المتظاهرين غاضبة من المؤامرة التي تعرض لها الرئيس المغدور ، والبلاد تعيش على حافة فوضى عارمة تعيد التذكير بالمشهد الجزائري غداة الانقلاب على انتخابات 1991 التي فازت فيها جبهة الإنقاذ الإسلامية بالأغلبية الساحقة.. ورغم التعتيم الإعلامي الممنهج الذي تتعرض له مظاهرات الغضب التي تجتاح مناطق عديدة في مصر، فإن ثورة الاتصالات والتكنولوجيات الحديثة تمكن المراقبين من رصد ما يقع بدقة متناهية، وسط صمت رهيب لدعاة الحرية والحداثة والليبرالية التي انخرط بعضها لتبرير هذه التراجعات بدون خجل ولا حياء.. من المؤسف أن بعض القوى السياسية لم تحسن قراءة المرحلة السياسية الراهنة من منظور تاريخي، طبعا أقصد القوى السياسية الليبرالية والعلمانية واليسارية الداخلية، أما القوى الخارجية ، إقليمية كانت أو دولية، فإنها تدرك جيدا ماذا يعني تأصيل الديموقراطية في العالم العربي ولذلك فإنها ستسعى لإفشالها بجميع الوسائل الممكنة لاعتبارات مرتبطة بمصالحها الاستراتيجية بالدرجة الأولى.. ما يحصل في مصر هو نتيجة لمخطط تراجعي يهم المنطقة العربية بأكملها وخاصة الدول التي تفاعلت إيجابا مع الربيع العربي..وأتصور بأن ما شهدته بلادنا من تطورات في الأيام القليلة الماضية من محاولات لزعزعة استقرار الحكومة والعمل على إضعاف الحزب الذي يقودها (العدالة والتنمية)، تندرج في هذا المخطط الذي جرى الإعداد له بدقة متناهية...والأيام القليلة القادمة كفيلة بتوضيح الصورة أكثر.. ولذلك فإن المهمة التاريخية الملقاة على عاتق الإسلاميين اليوم هي الصمود للدفاع عن الديموقراطية، سواء في بلدان الثورات أو في البلدان التي عرفت إصلاحات في ظل الأنظمة السياسية القائمة، المهمة الأساسية اليوم هي النضال من أجل ترسيخ قواعد التداول الديموقراطي على الحكم، وإرجاع السلطة إلى منطق الإرادة الشعبية، وحماية مكتسبات الشعوب في الحرية والكرامة ومناهضة الفساد والاستبداد، مع الحذر الشديد من الوقوع في ردود أفعال عنيفة غير محسوبة العواقب..والإيمان العميق بأن الحق يعلو ولا يعلى عليه، وأنه مهما بلغت ظلمة الليل سينبلج نور الفجر... "ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين" صدق الله العظيم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإسلاميون حماة الديموقراطية الإسلاميون حماة الديموقراطية



GMT 19:47 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

الاثنين أو الأربعاء

GMT 19:40 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

«إسرائيل الكبرى»: الحلم القديم الجديد

GMT 19:37 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

2025 سنة دونالد ترمب!

GMT 19:34 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

هل يقدر «حزب الله» على الحرب الأهلية؟

GMT 19:31 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

أحلام ستندم إسرائيل عليها

GMT 19:28 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

بـ «السوسيولوجيا» تحكم الشعوب

GMT 19:24 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

المستهلك أصبح سلعة

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 00:01 2018 الأربعاء ,16 أيار / مايو

دجاج على الطريقة الصينية "دجاج كانتون"

GMT 22:00 2017 الأربعاء ,19 تموز / يوليو

الارشيف الوطني ومشجب أسرار الدفاع الوطني

GMT 03:34 2017 الثلاثاء ,10 كانون الثاني / يناير

طرح منزل الكشافة بادن باول للبيع مقابل 3.5 مليون استرليني

GMT 16:43 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

متشرد يوقف "طرامواي’" الدارالبيضاء في الحي المحمدي المغربي

GMT 11:24 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

وفاة الفنان حسن كامي والفنانون ينعوه برسائل مؤثرة

GMT 06:35 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر نفط عُمان يرتفع الى 71.14 دولار الخميس

GMT 12:44 2018 الأحد ,14 تشرين الأول / أكتوبر

هوجو جاستون يحرز ذهبية التنس في أولمبياد الشباب

GMT 07:00 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

ألوان ظلال الجفون "الصارخة" تسيطر على موضة الخريف

GMT 22:22 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

اكتشفي طرق سهلة و مريحة لتنظيف أواني الطهي
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca