مواقف الكبار في سجل التاريخ

الدار البيضاء اليوم  -

مواقف الكبار في سجل التاريخ

بقلم - عبد العالي حامي الدين

“إنه سلوك نادر في التقاليد الحزبية ويستحق التقدير”، وقد “كان بإمكانه أن يطرح الولاية الثالثة في المؤتمر المقبل باعتباره أعلى هيئة من المجلس، لكنه لم يفعل”، كما أن “تصريحاته كانت هادئة ولم يصاحبها تشنج وهو سلوك عصري ديمقراطي غير تقليدي يستحق التقدير”.
هذا جزء من تعليق الصحافي المخضرم والمجرب، حميد برادة، وقراءته للسلوك الذي تميز به عبدالإله بنكيران والمواقف التي عبر عنها، بعد رفض المجلس الوطني بأغلبية 126 صوتا مقابل 101 صوت، لمقترح تعديل المادة 16 من النظام الأساسي للحزب التي تسمح بولاية ثالثة لمنصب الأمين العام ..
وهي شهادة معبرة من متابع دقيق لما يرشح من أخبار في الصحافة، ولا أدري ماذا كان سيكون تعليقه لو تابع أشغال المجلس الوطني من بدايته إلى نهايته..
اسمحوا لي أن أنقل جزءا من الصورة التي عاشها المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، الذي حظي بمتابعة استثنائية من الداخل والخارج، من خلال بعض اللقطات المعبرة لزعيم وطني كبير قاد حزبا سياسيا محترما، خلال مرحلة من أدق مراحل التاريخ السياسي المغربي، ولازالت أمامه كلمة سيقولها في المستقبل.
كانت الأجواء السابقة لمحطة المجلس الوطني مشحونة باختلاف سياسي حاد يختزل قراءات متنوعة، لما حصل بعد الانتصار الصعب الذي حققه حزب العدالة والتنمية يوم 7 أكتوبر، بحيازته على ثقة حوالي مليوني ناخب صمدوا أمام مختلف أنواع التدخل والتأثير، ونجحوا في تحطيم القواعد التقليدية والجديدة للتحكم في العملية الانتخابية..
كان اجتماعا للحسم في مقترح تعديل المادة 16 من النظام الأساسي، وهو مقترح يختزل اختلافا سياسيا حادا بين قراءتين سياسيتين لم يكتب لهما أن يتطارحا بشكل هادئ فيما قبل..
كان اجتماعا صعبا بين من يرى أن عبدالإله بنكيران مظلوم، وأن أصوات المغاربة تعرضت للقرصنة وأخرجت حكومة لا تعبر عن نتائج الاقتراع التاريخي ليوم 7 أكتوبر، وبالتالي لا بد من صياغة الجواب السياسي المناسب، والإبقاء على بنكيران زعيما للحزب، بعدما حقق احتراما كبيرا من طرف مختلف الفرقاء، ثم إن بقاءه في قيادة الحزب سيحافظ على شعلة الأمل لدى المواطنين الذين أصيبوا بالإحباط، وسيكون مفيدا للإسهام من موقع مؤثر في التخفيف من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تهدد الاستقرار في المغرب..
وبين من يرى بأن المرحلة تقتضي تدبيرا حكيما للتراجع الديمقراطي الذي عرفه المغرب بعد إعفاء بنكيران، والاحتفاظ بالأخير كزعيم سياسي للمستقبل، والانحناء لعاصفة الاستهداف التي تعرض لها الحزب وتجنب الاصطدام مع الدولة …
ما يهمني لما جاء أعلاه، مواقف السمو الأخلاقي التي ميزت الأستاذ عبدالإله بنكيران، والتي كانت وراء خروج حزب العدالة والتنمية ناجحا في امتحان كبير، اختلط فيه النقاش السياسي العقلاني بمشاعر العاطفة والخوف من المستقبل وإكراهات السلطة، وكيفية تدبير العلاقة مع الدولة والتذمر من مواقع التواصل الاجتماعي والشخصنة في بعض الأحيان، وبعض الحسابات الصغيرة وأشياء أخرى..
تابع بنكيران باهتمام كبير أزيد من 120 مداخلة، جزء منها كان قاسيا في حقه، ويمكن أن أقول ظالما، تفاعل معه بابتسامة عريضة ولم يكلف نفسه عناء الرد عليه، بل قام بكل شجاعة وأعلن تحمله المسؤولية عن كل ما حصل خلال هذه المرحلة، داعيا أعضاء الحزب إلى التجاوز والصفح عن بعضهم البعض والتفكير في المستقبل…
وقبل أن يثير بعض الأعضاء ضرورة احترام اختصاص المؤتمر الوطني كأعلى هيئة تقريرية، باعتباره المخول بتعديل النظام الأساسي، دافع بنكيران عن دور المجلس الوطني في اعتماد هذه المادة، مع العلم أن حظوظ اعتمادها في المؤتمر الوطني هو أكبر من حظوظها في المجلس الوطني.. وهذا نقاش آخر..
بنكيران اعتبر نفسه غير معني بهذه المادة ورفض أن يتدخل في نقاشها، وفضل أن يستمع لتدخلات الأعضاء وهم يعبرون بكل حرية…
بعد التصويت على رفض المادة 16، استقبل النتائج بسكينة وثبات، مع ابتسامة واثقة في تقدير يتجاوز تقديرات الأعضاء المصوتين، وهو تقدير العليم الحكيم المالك لعالم الغيب وحقائق المستقبل..
لم ينسحب بنكيران من الجلسة بعد التصويت، بل استكمل الحضور والتصويت على جميع الأوراق المعروضة على المجلس، في الوقت الذي فضل الكثيرون الانسحاب مباشرة بعد التصويت على المادة 16..
يمكن أن تختلف مع بنكيران، لكن لا تمتلك إلا أن تحترمه وتقدره، وتعترف بأن اسمه أصبح منحوتا إلى جانب الكبار الذين أثروا في الواقع السياسي المغربي المعاصر..

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مواقف الكبار في سجل التاريخ مواقف الكبار في سجل التاريخ



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 03:25 2016 الإثنين ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف علاج جديد من القنب لعلاج الصرع

GMT 01:34 2016 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

8 طرق طبيعية للحصول على شعر ناعم خلال اسبوع

GMT 05:55 2015 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هيئة سباق الخيل البريطاني تحقق طفرة في برامج المنافسات

GMT 13:53 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

يوفنتوس يستعيد ديبالا قبل مواجهة برشلونة

GMT 14:25 2017 الأربعاء ,07 حزيران / يونيو

أفكار متعددة لاختيار كراسي غرفة النوم موضة 2017

GMT 06:27 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل صحافية وعمّها بالرصاص في ولاية "أوهايو" الأميركية

GMT 02:42 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طبيب يُصوّر لحظة إزالة قُرادة حية من أُذن مريض

GMT 23:30 2018 الثلاثاء ,18 أيلول / سبتمبر

مايكروسوفت تدعو المستخدمين لتجربة متصفح "Edge"

GMT 16:21 2018 الأحد ,09 أيلول / سبتمبر

فضيحة تدفع جامعة فاس إلى حذف اختبارات شفوية

GMT 13:25 2018 الثلاثاء ,29 أيار / مايو

تركي آل الشيخ يعلن خبرًا صادمًا بشأن محمد صلاح

GMT 06:13 2018 السبت ,03 شباط / فبراير

المواصفات الواجب معرفتها قبل سيارة مستعملة

GMT 15:30 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

ميامي هيت ينتصر على تورونتو رابتورز في دوري السلة الأميركي
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca