ما وراء احتجاج “الطنطنة”..

الدار البيضاء اليوم  -

ما وراء احتجاج “الطنطنة”

بقلم - عبد العالي حامي الدين

الذين أعطوا تعليماتهم لقمع الاحتجاجات السلمية بمدينة الحسيمة يوم عيد الفطر لم يفهموا بعد نفسية الحراك، ولم يستوعبوا بعد الأسباب العميقة لاحتجاجات الريف، والتي تتجاوز تعثر مشاريع “المنارة المتوسط”..

الذين أعطوا تعليماتهم بالضرب في الأماكن الحساسة وسحل المتظاهرين من الشباب والنساء والشيوخ، يساهمون في تعقيد أزمة الريف ويحاولون خلط الأوراق لتجنب الجواب الحقيقي عن الأسئلة التي يطرحها حراك الريف..

إنها صرخة من أجل العدالة الاجتماعية والمجالية، ومن أجل الكرامة أولا وأخيرا.. تعود جذورها إلى ذاكرة تاريخية مجروحة منذ سنة 1958، وتنتهي بإحباط واضح من جدية المسار الديمقراطي بعد الانحراف البين على نتائج 7 أكتوبر، مرورا بمحدودية جهود المصالحة التي قامت بها الدولة في بداية الألفية، وعطفا على الظروف المحلية التي جرت فيها انتخابات 2015 و2016 بإقليم الحسيمة، والتي أفرزت مؤسسات هشة عاجزة عن القيام بمهام الوساطة السياسية، دون أن ننسى التأخر في الكشف عن نتائج التحقيق في الظروف التي أحاطت بالوفاة الدراماتيكية لمحسن فكري رحمه الله..

المهم، أن العالم يشهد على سلمية الاحتجاج في الريف الذي نجح في كسب التعاطف من طرف حاضنة شعبية واسعة لا تخطئها عين المراقب الموضوعي، وأفشل جميع المحاولات لإلصاق صفة العنف بالمحتجين..

العالم يشهد اليوم أن بطش المقاربة الأمنية التي ترفض الاعتراف بحق التظاهر السلمي، لم تزد المحتجين إلا إصرارا على رفع صوت الاحتجاج والمطالبة بتحقيق المطالب الاجتماعية والاقتصادية وإطلاق معتقلي الحراك ولو بـ”الطنطنة” الليلية.. لماذا لم تفهم الجهات التي تدبر أزمة الريف ما وراء احتجاجات “الطنطنة”؟

لقد دخلت “الطنطنة” إلى القاموس التداولي للفعل الاحتجاجي الذي يواصله سكان مدينة الحسيمة والمناطق المجاورة، وسجلت الليالي الأخيرة من شهر رمضان إبداع سكان الحسيمة بشكل جماعي لهذا السلوك الاحتجاجي الذي يستحق التأمل من زوايا متعددة: ماذا تعني “الطنطنة” في عمقها؟ وما هي دلالاتها ورمزيتها السياسية والأخلاقية؟ وما هي رسائلها العميقة التي ينبغي قراءتها من طرف الجميع؟ ولماذا لا ينبغي القفز على هذا السلوك الاحتجاجي دون التقاط التحولات العميقة التي يعرفها المجتمع المغربي، والتي تفرض على من يهمه الأمر الاقتناع بمحدودية وهم الضبط السياسي لدينامية المجتمعات المتطلعة لقيم الحرية والكرامة والديمقراطية الحقيقية، عن طريق أدوات العنف المشروع وغير المشروع؟

“الطنطنة” هي استخدام الأدوات المنزلية من أجل إسماع الصوت ليلا بعد حملات القمع والاعتقال التي تستهدف التظاهر السلمي نهارا، وهي تجسيد لتفوق أخلاقي واضح على لغة القمع والاعتقالات..
“الطنطنة” هي تعبير حضاري عن سلمية الاحتجاج ورفض صارخ لمحاولة إلصاق تهمة العنف بحراك الريف الحضاري، هي إشهاد العالم على سلمية الاحتجاج وعلى عدالة المطالب المرفوعة.

“الطنطنة” هي “فرار” وإصرار وتضامن: فرار من بطش المقاربة الأمنية التي ترفض الاعتراف بحق التظاهر السلمي، وإصرار على رفع صوت الاحتجاج والمطالبة بتحقيق المطالب الاجتماعية والاقتصادية، وتضامن مع المعتقلين من رموز الحراك ونشطائه الميدانيين، ومطالبة بإطلاق سراحهم وإسقاط التهم عنهم..
“الطنطنة” هي تعبير عن فشل سياسة الإخضاع عن طريق المقاربة الأمنية واستخدام فائض القوة لتركيع الأصوات المطالبة بالحرية والكرامة..
متى يستيقظ صوت العقل والحكمة لينبه السلطة العميقة بأن مطالب الشعوب لا تقمع بالقهر والتركيع، وأن الحوار هو أنجع وأزكى سبيلا..

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما وراء احتجاج “الطنطنة” ما وراء احتجاج “الطنطنة”



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 10:09 2018 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

ضعيف يكشف عن لائحة مجلس المكناسي لكرة السلة

GMT 17:28 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ساحرة من التنانير الكلوش لمظهر أنثوي مثير

GMT 14:39 2017 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يقترض من البنك الدولي 200 مليون دولار أميركي

GMT 04:12 2017 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

ديانا كرازون تظهر بإطلالة مبهرة في حفلة خاصة في قطر

GMT 00:44 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

فريق الأهلي يُحقق فوزًا رائعًا على نظيره الأوليمبي

GMT 12:57 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

"الاستهتار" يدفع حكم لقاء سبورتنغ والطيران لإلغاء المباراة

GMT 06:13 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل "بالمختار" من إدارة المرصد المغربي للتنمية البشرية

GMT 19:27 2016 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

الدرهم المغربي ينخفض أمام الدولار الأميركي بنحو 0.0001

GMT 19:16 2016 الجمعة ,15 إبريل / نيسان

ما مدى دقة اختبار الحمل المنزلي؟
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca