محاولة لتقييم المنجز الديمقراطي‎

الدار البيضاء اليوم  -

محاولة لتقييم المنجز الديمقراطي‎

بقلم - عبد العالي حامي الدين

لقد كانت هناك مناسبات متعددة توقفنا معها على دور الخصوصيات الثقافية والسياسية في تبيئة رياح الربيع العربي وتليينها مع المعطيات المحلية، ولاشك بأن المغرب بما يتوفر عليه من رصيد تراكمي في مجال التعددية السياسية والاعتراف التدريجي بالحقوق الأساسية والاعتراف الدستوري بالحريات والإجراء المنتظم للعمليات الانتخابية، والتفاعل الاستباقي للمؤسسة الملكية مع مطالب الشارع، كل ذلك جعله يتفاعل بطريقة مختلفة مع دينامية الربيع الديمقراطي.
لكن القاسم المشترك بين جميع التجارب، هو خوضها في الإشكالية الدستورية وانكبابها على إعادة النظر في الهندسات الدستورية الموجودة، في محاولة لإعادة
توزيع السلطة وفق منطق جديد يحاول أن يتمثل المعايير النموذجية للدساتير الديمقراطية.
وأعتقد أن أزيد من ست سنوات ونصف من التطبيق الفعلي لهذه الدساتير كافية إلى حد معين، من إجراء تقييمات أولية للممارسة الدستورية ولأدوار الفاعلين على ضوء المقتضيات الدستورية الجديدة، وطرح التساؤلات المنهجية للإجابة عن فرضية التعثر الملاحظ في مسار التحول الديمقراطي في المنطقة.
الدافع المنهجي لطرح هذا السؤال هو قراءة الأسباب الممكنة لبحث الحالة الراهنة، مع التذكير بأن الباحثين في علم الانتقال الديمقراطي لم يقوموا بإنجاز نظريات قبلية سابقة عن الممارسة، بقدر ما أعادوا تركيب العناصر التي كانت وراء نجاح مجموعة من التجارب، فهي محاولات لترصيد وتقعيد التجارب الناجحة وليست تنظيرات قابلة للاستنساخ بطريقة ميكانيكية.
ولذلك، فإن التمرين المقترح هو في بحث أسباب التعثر والإخفاق، مادمنا نسلم جميعا بتعثر المسار الديمقراطي في التجارب التي نبحثها اليوم.
هل كنّا بصدد انتقال دستوري؟ لكن ماذا نقصد بالانتقال الدستوري من الناحية المفاهيمية؟
إحدى ورقات العمل، الصادرة عن المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، قدمت نظرة عامة للعوامل التي تشكل عمليات الانتقال الدستوري ونتائجها، وقد حصرت مفهوم الانتقال الدستوري على البلدان التي تكون فيها الانقسامات بارزة ومهمة جداً من الناحية السياسية.
بمعنى نتحدث عن الانتقال الدستوري عندما نكون بصدد نقاش حقيقي حول إشكالية السلطة وكيفية توزيعها، في إطار هندسة دستورية جديدة وتشكل العمليات السياسية جوهر العملية الدستورية وتتشكل على أساسها، وهو ما يؤثر بدوره في اختيار التصميم الدستوري. وهكذا، فإن العوامل التي تصوغ عملية الانتقال الدستوري في بلد ما على درجة كبيرة من الاعتماد المتبادل للوحدات المكونة على بعضها البعض.
أعتقد بأن نقاشا من هذا النوع جرى تطبيقه في الحالة التونسية رغم ما رافقه من تعقيدات سياسية واجتماعية وإكراهات داخلية وخارجية، لكن بالنسبة إلى الحالة المغربية، فإن النقاش حول إعادة توزيع السلطة لم يجر بطريقة واضحة، خصوصا وأن مسطرة وضع وتعديل الدستور بالمغرب لم تتجاوز سقف الطرق التقليدية، ولم ترق إلى الصيغ التي جرى اعتمادها في تجارب الانتقال المعروفة.
إذن، من الصعب الحديث عن انتقال دستوري حقيقي في المغرب، بالنظر إلى تأثير مسطرة مراجعة الدستور على الهندسة الدستورية، وعلى إعادة توزيع السلطة داخله.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محاولة لتقييم المنجز الديمقراطي‎ محاولة لتقييم المنجز الديمقراطي‎



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 15:00 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

نقاش على "فيسبوك" ينتهي بجريمة قتل في أيت ملول

GMT 11:49 2016 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

هنا شيحة باطلالة مثيرة على "انستغرام"

GMT 08:20 2016 الإثنين ,07 آذار/ مارس

مقتل شخص في حادث سير مروع في القنيطرة

GMT 14:52 2016 الثلاثاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

معطيات "صادمة" عن أوضاع أطفال مغاربة مشرّدين في شوارع مليلية

GMT 02:31 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

عبد المجيد الرافعي يعتبر ذاكرة مدينة طرابلس
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca