دومة الجندل والتجارة في العالم القديم

الدار البيضاء اليوم  -

دومة الجندل والتجارة في العالم القديم

زاهي حواس
بقلم - زاهي حواس

لا يزال حديثنا متواصلاً عن موقع دومة الجندل الأثري، ومن خلال المعلومات المتوفرة حالياً لدى علماء الآثار والمؤرخين نستطيع القول بشيء من التأكيد إن دومة الجندل استفادت من خلال موقعها الجغرافي الذي جعلها محطة مهمة على طول طرق القوافل التجارية القديمة. تقع دومة الجندل في الشمال الشرقي للمملكة العربية السعودية عند منطقة الحوف، ومن خلالها كانت تعبر القوافل القادمة من جنوب الجزيرة العربية والمتجهة شمالاً إلى بلاد الهلال الخصيب في سوريا وبلاد النهرين أو العراق القديم. وكانت أهم البضائع التي تأتي من الجنوب إلى الشمال تشمل البخور والعطور والمر وجلود الحيوانات والأعشاب الطبية، إضافة إلى أنواع مختلفة من الأحجار النصف كريمة والتي كانت تستخدم في صناعة الحلي.

وتذكر المصادر القليلة التي تتحدث عن طرق التجارة في الشرق الأدنى القديم أهمية «آدوماتو»، وهو الاسم القديم لدومة الجندل، في نقل التجارة من الممالك القديمة مثل مملكة الأنباط ومملكة سبأ إلى المناطق الحضارية الشمالية. بل إن جزءاً من التجارة المتجهة إلى الشمال كان يتجه غرباً إلى فلسطين ليعبر من خلالها إلى مصر.
وإلى جانب طرق القوافل القادمة من الجنوب والمتجهة إلى الشمال كانت أيضاً دومة الجندل محطة مهمة على طريق القوافل القادمة من الشرق إلى الغرب، وتحديداً من الهند إلى الجزيرة العربية ومنها إلى سوريا والعراق. وقد ظلت دومة الجندل تجني ثمار كونها شريكاً في حركة التجارة القديمة حتى العصر الروماني، ويشهد على ذلك النشاط العمراني الضخم في ذلك الوقت، والذي شهدته دومة الجندل، والتي كان بها سوقاً موسمية للتجارة في بضائع ومنتجات مختلف المناطق الحضارية التي كانت تأتي إليها من الجنوب ومن الشرق. وذلك رغم اكتشاف الطريق البحري عبر البحر الأحمر بعد أن تمت معرفة اتجاهات الرياح الموسمية وتحديد دقيق للمواقيت المناسبة للإبحار شمالاً وجنوباً، الأمر الذي أثر بشكل كبير على تجارة القوافل البرية، وبالتالي أدى إلى تغيرات جذرية في كثير من المدن التي ازدهرت فقط كونها تقع كمحطة على طريق القوافل البرية.
وخلال العصر الإسلامي المبكر تأثرت وبشكل كبير دومة الجندل بتغير طريق القوافل، والذي أصبح يتبع مسار قوافل الحج، وبالتالي أصبحت كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة أهم مركزين على هذا الطريق إلى دمشق وبغداد عبر درب زبيدة (طريق الحج العراقي) وطريق الحج الشامي. وكان هذا الانكماش التجاري واضحاً من خلال انكماش الامتداد العمراني والنشاط الحضري في دومة الجندل خلال القرون الهجرية الأولى. ورغم ذلك فلا يوجد دليل على انقطاع النشاط البشري بالمنطقة خلال ذلك العصر، بمعنى آخر لا يوجد دليل على وجود هجرات كبيرة من المكان بسبب الحالة الاقتصادية الجديدة. وقد عادت أهمية دومة الجندل خلال منتصف القرن العشرين.
وهناك الكثير من المعلومات المتعلقة بتاريخ دومة الجندل، سواء ما اكتشف منها أو في الطريق للاكتشاف من خلال نتائج الأبحاث والدراسات المكثفة، التي تجرى على الموقع تحت إشراف هيئة التراث بالمملكة العربية السعودية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دومة الجندل والتجارة في العالم القديم دومة الجندل والتجارة في العالم القديم



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 15:10 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

رئيس الرجاء يحاول اقتناص لاعبين أحرار بدون تعاقد

GMT 05:33 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن موقع هبوط يوليوس قيصر لغزو بريطانيا

GMT 09:33 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

عهد التميمي

GMT 10:19 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الروسي يعلن وصول أول كتيبة من سورية إلى موسكو

GMT 11:50 2016 الثلاثاء ,20 أيلول / سبتمبر

مقتل 4 من عناصر "بي كا كا" في قصف تركي شمالي العراق

GMT 06:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

8 معلومات مهمة عن "جسر العمالقة" تزيد الفضول لزيارته

GMT 17:21 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب الأرجنتين يعلن عن تشكيلته لمواجهة البرازيل

GMT 00:21 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

صحيفة بريطانية تكشف أفضل 10 فنادق في مدينة روما

GMT 22:46 2017 الخميس ,28 أيلول / سبتمبر

حسن الفد يعيد شخصية كبور من خلال عرضه " سكيتش"

GMT 16:29 2017 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

2016 عام حافل بالأنشطة والعروض في الدار العراقية للأزياء

GMT 04:38 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مرضٌ خطير يصيب الأبقار ويعزل عشرات القرى في سطات

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,11 آذار/ مارس

وفاة الممثل المسرحي المغربي إدريس الفيلالي

GMT 00:11 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تحف فنية من الزخارف الإسلامية على ورق الموز في الأردن
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca