نقش أبرهة!

الدار البيضاء اليوم  -

نقش أبرهة

زاهي حواس
بقلم : زاهي حواس

في عام 2014 كشف فريق أثري سعودي فرنسي مشترك عن رسم صخري لمجموعة من الفيلة وذلك في منطقة نجران التي تعد بمثابة متحف مفتوح للنقوش الصخرية بالمملكة العربية السعودية. جاء هذا الكشف ضمن مجموعة ضخمة من النقوش والرسوم الصخرية التي تم توثيقها بمعرفة الفريق العلمي المشار إليه الذي تمكن من الكشف عن عدد كبير من الكتابات العربية المبكرة بالخط المسند وأخرى تؤرخ بعام 470، ولكن ما يهمنا هنا هو تلك الرسومات الصخرية التي تمثل الفيلة والتي لن نتعجل بربطها الآن بعنوان المقال الذي يشير إلى أبرهة؛ تلك الشخصية التاريخية التي ارتبطت بواحدة من القصص القرآني، والتي تحكي قصة مجيء أبرهة بجيش يضم الفيلة لهدم الكعبة المشرفة قبيل مولد نبي الهدى صلى الله عليه وسلم. ولكن وبمجرد الكشف عن الرسومات الصخرية للفيلة كان لا بد من تقديم تفسير منطقي لوجودها في تلك المنطقة، الأمر الذي يمكن تفسيره بأكثر من سبب ليس من بينها أن الجزيرة العربية كانت في يوم من الأيام موطناً للفيلة في العصور القديمة. كما أن الكشف عن عظم فيل الماموث المنقرض في موقع تل الغضاة على بعد 130 كلم شمال شرقي محافظة تيماء الذي حققه الفريق العلمي لمشروع «الجزيرة الخضراء» والذي كتبنا عنه في هذا المكان من قبل، لا يمكن ربطه برسومات الفيلة في نجران لعدم وجود علاقة بين كلا الحيوانين المختلفين سواء في النوع أو في العصر والحقبة الزمنية لكل منهما.
بقي أن يقول البعض إن رسومات الفيلة جاءت نتيجة تأثر الفنان المحلي بأشكال وأحجام الفيلة العملاقة التي كان يراها في ترحاله إلى أماكن وجودها سواء في الحبشة أو الهند مثلاً وإن كانت الأخيرة مستبعدة لبعد المسافة. أو أن الفيلة بالفعل كانت تمر أحياناً بشبه الجزيرة العربية ضمن قوافل التجارة إما كسلعة تجارية أو كناقل للسلع التجارية، والأخيرة مستبعدة كذلك لأنه وعلى عكس الجمال فإن نقل الفيلة يحتاج إلى ترتيبات وتجهيزات ضخمة ربما تفوق التجهيزات التي تحتاجها القافلة مجتمعة!
نأتي بعد ذلك إلى عنوان المقال، وهو نقش أبرهة الذي لا يعرف الكثيرون عنه للأسف، رغم أن اكتشافه تم في المنطقة نفسها التي تم الكشف فيها عن رسومات الفيلة في موقع حمى الأثري بمنطقة نجران وعلى مسافة لا تبعد كثيراً عن رسم الفيلة بل وبواسطة الفريق العلمي السعودي الفرنسي المشترك نفسه. والنقش تمت كتابته بالخط المسند الجنوبي وبه ذكر أبرهة الحبشي بكل وضوح حيث يقرأ النقش «أبرهة ظبيمان - زبيمان الملك». ومن المعروف أن ظبيمان أو زبيمان هي الاسم الثاني لأبرهة الذي تردد ذكره في النقوش، وهو شعار سياسي، ولأول مرة يرد فيها ذكر لأبرهة ملك حمير في موقع حما. وعلى ذلك، فهناك أكثر من دليل يمكن من خلاله ربط كل من النص المسند والرسم الصخري للفيلة ليكون ذلك بالفعل دليلاً أثرياً على مرور أبرهة في المنطقة وربما أيضاً علاقته بحادثة أصحاب الفيل المذكورة في القرآن الكريم.
إن نقشاً بسيطاً ربما يكون المفتاح لحدث تاريخي كامل، بل إن مجرد اسم منقوش على واجهة الصخر سواء كان لشخص أو مدينة أو قرية أو حتى قبيلة ربما يكون المفتاح لحل معضلة تاريخية حيرت العلماء. ومن هذا المنطلق دائماً ما نعلم أبناءنا من طلبة الآثار بالاهتمام بكل التفاصيل الصغيرة بالموقع وتحليلها أثناء وبعد انتهاء أعمال الكشف بالكامل، فالقصص دائماً ما تكمن في التفاصيل الصغيرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نقش أبرهة نقش أبرهة



GMT 20:42 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

شاعر الأندلس لم يكن حزيناً

GMT 20:40 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

كي لا تسقط جريمة المرفأ بالتحايل

GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 18:55 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 18:10 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 01:22 2017 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

عبد الرزاق خيري يناشد جمهور الجيش بالعودة إلى المدرجات

GMT 08:40 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشفي أفضل الأماكن لقضاء شهر عسل مميز في سويسرا

GMT 11:44 2015 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

إعصار ميلور يجبر الآلاف على إخلاء منازلهم في الفلبين

GMT 06:47 2017 الإثنين ,30 كانون الثاني / يناير

نجمات تركن حلم الأمومة من أجل عيون الفن والنجومية

GMT 11:59 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتعد عن النقاش والجدال لتخطي الأمور

GMT 08:13 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فريق أولمبيك خريبكة لكرة القدم يبحث عن مهاجمين

GMT 07:06 2018 الأربعاء ,08 آب / أغسطس

النصائح التي يجب اتباعها للعناية بالشعر

GMT 01:57 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الفنان أحمد حلاوة يتعاقد على المشاركة في مسلسل "آخرة صبري"

GMT 10:35 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أقوى فتاة في العالم تستطيع رفع أثقال تصل إلى 330 كجم

GMT 10:32 2015 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار سيتروين C4 في المغرب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca