ثورة يوليو.. الجانب الإيجابى

الدار البيضاء اليوم  -

ثورة يوليو الجانب الإيجابى

عماد الدين حسين
بقلم : عماد الدين حسين

هل ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ لاتزال مؤثرة أم انتهت للأبد، وهل هى جيدة أم سيئة، وهل ينبغى أن نتمسك بمبادئها أم ننساها تماما إذا أردنا التقدم والنظر للأمام؟

هذه الأسئلة بصياغات مختلفة نقرَؤها فى كل ذكرى للثورة، وهى أسئلة تلقيتها من زملاء ومن وسائل إعلام متعددة خلال الأيام الماضية، ونحن نحتفل بالعيد السبعين لهذه الثورة.
رأيى المتواضع أن مثل هذه الأسئلة المتعلقة بالقضايا الكبرى ينبغى التعامل معها بحذر وبهدوء وبصورة موضوعية قدر الإمكان وليس على طريقة أبيض وأسود.
فيما يتعلق بأهمية الثورة فتلك حقيقة مؤكدة والدليل أننا لانزال نحتفل بها، ولاتزال هى العيد الوطنى لمصر.
من الطبيعى أن يكون موقف كل شخص من قضية كبرى مثل ثورة يوليو يتحدد إما على أساس الوعى، وإما على أساس المصلحة الشخصية أو الطبقية إضافة لعوامل أخرى مختلفة.
والمواطن العادى يجيب عن هذا السؤال بسؤال آخر وهو: «هل هذه الثورة أو تلك أفادتنى وأفادت أسرتى وأهلى أم لا؟». العامل الثانى هو الوعى، بمعنى أن هناك قلة من الناس قد تتضرر مصالحها من قيام إحدى الثورات، لكنه يؤيدها لأن وعيه أكثر نضجا وتقدما، كما فعل مثلا أحد نبيل الهلالى ابن الباشوات وابن آخر رئيس للوزراء قبل ثورة يوليو، حينما أيد الثورة رغم أنها أضرت بأسرته وعائلته.
تقديرى أن ثورة يوليو كانت مهمة وحتمية وضرورية بسبب الأوضاع التى سبقتها.
كان هناك احتلال إنجليزى من سنة ١٨٨٢، يرفض الجلاء ويماطل بكل الطرق ويعين الحكومات ويقيلها، ويعادى الأحزاب الوطنية مثل الوفد، ويجبر الملك على إقالة وزارة وتعيين أخرى، كما فعل مع حكومة النحاس عام ١٩٤٢.
ومع وجود الاحتلال الأجنبى لا يصح لعاقل أن يتحدث بجدية عن حياة سياسية سليمة.
كانت هناك حياة سياسية شكلية إلى حد كبير، والدليل أن البرلمان تم حله أكثر من مرة، ودستور 23 تم إطاحته، وحزب الشعب «الوفد» لم يمكث فى السلطة إلا سبع سنوات من ١٩٢٣ ــ ١٩٥٢، فى حين أن حكومات الأقلية هى التى حكمت معظم الوقت والصحافة خلافا لما يشاع كانت تحت الرقابة طوال الوقت سواء من القصر أو السفارة البريطانية، ومن لا يصدق عليه أن يقرأ الكتاب المهم للزميل محمد توفيق بعنوان «الملك والكتابة» وسوف يكتشف الحقيقة.
كانت هناك ليبرالية شكلية، لكنها تظل مقيدة مادام هناك احتلال وسقف يحدده هذا الاحتلال لا يمكن لأحد تجاوزه.
كثيرون يرددون أن الجنيه المصرى كان أقوى من الإسترلينى، لكنهم لا يكملون الجملة المفيدة، وهى أن ذلك لم ينعكس إيجابا على عموم الشعب، وكنا نعيش حرفيا فى مجتمع النصف أو الواحد فى المائة الذى يملك أكثر من ٩٠٪ من الثروة، مقابل أكثر من 99٪ لا يملكون إلا الفتات.
لم يكن هناك تعليم أو علاج بالمجان إلا ما ندر.
نعم كانت هناك حياة سياسية جيدة وحريات صحافة نسبية، لكنها لم تنعكس على حياة المجتمع، ولم تتمكن هذه الطبقة السياسية من إخراج المحتل أو تحقيق العدالة الاجتماعية.
الثورة ورغم أن أصحابها لم يقولوا عنها إنها ثورة فى البداية، وظلت توصف بأنها انقلاب أو حركة مباركة لكن وبعد ٤٥ يوما من قيامها تم إصدار أول قانون للإصلاح الزراعى، وتوزيع معظم أراضى الإقطاعيين على الفلاحين المعدمين فى ٩ سبتمبر ١٩٥٢، والتقديرات أن هذا القرار والقرارات اللاحقة له، هى التى حولتها من حركة إلى ثورة.
وبالمناسبة كلمة ثورة ليست جيدة أو سيئة، فهى مصطلح يشير إلى إحداث تغييرات جوهرية وفى مجتمع ما، سواء للأحسن أو للأسوأ.
وبسبب القرارات الاجتماعية والاقتصادية وتأميم قناة السويس وبناء السد العالى والمصانع والمشروعات الكبرى أيدها غالبية المصريين.
وبالتالى غيرت هذه الثورة من وجه الحياة فى مصر إلى حد كبير.. لكن هل معنى كلامى السابق أن هذه الثورة كانت مثالية؟!
الإجابة هى لا قطعا، فهى ارتكبت أخطاء قاتلة وكارثية، لا نزال ندفع ثمنها حتى اليوم خصوصا هزيمة ٥ يونية ١٩٦٧، وغياب الحريات الحقيقية، وهذا أمر يستحق نقاشا لاحقا حتى تكون الصورة واضحة ويستطيع وقتها أى شاب صغير أن يكون صورة موضوعية عن هذه الثورة التى تحتفل الآن بعيدها السبعين. والأهم من الجدل حول: هل ثورة يوليو جيدة أم سيئة، أن نتعلم مغادرة الماضى والنظر للمستقبل والاندماج فى العصر الحديث بكل علومه وأفكاره ومواجهة كل صعوباته وتحدياته، وهو موضوع يستحق النقاش أيضا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثورة يوليو الجانب الإيجابى ثورة يوليو الجانب الإيجابى



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 15:10 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

رئيس الرجاء يحاول اقتناص لاعبين أحرار بدون تعاقد

GMT 05:33 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن موقع هبوط يوليوس قيصر لغزو بريطانيا

GMT 09:33 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

عهد التميمي

GMT 10:19 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الروسي يعلن وصول أول كتيبة من سورية إلى موسكو

GMT 11:50 2016 الثلاثاء ,20 أيلول / سبتمبر

مقتل 4 من عناصر "بي كا كا" في قصف تركي شمالي العراق

GMT 06:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

8 معلومات مهمة عن "جسر العمالقة" تزيد الفضول لزيارته

GMT 17:21 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب الأرجنتين يعلن عن تشكيلته لمواجهة البرازيل

GMT 00:21 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

صحيفة بريطانية تكشف أفضل 10 فنادق في مدينة روما

GMT 22:46 2017 الخميس ,28 أيلول / سبتمبر

حسن الفد يعيد شخصية كبور من خلال عرضه " سكيتش"

GMT 16:29 2017 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

2016 عام حافل بالأنشطة والعروض في الدار العراقية للأزياء

GMT 04:38 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مرضٌ خطير يصيب الأبقار ويعزل عشرات القرى في سطات

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,11 آذار/ مارس

وفاة الممثل المسرحي المغربي إدريس الفيلالي

GMT 00:11 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تحف فنية من الزخارف الإسلامية على ورق الموز في الأردن

GMT 23:14 2016 الإثنين ,25 إبريل / نيسان

ماهي فوائد نبتة الخزامى ( اللافندر )؟

GMT 00:00 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

Velvet Orchid Lumière Tom Ford عطر المرأة الرومانسية

GMT 20:32 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

حيوانات الرنة مهددة بالانقراض بسبب تغير المناخ
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca