بوتين هو من أحضر بايدن للمنطقة!

الدار البيضاء اليوم  -

بوتين هو من أحضر بايدن للمنطقة

عماد الدين حسين
بقلم : عماد الدين حسين

هل كان الرئيس الأمريكى جو بايدن سيزور المنطقة العربية لو لم يغزُ الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أوكرانيا فى ٢٤ فبراير الماضى؟!

ظنى أنه لولا قرار الغزو، ما جاء بايدن إلى المنطقة من الأساس. ربما كان سيزور إسرائيل بحكم العلاقات العضوية بين البلدين، لكن بنسبة مليون فى المائة، ما كان سيزور الخليج، خصوصا السعودية. هو التقى بعد توليه منصبه بمن كان يريد أن يلتقى بهم من زعماء المنطقة مثل عاهل الأردن الملك عبدالله الثانى، ورئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى، وأمير قطر تميم بن حمد.
لكن ما هى علاقة بوتين بالأمر وبالزيارة؟!
قبل أن يغزو بوتين أوكرانيا كان متوسط سعر برميل النفط القياسى من خام برنت العالمى يتراوح بين ٧٥ ــ ٨٥ دولارا، وبعد الغزو قفز السعر ليصل إلى ١٣٩ دولارا ذات يوم، وظل متوسط سعره نحو ١١٥ دولارا أى قفز أكثر من ٣٠ دولارا لكل برميل. كما قفزت أسعار الغاز وبقية أنواع الوقود بنسب قياسية خصوصا الدول الأوروبية، التى تعتمد على الغاز والنفط الروسى.
هذه القفزة ضغطت على كل الدول المستوردة والمستهلكة للنفط والغاز سواء فى أوروبا أو العالم، ومن هنا بدأت تشعر بالخطر من استمرار هذه الأسعار المرتفعة خصوصا الولايات المتحدة التى قفز فيها سعر جالون البنزين لما فوق الدولارات الخمسة للمرة الأولى.
بايدن ــ وكما قلت من قبل فى هذا المكان وقال كثيرون غيرى ــ يخشى من أن استمرار أسعار النفط المرتفعة قد يجعل الناخبين الأمريكيين يصوتون ضد الحزب الديمقراطى فى انتخابات التجديد النصفى.
إذن استمرار الغزو يجعل أسعار النفط تظل مرتفعة وبالتالى فإن أحد مفاتيح حل هذه المشكلة موجود فى منطقة الخليج، وبالخصوص فى السعودية التى تنتج ١٠٫٥ مليون برميل من النفط يوميا فى صدارة الإنتاج العالمى.
وإحدى النتائج الأساسية لزيارة بايدن هى قرار السعودية بزيادة إنتاجها النفطى بنحو ٦٠٠ ألف برميل يوميا سوف ترتفع بنحو ١٫٥ مليون يوميا بعد التشاور مع أوبك وأوبك بلس، وهو الأمر الذى تراهن واشنطن على أن تظهر آثاره فى الأسواق العالمية خلال أسابيع قليلة.
بوتين أيضا استثمر كثيرا فى المنطقة العربية فى السنوات الماضية، واستغل بالأساس الأحاديث الأمريكية المتكررة عن نية الخروج من هذه المنطقة الملغومة بالمشكلات، والتوجه إلى جنوب شرق آسيا للتفرغ لمواجهة ومحاصرة الصين، وهى المعركة التى تعتبرها واشنطن جوهرية وأساسية فى المرحلة المقبلة.
إدارة أوباما وكل من جاء بعدها تعاملت بإهمال مع المنطقة واعتبارها فقدت قيمتها الاستراتيجية خصوصا فى الفترات التى هبطت فيها أسعار النفط ذات يوم إلى أقل من ٢٠ دولارا للبرميل، وترافق ذلك وقتها مع الاكتشافات الكبرى فى النفط الصخرى الأمريكى.
جاء بوتين للمنطقة وصار صاحب الكلمة العليا فى سوريا ولاعبا مهما فى ليبيا، بل صارت علاقته مع العديد من دول الخليج مهمة جدا وعلاقته مع مصر استراتيجية وكذلك مع الجزائر وقبل ذلك وبعده مع ايران.
وحينما دخل بوتين أوكرانيا اكتشفت واشنطن أن بعض أقرب حلفائها لم يصوتوا لإدانة الغزو بل رفضت كل من السعودية والإمارات قطع علاقاتها التجارية مع روسيا، أو زيادة ضخ النفط فى الأسواق العالمية. واكتشفت واشنطن أيضا أن العلاقات التجارية بين السعودية والصين أكبر كثيرا من العلاقات السعودية الأمريكية.
وهكذا وفى البحث عن الاصطفاف الدولى اكتشفت واشنطن أن العديد مما كانت تعتقد أنها أوراق فى جيبها ليست موجودة، أو تآكلت بفعل الزمن.
والمفاجآت الأساسية أن قرار بوتين بغزو أوكرانيا استفادت منه كل الدول المنتجة للبترول والغاز خصوصا فى الخليج، وهكذا اكتشفت هذه الدول ومن بينها السعودية والامارات أن لديها أوراقا مهمة فى علاقتها مع بايدن الذى لم يكن يبادلها الكثير من الود اعتقادا أنهم ساندوا دونالد ترامب طوال الوقت.
بوتين أحضر بايدن للمنطقة، والسؤال هل استعاد بايدن أوراقه المفقودة أو المتآكلة، وإذا كان قد فعل فبأى ثمن؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بوتين هو من أحضر بايدن للمنطقة بوتين هو من أحضر بايدن للمنطقة



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 20:17 2017 السبت ,25 شباط / فبراير

"اللف والدوران"

GMT 00:03 2018 الإثنين ,19 شباط / فبراير

أفضل الأماكن في ماليزيا لقضاء شهر عسل لا يُنسى

GMT 13:18 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

أفكار مبتكرة لإدخال اللون الأصفر على مطبخك

GMT 14:18 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

ّأسامة فاضل يؤكد أن "صباح الخير" فيلم لكل أفراد الأسرة

GMT 16:38 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

انجراف التربة يؤدي إلى قطع الطريق بين شفشاون والحسيمة

GMT 04:31 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

سقوط طفلة في بالوعة مفتوحة في بني بوعياش

GMT 03:33 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

توقعات الفلكي الأردني عبود قردحجي للأبراج لعام 2018 بالتفصيل

GMT 04:19 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يعلنون عن أدلة تُظهر استقرار سفينة نوح على جبل أرارات

GMT 06:51 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

ميشيل ويليامز تلفت الأنظار إلى إطلالاتها الساحرة

GMT 03:11 2015 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

شابة أميركية تحقق حلمها وتمتهن التصور الفوتوغرافي الجوي

GMT 08:13 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

فوائد سمك السلمون المدخن

GMT 18:03 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

رومان رينز يعتبر عداوته لسينا أفضل ما حدث له

GMT 16:15 2016 الثلاثاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم في معراب تحضيرًا لمهرجانات الأرز صيف 2017

GMT 02:13 2017 الثلاثاء ,26 أيلول / سبتمبر

غطاء "أيفون 8" الزجاجي صعب الإصلاح حال تحطّمه

GMT 21:11 2016 الخميس ,28 تموز / يوليو

الإيرلندية جوانا ريني أفضل لاعبة كمال أجسام
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca