ما ينبغى أن يفعله السودان الآن

الدار البيضاء اليوم  -

ما ينبغى أن يفعله السودان الآن

عماد الدين حسين
بقلم : عماد الدين حسين

هل أدرك السودان الشقيق حقيقة النوايا الإثيوبية، لكن بعد فوات الأوان؟
وزير الرى السودانى ياسر عباس بعث بخطاب إلى وزيرة العلاقات الخارجية فى جنوب إفريقيا، حول المواقف الإثيوبية الجديدة بشأن مفاوضات سد النهضة قائلا إنها «تثير مخاوف جدية».
الوزير السودانى كان يعلق على خطاب تلقاه هو ونظيره المصرى د. محمد عبدالعاطى من نظيرهما الإثيوبى يقترح فيه أن يكون الاتفاق بين البلدان الثلاثة على الملء الأول فقط لسد النهضة، على أن يتم ربط اتفاق وتشغيل السد على المدى البعيد بالتوصل لمعاهدة شاملة بشأن مياه النيل الأزرق.
الوزير السودانى قال فى خطابه إن هذا الموقف الإثيوبى «يمثل تطورا كبيرا وتغييرا فى الموقف الإثيوبى يهدد استمرارية مسيرة المفاوضات التى يقودها الاتحاد الإفريقى، وأنه خروج على إعلان المبادئ الموقع بين البلدان الثلاثة فى مارس ٢٠١٥».
الخطاب السودانى يشدد على «جدية المخاطر التى يمثلها السد للسودان وشعبه، بما فى ذلك المخاطر البيئية والاجتماعية وعلى سلامة ٢٠ مليونا من السودانيين المقيمين على ضفاف النيل الأزرق، وكذلك على سلامة سد الروصيرص».

وجوهر الخطاب السودانى الأخير أنه يلوح باحتمال مقاطعة مفاوضات سد النهضة إذا استمر التعنت الإثيوبى. ؟؟؟هو ما حدث بالفعل فى عدم حضور الجلسة التى أعلنت عنها إثيوبيا أمس الإثنين.
قد يستعجب بعض القراء أننى حرصت على تخصيص كل المساحة السابقة لفقرات كاملة من خطاب وزير الرى السودانى، وتقديرى أنها اقتباسات مهمة.
كمصرى أشعر بغضب عارم، لأن الحكومات السودانية المتوالية منذ بدء إثيوبيا التفكير فى إنشاء سد النهضة عام ٢٠١١، لم تكن تصدق مصر فى كل ما كانت تقوله عن مخاطر وجودية بسبب سد النهضة، بل الأخطر أنها كانت فى مرات كثيرة تتبنى كامل الموقف الإثيوبى، بحيث إنها صارت شوكة فى ظهر المفاوض المصرى وأحيانا فى عينه.
طوال السنوات التسع الماضية، واجهت مصر إثيوبيا بكل الأخطار المتوقعة من السد، وتحدثت مع السودان مرارا وتكرارا عن سوء النية الإثيوبى، خصوصا أثناء الاتفاق على المكاتب الاستشارية، لكن الخرطوم للأسف الشديد كانت تلتمس الأعذار للحكومات الإثيوبية المتعاقبة، الأمر الذى حد كثيرا من قدرة المفاوض المصرى على المناورة.
الأخطر أن الخطاب السودانى الرسمى والى حد ما الشعبى طوال الفترة الماضية، كان يتحدث عن أن السد سوف يصب فى مصلحته، وسيحقق له العديد من الفوائد مثل منع الفيضانات والرى المنظم، والحصول على كهرباء رخيصة من إثيوبيا.
هذا الخطاب ترك المفاوض المصرى وحيدا، بل كان عليه ليس فقط مواجهة إثيوبيا بل فى لحظات أخرى مواجهة السوادن الشقيق.
وحينما جد الجد بدأ السودان يكتشف الحقائق العارية من دون تزويق.وقبل أيام قليلة انهار سد البوط ،حيث يعتقد ان إثيوبيا خدعت السودان، مثلما خدعت مصر ونفذت الملء الأول لسد النهضة بصورة أحادية ومن دون اتفاق. هى أغلقت بوابات سد النهضة من أجل الملء فكانت النتيجة انخفاض مناسيب النيل، وخروج العديد من محطات المياه السودانية عن الخدمة، وحينما فتحت البوابات من دون تنسيق أيضا، انهار سد البوط السودانى وتعرض أكثر من ٦٠٠ منزل سودانى للدمار الكامل بخلاف الخسائر المادية الأخرى فى الزراعات والمنشآت.
قولا واحدا، فإنه من دون مواقف السودان، ما تجرأت إثيوبيا على تحدى مصر بهذه الصورة السافرة. وللأسف فإن الموقف السودانى وفر لأديس أبابا غطاء سميكا للمناورة، وبناء السد، وتحويله لأمر واقع، إضافة بالطبع لعوامل أخرى.
الآن تكتشف الحكومة السودانية، ما كانت تحاول مصر إقناعها به منذ سنوات طويلة.
الكلمات السابقة ليست للشماتة أو المواقف ، فالرجاء الدعوة للحكومة السودانية ، الصور العارية بوضوح ، وأن تتسق مع شقيقتها مصر ، حتى يمكن تدارك الكارثة الكبرى الكبرى التي تريدها معظم حصصهما من المياه.
لو أن السودان في حالة ظهور الساطعة ، وفكر فى الأمور بعقلانية ،؟ وقتها يمكن ردع إثيوبيا بمليون طريقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما ينبغى أن يفعله السودان الآن ما ينبغى أن يفعله السودان الآن



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 17:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 06:25 2018 الأحد ,29 إبريل / نيسان

أفكار متنوعة وراقية لديكور حفلات الزفاف

GMT 03:33 2018 الثلاثاء ,27 آذار/ مارس

الهاتف Huawei Y7 2018 يظهر في صورة رسمية مسربة

GMT 13:31 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

حسام عاشور على بُعد 3 خطوات مِن الأكثر تتويجًا في العالم

GMT 05:33 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

التحقيق مع مدير بنك اختلس 600 مليون سنتيم في الجديدة

GMT 13:54 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

أبرو يحرز رقمًا قياسيًا في عدد الأندية التي لعب لها

GMT 02:55 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأصفر يعتبر لونًا مبهجًا يجلب السعادة إلى المنزل

GMT 15:09 2016 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

افتتاح مصنع جديد في طنجة لإنتاج الورق المقوى

GMT 23:44 2015 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنعاشور حارس "الوداد" مطلوب في سوشو واتحاد طنجة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca