نار إمبابة... ومطر المنطق!

الدار البيضاء اليوم  -

نار إمبابة ومطر المنطق

مشاري الذايدي
بقلم : مشاري الذايدي

التعليق الذي كتبه رجل الأعمال المصري الشهير، وأحد رموز المجتمع المصري القبطي (نجيب ساويرس) تعليقاً على مأساة حريق كنيسة أبو سيفين في حي إمبابة الشعبي بالقاهرة، مثير، لكنه ليس جديداً في مقاربة مثل هذه الحوادث.

باختصار، وقع حريق في كنيسة أبو سيفين أثناء تأدية الحاضرين شعائرهم الدينية، مما زاد من عدد الضحايا، قتلى وجرحى، خاصة أن المكان ليس فسيحاً.
مأساة محزنة بلا شك، سارعت الدولة المصرية على أعلى المستويات لمعالجة آثار الحادثة، كما أوضحت السلطات المعنية في بيان أولي أن الحريق نتج عن «ماس» كهربائي وليس بفعل فاعل، أقلّه حتى الآن.
نجيب ساويرس كتب، على «تويتر»، ونيران ودخان الكنيسة لم يهدأ بعد، قائلاً: «لم أرد أن أكتب تعزية قبل أن أعرف تفاصيل الحادث، لأننا في صعيد مصر لا نقبل العزاء قبل أن نعرف التفاصيل ونعرف الفاعل!».
كلام ربما يقبل بسبب مشاعر الغضب المسوّغة، لكنه، إن لم يكن السيد ساويرس يملك معلومات محددة، فلا يعبّر عن معطيات وأدلّة محدّدة. دوماً تعتبر المسألة القبطية في مصر مسألة حسّاسة وأحد الفوالق في الجيولوجيا الاجتماعية السياسية بمصر القابلة للاهتزاز أو التي يراد لها الاهتزاز.
أطراف خارجية كثيرة حاولت توظيف هذا الملف لإحداث ارتباكات داخلية مصرية، ولكن ظل التفاهم المجتمعي المصري والرعاية السياسية الكبرى الضمانة لعدم تمكين الراغبين في توظيف هذه الورقة، رغم أن الصورة لم تكن وردية على الدوام، مثلما هو الحال مع الأوراق الأخرى بعيداً عن الورقة الطائفية (التضخم، البطالة، حوادث القطارات والعبارات... إلخ)، لكن العبرة بالحاصل النهائي في خاتمة الحساب.
ولن نعود كثيراً للوراء، لكن نتذكر في هذا الصدد بعهد السادات مثلاً، حوادث طائفية، مثل الخانكة والزاوية الحمراء وغير ذلك. والطرف الذي «ولغ» في استهداف الأقباط والمسيحيين بمصر، هم الجماعات الإرهابية والتكفيرية المتفرعة من «الإخوان المسلمين» وأمثالهم، ومن ذلك تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية في يناير (كانون الثاني) 2011 بعد حلول السنة الجديدة بـ20 دقيقة في منطقة سيدى بشر، الهجوم الإرهابي نتج عنه 21 قتيلاً ونحو 97 مصاباً. حينها تكالب «الناشطون» ومنهم قوى قبطية، باتهام النظام، نظام حسني مبارك، بأنه هو الذي دبّر هذه العملية، وكادت هذه الراوية أن تصبح هي المعتمدة، وكل ذلك كان من الهراء السياسي في خضم شعبويات ميدان التحرير و«ثورة» يناير في فاتحة الربيع العربي، وبقية الحكاية تعلمونها.
الواقع أن الهجوم كان عن طريق عنصر إرهابي ينتمي لفصيل قاعدي هو «جيش الإسلام» الفلسطيني، وتم العثور على جثة الانتحاري... لم يصدّق أحد حينها هذه المعلومات بسبب الهوس السياسي بإعدام نظام مبارك... علماً بأن «تنظيم القاعدة» وقتها نشط في تفجيرات مماثلة لكنائس مسيحية في العراق، بل تم الإعلان قبلها عن التخطيط لاستهداف كنائس قبطية بمصر، منها كنيسة القديسين بالإسكندرية، عقاباً لهم من التنظيمات الإرهابية.
خالص العزاء لأسر ضحايا كنيسة أبو سيفين وللأمة المصرية جمعاء، ونعلم من هو العدو الحقيقي لوحدة الشعب المصري، وأما الحوادث المؤسفة، بغير قصدية إرهابية - إن كان فعلاً هذا سبب حريق كنيسة إمبابة - فهي تحصل أيضاً مثل حوادث السيارات، وكل ما نرجوه عدم تكرارها وزيادة الاحتياط وترتيبات السلامة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نار إمبابة ومطر المنطق نار إمبابة ومطر المنطق



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 15:00 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

نقاش على "فيسبوك" ينتهي بجريمة قتل في أيت ملول

GMT 11:49 2016 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

هنا شيحة باطلالة مثيرة على "انستغرام"

GMT 08:20 2016 الإثنين ,07 آذار/ مارس

مقتل شخص في حادث سير مروع في القنيطرة

GMT 14:52 2016 الثلاثاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

معطيات "صادمة" عن أوضاع أطفال مغاربة مشرّدين في شوارع مليلية

GMT 02:31 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

عبد المجيد الرافعي يعتبر ذاكرة مدينة طرابلس
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca