«باور» من داخل سجن الحاير!

الدار البيضاء اليوم  -

«باور» من داخل سجن الحاير

مشاري الذايدي
بقلم : مشاري الذايدي

قبل أيام حضرت حفلاً مختلفاً من نوعه، في مكانه وأبطاله ومناسبته ورسالته ومآلاته المستقبلية.
كنت ضمن من تمت دعوتهم لحضور «المهرجان الثالث لبرنامج إدارة الوقت» في مركز سجن الحاير جنوب العاصمة الرياض، وهو السجن المخصص لقضايا أمن الدولة.
مهما قلت فسيكون الأمر صعب التصديق على من لم يحضر الأمر أو يتابع البرنامج من نشأته قبل نحو 7 سنوات، مثل حال كاتب هذه السطور.
هل يعقل أن محبوساً بقضايا تتعلق بتنظيم «القاعدة» أو «داعش» أو الخلايا التابعة لإيران، من شيعة وسنة، وما شابه ذلك من القضايا، يقضي وقته في سجن الحاير بالرياض أو سجن ذهبان بجدة، في الورش المسرحية وتأليف العروض الموسيقية، بكل جد واحتراف؟
هل يعقل أن سيدة، من بنات «القاعدة» أو «داعش» سابقاً، وممن يقضين مدة حكمهن، تقوم بإلقاء الشعر الوطني أو غناء القصائد الكلاسيكية رفقة زميلتها التي تعزف على الجيتار بكل اقتدار، أو زميلها الذي يعزف ببراعة على الكمان، على خشبة المسرح أمام جمع من المتفرجين؟!
هل يعقل أن تقوم شركة تجارية كاملة يؤسسها نزلاء سجن الحاير نفسه، بشراكة مع إدارة السجون في المباحث العامة؟
نعم شركة تبيع منتجات النزلاء ولها متجر كبير يقع في مقدمة مدينة الحاير التابعة لمديرية المباحث العامة، تبيع صنائع السجناء والسجينات، مثل اللوحات الفنية، وقد اشتريت واحدة منها سابقاً ونوهت بواحدة بديعة منها، والمشغولات والمنحوتات، والملابس والإكسسوارات والعطورات وغير ذلك... إنها شركة «باور» الغريبة والجميلة من نوعها.
في تلك الليالي البهيجة التي حضرها فنانون سعوديون منهم يوسف الجراح الذي أشرف على العرض المسرحي، والفنان خالد الفراج، وغيرهما، تحدثت بكل أريحية مع بعض قدامى السجناء الذين يديرون هذه المناشط الزاهية. أحدهم قال لي: مشاري سامحني، فقلت له: على ماذا؟ فأجاب: لقد كنت متشدداً في تكفيرك والهجوم عليك بصفتك «منتكساً» عن الطريق الصحيح، ودائم النقد لنا. ثم قال: كان ذلك قبل أكثر من 15 عاماً...
أطلعني على أوراق كتبها يسرد فيها تجربته الشخصية، ويحاول فيها سرد مراحل «الصحوة» المظلمة في البلاد، ثم قال لي رفيقه عمر: أنا أيضاً لديّ عمل أدبي خاص أود إطلاعك عليه، وجرت أحاديث وحكايات مديدة، نسينا لوهلة أننا في كنف سجن تابع للمباحث... في نهاية الأمر.
الخلاصة التي خرجت بها، هي أن الإنسان الذي يرتكب فعلاً خطيراً بسبب فكرة آمن بها، إذا أخذ وقته المناسب للتفكير، ومنح فرصته لذلك، ولم يتم إشعاره بالنبذ، كما قال لي رجل حكيم بل هو صاحب هذه المبادرة، فإن النتائج غالباً تكون مبشرة جداً.
نعم... برنامج إدارة الوقت لم ينخرط فيه كل سجناء المباحث، ومنهم من يحذر بقية السجناء منه بدعوى أنه حيلة من «الطواغيت»، لكن مع الوقت والصبر، يزداد يوماً إثر يوم بهمة شباب «باور» الجميل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«باور» من داخل سجن الحاير «باور» من داخل سجن الحاير



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 17:46 2015 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار سيارة كيا سيراتو 2016 في المغرب

GMT 04:55 2016 السبت ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تجدد الخلاف بين الهنديتين ديبيكا بادكون وكاترينا كيف

GMT 04:52 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

تعرفي على طرق تنظيف الباركيه والعناية به

GMT 05:03 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

أنطونيو بانديراس يُقدِّم عطرًا جديدًا جذّابًا ومنعشًا

GMT 12:12 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

منة حسين فهمي ترفع شعار "الكلاب يدخلون الجنة"

GMT 15:38 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار سيارة اودي تي تي 2016 في المغرب

GMT 13:25 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

قوات الأمن توقف سبعة سلفيين في مدينتي طنجة وفاس

GMT 09:13 2018 الأحد ,10 حزيران / يونيو

"فوكسهول" تطرح سلسلة سيارات FB-Victor رائعة منذ 1961

GMT 15:20 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

كن انت هذا العام

GMT 14:08 2018 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

ريال مدريد يضع شرطًا لضم توريس جوهرة فالنسيا الشاب

GMT 01:19 2016 الإثنين ,08 آب / أغسطس

هل النعناع يعالج الحموضة؟
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca