مصارع البنات... وتفسير الشنائع

الدار البيضاء اليوم  -

مصارع البنات وتفسير الشنائع

مشاري الذايدي
بقلم : مشاري الذايدي

لعلكم، أيها السادة والسيدات، لاحظتم مؤخراً كثرة أخبار القتل والجرائم الصادمة للشعور العام.
في مصر جريمة مقتل طالبة جامعة المنصورة نيرة أشرف طعناً وذبحاً بالسكين من قبل زميلها في الجامعة، أمام أنظار الجميع بالقرب من باب الباص الذي أقلها ومن معها، وهي جريمة تناثرت شظاياها الصادمة داخل مصر وخارجها، وصار مقتل الشابة الجميلة نيرة، خبراً عالمياً، وقضية رأي عام، ولعل ذلك يشرح سرعة المحاكمة للقاتل ومن ثم صدور حكم الإعدام بحقه وإحالة أوراقه للمفتي، كما هو المعتاد في مثل هذه الحالات بالقضاء المصري.
بعدها بقليل، جريمة أخرى وهي مقتل المذيعة المصرية شيماء جمال والعثور على جثتها مدفونة في مزرعة تابعة لأحد كبار رجال القانون في مصر، وهو زوجها السري الذي قتلها، كما قيل، بسبب شجار عنيف بينهما، لأن الزوجة السرية كانت تريد إفشاء أمر الزواج، كما نشر في الصحافة المصرية. الصدمة في الجريمة الأخيرة أن القاتل هو رجل يشغل منصباً قانونياً رفيعاً جداً في مصر... لكنه يظل في نهاية الأمر إنساناً يعتريه ما يعتري البشر من نوازع الخير والشر أيضاً.
في هذه الأثناء كانت جريمة مقتل الطالبة الأردنية إيمان أرشيد على يد شاب موتور أعلن صراحة لها نيته بقتلها أمام بوابة الجامعة، أسوة بالطالبة المصرية (نيرة) وأقدم على تنفيذ تهديده، لكن برصاصات مسدسه وليس بالسكين المسنونة كما فعل نظيره المصري... هذا المسدس نفسه الذي كان دليله إلى الموت حين انتحر بتصويب مسدسه إلى صدغه، أمام أنظار الكاميرات، حين حاصره البوليس الأردني في قرية خارج العاصمة عمان كانت محطته الأخيرة في رحلة الفرار.
هذه الجرائم الشنيعة، في غضون أيام قليلة، أثارت سؤالاً مشكلاً، وهو: هل هذه جرائم «جديدة» من نوعها على المجتمعات العربية، وغريبة وشاذة، ومقلقة بسبب انتشارها؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما هو سبب هذه «الظاهرة» إن صح وصفها بالظاهرة؟
هل تواترت هذه الجرائم بسبب خلل ما في الأخلاق العامة؟ بسبب مؤثرات تربوية خارجية طارئة؟ وهل «السوشيال ميديا»، ومعها ربما ألعاب العنف والرعب الإلكترونية، مساهمة في «تطبيع» هذه المسالك وتسهيلها؟
نحن نعلم أن «كثرة المساس تفقد الإحساس» أي أن إلف العين والنفس لمشاهد القتل والنحر، على أهون سبب، يقلل من الإحساس بشناعة الجرم، ويجسر الفجوة بين الواقع والخيال، علاوة على أن محاولة الاقتداء بالمشاهد الافتراضية، خصوصاً لدى الشبان الصغار، حافز كبير من حوافز الفعل.
هذا تفسير، لكنْ ثمة رأي يقول، إن الجريمة من طبائع الأمور منذ الأزل، منذ هابيل وقابيل، ولا جديد على مر الجديدين، الليل والنهار، الجديد فقط هو «كثافة» التغطية الإعلامية في كل المنصات، وتعطش حلوق «الميديا» و«السوشيال ميديا» لماء الإثارة وأخبار الجريمة التي تجلب المكاسب الضخمة، والمكاسب في لغة الإعلام هي كثرة القراء والمشاهدين.
لك أن تختار بين الرأيين، وفي تقديري المتواضع، أن كل هذه التفاسير صحيحة، ويفضي بعضها لبعض.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصارع البنات وتفسير الشنائع مصارع البنات وتفسير الشنائع



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 17:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 06:25 2018 الأحد ,29 إبريل / نيسان

أفكار متنوعة وراقية لديكور حفلات الزفاف

GMT 03:33 2018 الثلاثاء ,27 آذار/ مارس

الهاتف Huawei Y7 2018 يظهر في صورة رسمية مسربة

GMT 13:31 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

حسام عاشور على بُعد 3 خطوات مِن الأكثر تتويجًا في العالم

GMT 05:33 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

التحقيق مع مدير بنك اختلس 600 مليون سنتيم في الجديدة

GMT 13:54 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

أبرو يحرز رقمًا قياسيًا في عدد الأندية التي لعب لها

GMT 02:55 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأصفر يعتبر لونًا مبهجًا يجلب السعادة إلى المنزل

GMT 15:09 2016 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

افتتاح مصنع جديد في طنجة لإنتاج الورق المقوى

GMT 23:44 2015 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنعاشور حارس "الوداد" مطلوب في سوشو واتحاد طنجة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca