عاشت الأسامى

الدار البيضاء اليوم  -

عاشت الأسامى

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

النائب الذى تقدم بهذا الاقتراح لمجلس النواب، بمنع الآباء والأمهات من إطلاق أسماء محددة على أبنائهم، لا أتصور أن هناك أغلبية من الممكن أن تتبنى هذا الرأى ليصبح قانونًا، وإلا صارت كارثة متكاملة الأركان، ولا أتصور أن هناك صوتًا فى الدولة يدعو لكى تقنن الدولة صلاحيتها فى اختراق الحريات الشخصية للمواطنين وأبسطها اختيار أسماء أطفالهم، ومهما كانت شطحات بعض الأسماء ودلاتها وبعضها قد يصيبنا بالدهشة، إلا أننا يجب أن نتذكر دائمًا أن الاسم ليس صفة، وأن الناس تتعامل مع الأشخاص بأفعالهم وأقوالهم، وهو ما دفع نقيب الموسيقيين المستقيل للتراجع عن موقفه العنترى ضد مطربى المهرجانات لحثهم على تغيير أسمائهم مقابل منحهم (كارنيه) العضوية، ورغم أنها أسماء حركية وبغرض الشهرة، إلا أن النقيب المستقيل عندما وجد أن اقتراحه أصبح مادة للتندر علينا فى الداخل والخارج تراجع عن موقفه.

الأسماء فى تعدد مصادرها تشير إلى التباين والاختلاف وهو ما يعد مصدرا للقوة.

تميزت مدينة الإسكندرية بأنها مما يطلق عليها (كوزموبوليتان) متعددة الأجناس والأديان واللغات والطوائف، وبالتالى الأسماء، وبالطبع انتقلت هذه الصفة (التعددية) بنسبة ما للعديد من المدن المصرية، ولهذا وجدنا فى ربوع الوطن بانوراما من الأسماء: فرعونى- عربى- تركى- فارسى- كردى- أرمنى- هندى، تراجعنا كثيرا منذ منتصف القرن العشرين عن تلك الصفة. الناس تتعايش ببساطة مع الاسم، فهو لا يحمل دلالة، ولكن فى العادة من الممكن أن يشير الاسم إلى الزمن، غالبا ستكتشف أن من يحمل اسم نجيب ولد بعد ثورة 52 بعامين على أكثر تقدير، تيمنا باسم قائد الثورة الشرفى اللواء محمد نجيب، وبعدها سيطر على المشهد اسمى جمال وناصر، وأحيانا عامر، مثل حفيدى مارى منيب، المطرب الراحل عامر منيب وشقيقه ناصر منيب.

أحيانا يلعب التوجه السياسى دوره، مثل الكاتب الكبير فتحى الرملى، الماركسى الذى أطلق على ابنه اسم لينين، وكان يود أن يطلق عليه فى البداية اسم ستالين، ولكن كان قد سبقه شقيقه اليسارى أيضا بأيام قليلة، وأطلق على ابنه ستالين، فلم يجد أمامه سوى أن يطلق عليه لينين.

مع الزمن صار لينين كاتبا كبيرا، واعتقد البعض أنه يعيش مأساة، رغم أنه لا شيوعى ولا يسارى ولا ناصرى، وكتاباته فى عمقها ترفض (الدوجما) معصوبى العينين محدودى الرؤية المتعصبين لفكرة أو شخص بدون أى مرونة فى إعمال العقل.

إلا أنه تعامل مع الاسم باعتباره فقط اسم، وفى بداية المشوار عندما طلب منه فؤاد المهندس تغيير اسمه لأنه لا يرحب بأن يتصدر لينين الشيوعى اسم مسرحية يلعب بطولتها، رفض تماما تلك المقايضة، وسحب المسرحية، وتمضى سنوات قليلة ليتصدر اسمه صدارة كتاب المسرح العربى، ويكتب مسرحية (سك على بناتك) بطولة فؤاد المهندس، لو تتبعت الأسماء سنجد مثلا أن واحدا من أشهر مطربى الجيل القديم (الأطرش)، بينما الجيل المتوسط (الحجار)، ثم جيل الشباب (حماقى) وهى صفات لو صحت فإنها تتعارض قطعا مع ممارسة الفن وليس فقط الغناء.

الأسماء أحيانًا لها دلالة فى التعبير السياسى، مثلا وليم مكرم عبيد الذى كان يتمتع بحب المصريين، ولهذا فإن عددا كبيرا من الأسر المسلمة كانت تطلق على ابنها اسم وليم، بينما مع رفع شعار كتلة الحياد الإيجابى انتشرت بين الأسماء رؤساء هذه الدولة تيتو ونكروما ونهرو، الذين كانت تتصدر أسماؤهم مانشيتات الصحف، وعندما صعد جاجارين للفضاء فى الستينيات انتشر اسمه فى مصر.

وعاشت الأسامى كل الأسامى

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاشت الأسامى عاشت الأسامى



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 04:38 2016 الأحد ,17 كانون الثاني / يناير

معتقدات متوارثة عن الفتاة السمراء

GMT 18:38 2017 الثلاثاء ,20 حزيران / يونيو

شاروخان يعيش في قصر فاخر في مدينة مانات الهندية

GMT 12:25 2012 الإثنين ,23 تموز / يوليو

إيطاليا، فرانكا سوزاني هي لي

GMT 11:25 2014 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

"عام غياب الأخلاق"

GMT 01:38 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

فالفيردي يحشد قوته الضاربة لمواجهة "سوسيداد"

GMT 21:23 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل مُثيرة جديدة بشأن زواج "شابين" في المغرب

GMT 18:28 2018 الإثنين ,27 آب / أغسطس

جوجل تدعم أذرع تحكم "Xbox" على إصدار Android 9.0 Pie

GMT 13:34 2018 الإثنين ,19 شباط / فبراير

تأجيل النظر في قضية مغتصب الأطفال في فاس

GMT 07:40 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

علماء يبتكرون إبرة تصل إلى الدماغ لتنقيط الأدوية

GMT 17:20 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

"الحوت الأزرق" بريء من انتحار طفل في طنجة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca