الإعلام والثقافة «إيد واحدة»!

الدار البيضاء اليوم  -

الإعلام والثقافة «إيد واحدة»

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

سعدت بالبروتوكول الذى عقدته مؤخرًا (الشركة المتحدة) مع وزارة الثقافة. جاء قرار التعاون متأخرًا بل متأخرًا جدًّا. (تأتى متأخرًا أفضل من أن لا تأتى على الإطلاق) هكذا يقول المثل البريطانى، استبشرت خيرًا لأننا سنبدأ رحلة الألف ميل للحفاظ على ذاكرة الوطن، المهددة دومًا بـ(ألزهايمر) الذى ينخر قبل عقود من الزمان فى كل مظاهر حياتنا، التوثيق يساعدنا على تحديد خطوتنا القادمة، عندما نعرف أين كنا بالضبط؟.

سارعت الشركة المتحدة مع وزيرة الثقافة د. إيناس عبد الدايم بتوقيع ميثاق التعاون المشترك، الذى يعنى حماية العقول والوجدان، من أى اختراق، حتى ولو كان بحسن نية. الوثيقة المعتمدة بالصوت والصورة ستظل هى السلاح الذى يقهر أى محاولة للتزييف أو ادعاء البطولة.

كان المعرض الدولى للكتاب يقيم مئات الندوات المهمة والمفصلية والجريئة خاصة فى مرحلة التسعينيات التى تولى فيها دكتور سمير سرحان المسؤولية، ومعروف أن الهامش الذى تتمتع به الثقافة فى استيعاب الآراء حتى المخالفة أكبر مما يسمح به السقف الرسمى للدولة، ولهذا لم يكن مسموحًا برصدها من خلال التليفزيون.

البث المباشر من الممكن أن يحمل مخاطر، ولكن لماذا لم يفكر أحد فى التوثيق؟ الزمن فى النهاية لا ينبغى أن يصبح عرضة للعبث. التسجيل لا يعنى بالضرورة العرض، وهكذا أصبحنا ننتظر من يحكى لنا عما حدث، وكلنا حتى بحسن نية ومهما ادعينا الموضوعية، قد تضيع أو تغيب عنا بعض التفاصيل، كل منا عندما يستعيد حكاية كان طرفًا فيها، يتذكرها بوجهة نظره الشخصية ومن خلال زاوية رؤيته.

عشنا فى العقود الأخيرة خاصة نهاية الثمانينيات، تحت مرمى صراع حاد بين وزارتى الثقافة والإعلام، عندما اعتلى كرسى الوزارتين صفوت الشريف للإعلام وفاروق حسنى الثقافة، ومعروف أن الوزيرين كانا هما الأقرب للرئيس الأسبق حسنى مبارك، وهكذا امتد بقاؤهما أكثر من 20 عامًا، صفوت الشريف كان من أشد المعترضين على تعيين فاروق حسنى وزيرًا للثقافة خلفًا لدكتور أحمد هيكل، لولا تمسك رئيس الوزراء الأسبق عاطف صدقى.

كما أن هناك مساحة مشتركة بين الوزارتين، إلا أن الصراع بين صفوت وفاروق كان يبدو فى جزء منه صراعًا على اكتساب حب الرئيس ورضاه، صفوت الشريف كثيرًا ما أنفق أموالًا على أوبريت للاحتفال بـ6 أكتوبر على طريقة (اخترناه اخترناه)، الشريف يعلنها مباشرة فى توجيهاته للكتاب والملحنين.

حاول فاروق أكثر من مرة إقناع صفوت بعمل اتفاق لتسجيل الأنشطة الثقافية من مسرحيات وندوات وحفلات، ليحفظها التاريخ، لم يكن العرض الفورى هو الهدف، إلا أن إحساس الشريف أن تسجيل هذه الأعمال سوف يصبح مع الزمن أوراقًا فى صالح خصمه اللدود. كان يحول دون إتمام المشروع. حاولت وزارة الثقافة إنشاء قناة، إلا أنها قطعًا لا تملك أى كوادر فى هذا المجال، فلم يسفر الأمر عن شىء.

خسرنا مئات من المسرحيات والحفلات والندوات، كانت ستصبح ذخيرتنا الحية لإنعاش الذاكرة.

لا ينبغى أن نبكى أكثر من ذلك على اللبن المسكوب، بل نبدأ من الآن فى توثيق النشاط الثقافى، وأكرر ليس مهمًّا أن نعرض فى اللحظة ما يتم تصويره، يجب الحفاظ على ذاكرتنا الثقافية من الضياع وأيضًا الاهواء، أنتظر قريبًا انتعاشه ترصدها شاشات (المتحدة)!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإعلام والثقافة «إيد واحدة» الإعلام والثقافة «إيد واحدة»



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 15:10 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

رئيس الرجاء يحاول اقتناص لاعبين أحرار بدون تعاقد

GMT 05:33 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن موقع هبوط يوليوس قيصر لغزو بريطانيا

GMT 09:33 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

عهد التميمي

GMT 10:19 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الروسي يعلن وصول أول كتيبة من سورية إلى موسكو

GMT 11:50 2016 الثلاثاء ,20 أيلول / سبتمبر

مقتل 4 من عناصر "بي كا كا" في قصف تركي شمالي العراق

GMT 06:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

8 معلومات مهمة عن "جسر العمالقة" تزيد الفضول لزيارته

GMT 17:21 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب الأرجنتين يعلن عن تشكيلته لمواجهة البرازيل

GMT 00:21 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

صحيفة بريطانية تكشف أفضل 10 فنادق في مدينة روما

GMT 22:46 2017 الخميس ,28 أيلول / سبتمبر

حسن الفد يعيد شخصية كبور من خلال عرضه " سكيتش"

GMT 16:29 2017 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

2016 عام حافل بالأنشطة والعروض في الدار العراقية للأزياء

GMT 04:38 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مرضٌ خطير يصيب الأبقار ويعزل عشرات القرى في سطات

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,11 آذار/ مارس

وفاة الممثل المسرحي المغربي إدريس الفيلالي

GMT 00:11 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تحف فنية من الزخارف الإسلامية على ورق الموز في الأردن

GMT 23:14 2016 الإثنين ,25 إبريل / نيسان

ماهي فوائد نبتة الخزامى ( اللافندر )؟

GMT 00:00 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

Velvet Orchid Lumière Tom Ford عطر المرأة الرومانسية

GMT 20:32 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

حيوانات الرنة مهددة بالانقراض بسبب تغير المناخ
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca