(بلدى يا بلدى) أصبحت (شنبو يا شنبو)

الدار البيضاء اليوم  -

بلدى يا بلدى أصبحت شنبو يا شنبو

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

عندما سألوا الموسيقار محمود الشريف عن تحليله لأسباب هزيمة 67؟ أجابهم الحشيش وأم كلثوم، هذا الرأى أدلى به فى زمن الرئيس جمال عبدالناصر وفى عز سطوة سيدة الغناء العربى، كان الشريف يرى أن سهرة أم كلثوم الغنائية التى كانت تقدمها كل خميس فى أول شهور الشتاء، تُحدث نوعا من الإلهاء للمواطنين، وكأنها حشيش، وسمحت الصحافة بالنشر برغم وجود الرقيب.

قبلها فى عام 64 وبعد أن أقيم حفل عيد الثورة، غنى عبدالحليم (بلدى يا بلدى) بحضور الرئيس جمال عبدالناصر، حرص عبدالحليم أن يؤكد على المسرح أن الشاعر مرسى جميل عزيز استلهم الكلمات من خطاباته، والتى يقول فى أحد مقاطعها: (لو تخدم باشتراكية/ وبذمة وبهمة قوية/ أنا زى ما قال ريسنا/ راح اشيلك جوه عنيه/ وإن خدت المركز جاه/ ولعبت اللعب إياه/ ولا همك غير مصلحتك/ وظلمت فى خلق الله/ ح نزمر لك كده أهه/ ونطبلك كده أهه)، نشرت جريدة (الأخبار) بقلم جليل البندارى نقدا لاذعا بسبب (ح نزمر لك كده أهه) وجده تعبيرا لا يليق بالثورة ولا بحضور الرئيس، وشاركه الرأى الكاتب الكبير الرصين سعيد سنبل.من المنطقى أن الدولة راجعت كلمات الأغنية، فكيف تسمح بالهجوم؟، كل شىء كانت ترصده وقتها عيون النظام، وحفل عيد الثورة تحديدا يعتبر الذروة، المعروف أنه عام 66 عندما قرر الموسيقار كمال الطويل أن ينهى علاقته الفنية بعبدالحليم، لأنه بدأ يتدخل فى الألحان، واعتذر عن تلحين رائعة صلاح جاهين (صورة صورة) وتوجه للسفر، بحجة أنه مش فى المزاج، وفى المطار وجد أنه على قائمة الممنوعين، واكتشف أن شمس بدران وزير الدفاع (الحربية) وقتها، عندما علم أنه لن يلحن، أجبره على البقاء والتلحين، وقال له بعد نجاح الأغنية: (أمال لو كنت فى المزاج كنت عملت إيه).
فكيف قدمت (بلدى يا بلدى) فى وجود كل تلك العيون؟، هناك مساحة من الانتقاد سمحت بها الدولة قبل 67 وزادت قطعا بعد 67، ويبدو أن هناك صوتين فى أغنية (بلدى يا بلدى)، الأول استحسن تعبير (ح نزمر لك كده أهه)، والثانى تحفظ، وصلت النيران إلى عبدالحليم ولهذا تمسك بموقفه، بل وقال إنه يتحمل المسؤولية كاملة عن الكلمات، لأنها تعبر عن قناعته أيضا.فى كل الأحوال، لم تحتل (بلدى يا بلدى) مكانة مميزة بين الأغانى الوطنية التى امتلكت القدرة على الصمود مع الزمن، إلا أن الفصل الأخير لهذه الأغنية جاء بمثابة انقلاب درامى.فى رمضان من عام 68 عندما قرر الرئيس عبدالناصر التخفيف عن الشعب، منح الضوء الأخضر للمسلسلات الفكاهية، وهكذا قرروا إنتاج (شنبو فى المصيدة)، وفوجئوا بأن شعبان جاء 29 يوما، ولم يكن كمال الطويل قد انتهى من تلحين (التتر) الغنائى، قال لى مخرج المسلسل يوسف حجازى إنه استدعى فريق العمل للقاء فى الاستوديو، تأخر الطويل قليلا، وعندما لحق بهم وجد الشاعر فتحى قورة وضع كلمات تقطر سخرية على لحن الطويل (بلدى يا بلدى)، الذى صار(شنبو يا شنبو/ والله ووقعت يا شنبو)، غناء فؤاد المهندس وشويكار ويوسف وهبى.ولم يسأل أحد كيف أن أغنية تتباهى بالوطن ومستوحاة من كلمات عبدالناصر تصبح مجالا للسخرية، إنه الهامش السحرى الساخر الذى يجب الحفاظ عليه، حتى تصبح الدنيا دنيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بلدى يا بلدى أصبحت شنبو يا شنبو بلدى يا بلدى أصبحت شنبو يا شنبو



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 00:53 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

يومين راحة لدوليي الوداد بعد "الشان

GMT 04:12 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

رايس يدافع عن الإصلاحات التي تتجه تونس لتنفيذها

GMT 00:02 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

"كرسي معهد العالم العربي" يكرم المفكر عبد الله العروي

GMT 07:36 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

بسيمة الحقاوي تملّص الحكومة المغربية من فاجعة الصوية

GMT 13:23 2015 الأحد ,25 تشرين الأول / أكتوبر

خل التفاح والكريز علاجات طبيعية لمرض النقرس

GMT 05:00 2015 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الشمر والزنجبيل والبقدونس أعشاب للمرارة

GMT 02:45 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

الممثل هشام الإبراهيمي يخوض تجربة الإخراج

GMT 20:41 2015 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

جامعة مراكش الخاصة تشتري كلية الطب في السنغال

GMT 13:26 2015 الجمعة ,17 إبريل / نيسان

فوائد صحية لاستهلاك البطيخ الأصفر

GMT 16:02 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

زيادة مبيعات "تويوتا" في أميركا خلال تشرين الأول

GMT 19:38 2019 الخميس ,17 كانون الثاني / يناير

ملك المغرب يفتح ملفات شائكة مع ممثلة الاتحاد الأوروبي
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca