لو سألوا أم كلثوم عن شارعها في «حيفا»؟

الدار البيضاء اليوم  -

لو سألوا أم كلثوم عن شارعها في «حيفا»

طارق الشناوي
طارق الشناوي

في ثلاثينات القرن الماضي غنّت أم كلثوم في مدينة حيفا، وهي تحت العلم الفلسطيني، هذه الأيام تقديراً لها قررت إسرائيل أن تطلق على أحد شوارعها الرئيسية اسم «الست».

الغضب هنا وهناك، مثلاً في العالم العربي رفضوا المبدأ، بينما في إسرائيل بعضهم غاضبون لأن أم كلثوم كانت واحدة من أهم أسلحة القوة الناعمة لمواجهة إسرائيل في حرب 56 المعروفة بـ«العدوان الثلاثي»؛ حيث شاركت إسرائيل كل من فرنسا وبريطانيا بالهجوم على مصر، غنت أم كلثوم بشعر صلاح جاهين، وتلحين كمال الطويل: «والله زمان يا سلاحي... اشتقت لك في كفاحي... يا حرب والله زمان»، وفي أعقاب هزيمة 67 غنت من شعر نزار قباني، وتلحين محمد عبد الوهاب: «أصبح عندي الآن بندقية»، وتعددت أغانيها، مثل «إنا فدائيون» و«ثوار ثوار» وغيرها.

انتصر الصوت المؤيد لإطلاق اسم «كوكب الشرق» على الشارع الإسرائيلي، لم تكن المرة الأولى، قبل 8 سنوات في مدينة القدس، أطلقوا اسمها على أحد شوارع مدينة «السلام»، واحتفلوا رسمياً بتدشين الشارع المكتوب بالعربية والعبرية، وقدمت مطربة إسرائيلية «أنت عمري» بمصاحبة فرقة موسيقية على الهواء.

أم كلثوم لها شوارع ومقاهٍ تحمل اسمها، في كثير من الدول، مثل العراق وسوريا والمغرب وإسبانيا وفرنسا وغيرها، أكثر شعب عربي يحتفي بأم كلثوم هم التونسيون، الشارع هناك ينافس المصري في حب «الست»، دائماً في الشارع الرئيس بالعاصمة التونسية (الحبيب بورقيبة) يتناهى إلى سمعي طوال 24 ساعة صوت «كوكب الشرق».

إسرائيل تقدم يومياً عبر الإذاعة والتلفزيون أغنيات أم كلثوم، وأحياناً يستعيدون الموسيقي مع وضع كلمات عبرية، ليست فقط أم كلثوم، فهذا يحدث أيضاً مع فريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وفيروز وأحمد عدوية وغيرهم. قبل نحو 15 عاماً حاولوا التواصل مع شاعر «أنت عمري» أحمد شفيق كامل، للحصول على موافقته لترجمة تلك الأغنية بالعبرية، ويومها قال للشاعر عمر بطيشة، الذي كان يشغل موقع رئيس جمعية المؤلفين والملحنين: «يغوروا هم وفلوسهم».

مصر وإسرائيل منذ مطلع الستينات أعضاء في جمعية المؤلفين والملحنين الرئيسية، ومقرها باريس، لأننا نخضع لاتفاقية عالمية لحماية الملكية الفكرية، من المستحيل تغيير شروطها.
الغاضبون في إسرائيل يقولون إنها كانت تحث الجنود على ضرب إسرائيل، فكيف نكرمها؟ بينما المؤيدون، خاصة من أصحاب الجذور العربية، يبدو أن جينات حب صوت أم كلثوم عابرة بطبعها للأجيال، ولهذا فهم سعداء بهذا القرار. سألوا ورثة أم كلثوم عن رأيهم فلم يعقبوا، لاذوا بالصمت، لا موافقة ولا رفض، ماذا لو كانوا قد سألوا أم كلثوم، هل تخيلت «كوكب الشرق» مثلاً أن يوجد لها شارعان في إسرائيل يحملان اسمها، وهناك ثالث في الطريق؟

أظن أنها ستضع خطاً فاصلاً بين عدائها لإسرائيل وتقديم أغانيها، فهي لن تذهب للغناء في تل أبيب مثلاً، لكنها لن تمنعهم من بثّ أغانيها، أو إطلاق اسمها على أكثر من شارع، لأننا في المقابل سنرفض أن نطلق مثلاً اسم «جولدا مائير» على أي شارع عربي، تؤكد الأيام أن الفنانة التي تباهت حتى اللحظات الأخيرة بكونها الفلاحة البسيطة ابنة قرية «طماي الزهايرة»، ستظل بعد مرور كل هذه العقود من الزمان هي صوتنا وفخرنا في الدنيا كلها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لو سألوا أم كلثوم عن شارعها في «حيفا» لو سألوا أم كلثوم عن شارعها في «حيفا»



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 02:16 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

أحدث صور مطابخ عصرية و إرشادات قبل تصميمها

GMT 23:25 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الحدادي يكشف عن سر التحاقه بالمنتخب وروسيا

GMT 20:05 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

ألبا يدافع عن قرار بيكيه باعتزال اللعب الدولي

GMT 19:36 2018 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

"عاليات الهمة" مخيم دعوي نسائي بمكتب الدعوة في أبوعريش

GMT 15:46 2018 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

رد محتشم من الأمم المتحدة على انتهاكات البوليساريو

GMT 08:09 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

بن عتيق يكشف آخر تطورات أزمة المغاربة العالقين في ليبيا
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca