مصر.. هواها ليس سلفيًا

الدار البيضاء اليوم  -

مصر هواها ليس سلفيًا

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

فى العديد من اللقاءات التى تجمعنى بدوائر من الزملاء يتكرر هذا التعبير (مصر هواها سلفى)، مستندين إلى ما يتناثر عبر (السوشيال ميديا) من تزمّت مفرط بقشور الإسلام.

تزداد نبرة هذه الأصوات بعد كل حادث حزين يمر به الوطن، وآخرها ذبح الشهيدة نيرة.. وجدنا فى العالم الافتراضى من يضع على رأسها حجابًا، لأنه لا يجوز أن تلتقط لها صورة وهى سافرة، وهناك من بدأ يتساءل عن جواز الرحمة على غير المحجبة، وهو ما دفع شيخ الأزهر إلى إعلان أن عدم ارتداء الحجاب معصية وليس من الكبائر، والكذب معصية أكبر.. أنتظر من مشيخة الأزهر أن توضح للجميع أن الفروض فى الإسلام خمسة، ليس بينها ارتداء الحجاب، ونغلق تمامًا هذا الباب.. مع الأسف، لم يعد مسموحًا بمناقشة قضية فرض الحجاب على المستويين الإعلامى والدرامى، رغم أن الناس كلها تشاهد على (اليوتيوب) الرئيس جمال عبدالناصر وهو يسخر على الملأ من مرشد الإخوان الهضيبى عندما طلب منه فرض الحجاب على النساء، فقال له (مش قادر تحجّب بنتك الطالبة بكلية الطب، وعايزينى ألبس طرح لعشرين مليون مصرية).. عبدالناصر أنهى كلمته بأنها حرية شخصية، اختيار وليس إجبارًا.

مصر تعرّضت فى نصف القرن الأخير لمؤامرة كبرى بدأت بتحجيب الفنانات، وحكى لى كاتب كبير راحل عن المطربة الكبيرة التى كان منوطًا بها التواصل مع النجمات والإعلاميات لإقناعهن بالحجاب (وكل برغوت على قد دمه)!!.

انتشار الحجاب منذ السبعينيات لم يكن مجرد قرار، ولكن خطة محكمة للوصول إلى كل فئات المجتمع، مع انتشار ظاهرة احتلال السلالم، أثناء الصلاة، فى كثير من الهيئات الرسمية، على رأسها (ماسبيرو)، لما يحمله من دلالة سياسية.. رغم وجود جامع فى المبنى.. هناك رسالة فى الصلاة الجماعية خارج الجامع تعنى أن الدين صار هوية.

ما نتابعه من أصحاب الحناجر العالية الذين احتلوا الوسائط الاجتماعية يؤكد أن الأمر ليس أبدا عشوائيا، يخططون لاحتلال العقول من خلال السيطرة على هذا العالم الجديد، يخلقون من عالمهم الافتراضى حقيقة جديدة، مستندين إلى أننا نعيش فى زمن (ما بعد الحقيقة)، يفرضون علينا حقيقة متخيلة.

لو تابعت كل الكتابات المتناثرة، ستجدها سبًا وقذفًا وإرهابًا ضد كل من لا ترتدى الحجاب. الهدف فرض السطوة الدينية على الجميع، من تريد الأمان والسلامة عليها أن تسارع بارتداء الحجاب، وبالطبع أمام السيف المشهر على الرقاب، فلا فرق بين مسلمة ومسيحية.

ننتظر الكثير من المؤسسة الرسمية الدينية فى مصر لمواجهة تلك الحالة من التراجع فى فهم الدين، الذى يعلى من شأن الحرية (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).

ليست المشكلة فى ارتداء الحجاب ولكن تداعياته.. عندما يتحول عند البعض إلى إعلان عن التقوى والإيمان واضعا غير المحجبة مسلمة أو مسيحية فى دائرة الغواية، فما الذى ننتظره بعد ذلك؟.

بالنسبة لى كل هذه مظاهر لاستعراض القوة، ولا تعنى بالضرورة أنها تعبر عن قوة حقيقية. إنهم فقط الأعلى صوتًا، أصحاب الحناجر العالية يريدونها سلفية، وعندما ننتفض ونعلن رفضنا كل هذه المظاهر، سيتضح أن الأغلبية تعبر بدقة عن مصر الوسطية (موسى نبى، عيسى نبى، محمد نبى.. وكل من له نبى يصلى عليه).. مصر دائما وسطية ولن تكون أبدًا سلفية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر هواها ليس سلفيًا مصر هواها ليس سلفيًا



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 11:51 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

أوروبا تضع الخطوط العريضة لإدارة "اتحاد الطاقة"

GMT 00:48 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

ستيفاني صليبا سعيدة بردود الأفعال عن "فوق السحاب"

GMT 01:07 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

اللون الزهري في الحذاء الرياضي أحدث موضة

GMT 08:45 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

فريق الجمباز يعلن دعمه لضحايا الاعتداءات الجنسية

GMT 03:52 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

مرتضى منصور يكشف حقيقة عروض احتراف الشناوي

GMT 22:04 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

واريورز يُحقّق الفوز التاسع له على لوس أنجليس في دوري السلة

GMT 03:39 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

سعر الدرهم المغربي مقابل الدولار الأميركي الإثنين

GMT 01:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

افتتاح المعرض الدولي والأشغال العمومية في الدار البيضاء

GMT 14:49 2015 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

العبي دور الزوجة العشيقة

GMT 22:47 2016 الخميس ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تعنيف مغربية حاولت التقاط الصور من داخل طائرة تونسية

GMT 13:33 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب اتحاد طنجة بادو الزاكي يقترب من الرجيل عن الفريق

GMT 13:43 2015 الجمعة ,30 كانون الثاني / يناير

إطلاق سراح عامل مصري كان مختطفا في سرت الليبية

GMT 01:06 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الملكة رانيا العبدالله تزور مخيمات للروهينغا في بنغلادش
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca