من فاتن حمامة إلى نيللي كريم

الدار البيضاء اليوم  -

من فاتن حمامة إلى نيللي كريم

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

كل من يشاهد مسلسل (فاتن أمل حربي) بطولة نيللي كريم يستدعي إلى ذهنه فوراً فيلم (أريد حلاً) بطولة فاتن حمامة، في دور (درية)، المرأة التي تطالب بالطلاق وتظل في المحاكم عدة سنوات وينتهي الأمر برفض الدعوى.
لم تلتقِ فاتن حمامة ونيللي كريم، فنياً إلا مرة واحدة، والغريب أنها جاءت في أول إطلالة درامية لنيللي، وآخر إطلالة لفاتن في مسلسل (وجه القمر).
القضية في كل المجتمعات العربية شائكة جداً، والاقتراب أيضاً منها درامياً، محفوف بالمخاطر مع اختلاف الدرجة.
إحدى الهيئات التابعة للأزهر الشريف تحركت ضد المسلسل، والغريب أن عدداً من الغاضبين تحدثوا للإعلام، وأكدوا أنهم لم يشاهدوا المسلسل، ولكنهم تابعوا ردود الفعل من (السوشيال ميديا)، أي أنهم حددوا موقفهم بناء على فكر وعيون الآخرين.
داخل الأزهر الشريف هناك من يسأل، لماذا لم يعرض المسلسل على اللجان المتخصصة التابعة لهم، وفيها قطعاً علماء أفاضل منوط بهم الموافقة أو الرفض، بناء على قواعد فقهية مستقرة؟ الرقابة على المصنفات الفنية في مصر هي الجهة التي تراجع النصوص الدرامية، والمسلسل عمل فني اجتماعي لا يقع في إطار الدراما الدينية، حتى لو كان يتناول أموراً فقهية، ولهذا لم يتقدموا بالسيناريو للأزهر الشريف. ستكتشف أن هناك إشارة في (التترات) إلى عالِم أزهري جليل د. سعد الدين الهلالي، وهو أحد الأصوات التي تملك رحابة فكرية، ولهذا لجأ إليه صُناع المسلسل للمراجعة الدينية، ليتواءم مع التوجه الذي يعبر عنه صُناع المسلسل في تعاطفهم مع المرأة، التي تلقى معاملة سيئة من زوجها، وتطلب الطلاق.
في مصر وقبل بضع سنوات يطبق قانون (الخُلع)، إلا أنه يجرد المرأة من حقوقها المادية، فهي تحصل على الطلاق في فترة زمنية وجيزة، وعليها قطعاً أن تتحمل أعباء اقتصادية، وهو ما يدفعها لمعركة أخرى من أجل الحصول على حقوقها هي وابنتيها. المسلسل لا يكتفي بهذا القدر، ولكنه يقدم رجل دين، محمد الشرنوبي، يرتدي (كاجوال) ويذهب للكازينو، ويلتقي نيللي كريم، وهو ما اعتبره قطاع من الشيوخ خروجاً عن الوقار المطلوب.
لا يوجد ما يحول دون ذلك فقهياً، ولكنهم يريدون صورة نمطية (ستيريوتايب) للشيخ حتى لو كانت تخاصم المنطق.
هل نملك مقياساً زئبقياً نحدد من خلاله أين يقف الشارع؟ رأينا على السطح غضباً عالي الصوت يحتل (السوشيال ميديا)، وهو متوقع، كما أن الأصوات المحافظة في كل المجتمعات تميل أكثر لبقاء الحال على ما هو عليه، ولهذا قد نقرأ بتعجل أن تلك هي إرادة الأغلبية، والحقيقة أنها تعبر عن القطاع الأعلى صوتاً في (الميديا).
أضف إلى ذلك أن شخصية كاتب المسلسل إبراهيم عيسى بطبعها مثيرة للجدل، ومجرد وجوده في أي عمل فني يفتح الباب أمام كثير من التساؤلات؛ هناك من يتحفز ضده شخصياً، ويتحفظ على آرائه سياسياً واجتماعياً، وعلى مدى تجاوز 30 عاماً نراه دائماً في بؤرة المعركة، وكثيراً ما وقف أمام المحاكم، وله قضية شهيرة مع الرئيس الأسبق حسني مبارك بتهمة التشهير كادت تزج به في السجن.
(فاتن أمل حربي) كيف تنتهي واقعياً ودرامياً؟ المسلسل سوف يستمر عرضه في كل القنوات، ولن يصادره أحد، أما على المستوى الدرامي فإن النهاية، التي ربما يلجأ إليها عيسي مع المخرج محمد العدل، تقديم نهايتين؛ واحدة سعيدة باستقلال (فاتن أمل حربي) نهائياً عن طليقها ومعها ابنتاها ويغلق تماماً القوس، والأخرى، تعود إليه مقهورة ويظل القوس مفتوحاً، ومن المحتمل أيضاً ألا يقدم لا هذه ولا تلك؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من فاتن حمامة إلى نيللي كريم من فاتن حمامة إلى نيللي كريم



GMT 20:42 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

شاعر الأندلس لم يكن حزيناً

GMT 20:40 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

كي لا تسقط جريمة المرفأ بالتحايل

GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 18:26 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 07:43 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:21 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

الرباط يحرر سعر صرف الدرهم في العام المقبل

GMT 22:45 2016 الجمعة ,18 آذار/ مارس

مسلسل مركب محمد الخامس

GMT 13:25 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

حساب مزيف يربك حسابات اللاعب السينغالي نياسي

GMT 10:06 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

ريال مدريد يخطط استرجاع عمر ماسكاريل إلى صفوفه

GMT 15:00 2015 الأحد ,27 أيلول / سبتمبر

نبات الزعفران سلاح فتاك لطرد السموم من الجسم

GMT 14:36 2016 الجمعة ,23 أيلول / سبتمبر

طريقة عمل الملبن بالمكسرات

GMT 05:00 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

10 أسئلة تهدم فترة الخطوبة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca