«ما تهربش عليّ»

الدار البيضاء اليوم  -

«ما تهربش عليّ»

سمير عطاالله
بقلم - سمير عطاالله

كل شيء كان عصابياً شعبوياً وطفولياً ساذجاً في قمة بغداد التي أعطيت الاسم الفصيح «الصمود والتصدي»، خصوصاً الإصرار على طرد مصر من الجامعة. وكان المعترض الوحيد على قرار الفتوة هذه الأمير سعود الفيصل، لكنه عاد عن موقفه لكيلا يُتّهم «بتمزيق وحدة الصف العربي»!، فقد أدرك أن العراق قرر أن يستغل الموقف من «كامب ديفيد» لكي يتزعم عالماً عربياً ليست فيه كبرى الدول العربية ولا هالتها.

كل شيء كان اعتباطياً في تلك المرحلة، إلا اختيار الشاذلي القليبي أميناً عاماً للجامعة. كان الشاذلي مجموعة الكفاءات الدبلوماسية والسياسية والصدق القومي، كما كان من فريق الحبيب بورقيبة، الذي ساهم في بناء الدولة بعد الاستقلال، وتمتين انتماء تونس العروبي بعد سنوات من الغياب الاستعماري.
خرجت مصر من الجامعة «على يد» القليبي، وعادت إليها «على يده»، أيضاً. وقد أدركت من لقاءات معه، أنه كان يتمنى لو بقي فترة قصيرة وهو أمين عام في القاهرة لكي لا يؤخذ على تاريخه القومي أنه كان الأمين الوحيد خارج مصر.
لكن مزاج مصر العائدة إلى الدور الأم، لم يكن يسمح بذلك. وكان شعور القاهرة مزدوجاً حيال سياسي نجح في إقامة جامعة بديلة بعيداً عن ميدان التحرير: من ناحية هو الرجل الذي أخذ «جامعتها»، ومن ناحية أخرى كان ماهراً في مراعاتها وبارعاً في التصرف كأن تونس محطة مؤقتة للبديل في انتظار عودة الأصيل.
كانت ولاية القليبي في الجامعة مثمرة وهادئة ودبلوماسية، خصوصاً أنه جاء بعد محمود رياض، الذي كان يعوزه الهدوء والدبلوماسية وشيء من التواضع الذي اتسم به جميع من سبقوه ومن خلفوه. وكان محمود رياض يثير من المشكلات أكثر مما يحل. وقد طغت على ولايته صورة الفريق بدل الوسيط.
عندما خرج القليبي من الجامعة، عاد إلى بحره الأثير؛ الثقافة. وطوى تجربته في حوار جميل مع صحافية فرنسية، يؤسفني الآن أنني نسيت عنوان مؤلفها، مع أنني كتبت يومها عنه في هذه الزاوية. مثل معظم رفاق بورقيبة، طغى الجانب الثقافي على حياة القليبي. ومثلهم أيضاً كان غني الثقافتين؛ الفرنسية والعربية. ويوم سُئل إن كان بورقيبة هو الذي رشحه لمنصب الأمين، قال إن الذي حدث هو العكس. فقد كان مُصرّاً على أن يبقى إلى جانبه في الإدارة. غير أن رئيس الوزراء، الهادي نويرة، ألحَّ عليه في القبول.
وبعد انتهاء مراسم التعيين، جاء يشكر بورقيبة ويودعه. فقال له الرئيس وهو خارج: قليبي، ما تهربش عليّ! أي لا تبتعد عني.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ما تهربش عليّ» «ما تهربش عليّ»



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 00:01 2018 الأربعاء ,16 أيار / مايو

دجاج على الطريقة الصينية "دجاج كانتون"

GMT 22:00 2017 الأربعاء ,19 تموز / يوليو

الارشيف الوطني ومشجب أسرار الدفاع الوطني

GMT 03:34 2017 الثلاثاء ,10 كانون الثاني / يناير

طرح منزل الكشافة بادن باول للبيع مقابل 3.5 مليون استرليني

GMT 16:43 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

متشرد يوقف "طرامواي’" الدارالبيضاء في الحي المحمدي المغربي

GMT 11:24 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

وفاة الفنان حسن كامي والفنانون ينعوه برسائل مؤثرة

GMT 06:35 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر نفط عُمان يرتفع الى 71.14 دولار الخميس

GMT 12:44 2018 الأحد ,14 تشرين الأول / أكتوبر

هوجو جاستون يحرز ذهبية التنس في أولمبياد الشباب

GMT 07:00 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

ألوان ظلال الجفون "الصارخة" تسيطر على موضة الخريف

GMT 22:22 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

اكتشفي طرق سهلة و مريحة لتنظيف أواني الطهي

GMT 07:08 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

تعرف على سبب تسمية الجامع الأزهر

GMT 04:42 2018 الخميس ,14 حزيران / يونيو

حجز أدوية مهربة وغير مرخصة في بني ملال

GMT 17:41 2018 الأحد ,27 أيار / مايو

نجوم الكرة يتعاطفون مع النجم صلاح

GMT 08:51 2018 السبت ,19 أيار / مايو

6 حلول فعالة لعلاج قشرة الشعر الموسمية

GMT 09:55 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

مباريات حارقة ضمن الجولة الـ27 للبطولة الاحترافية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca